هذه نكتة ظريفة، وهي نصف الحقيقة، أما نصفها الآخر، فمعظم من تتصل بهم لتقديم خدمة عبر الهاتف، بعد أن يتعثروا في خدمتك، ويرفضوا طلبك، ويحملوك الخطأ، أو يقولوا لك إن النظام لا يسمح بذلك، أو إنك أخطأت وتم تحميلك غرامة فادحة، يختمون المكالمة بعبارة "معك التقييم!"، فهل تتوقع أن أقول لك: تقييم رائع، أو أرسل لك قبلات الكترونية؟!
عندما تواجه صعوبات في أي موقع الكتروني وتعترض، يقولون لك: "افتح مذكرة اعتراض"، ثم يتم إغلاق مذكرتك دون أن تُحل مشكلتك، وعندما تطلب التواصل مع المسؤول، يجيبونك "افتح مذكرة اعتراض على المذكرة!"، ثم يأتيك الرد بمذكرة أخرى تفيد بأنه تم إغلاق الشكوى من الموظف نفسه الذي اشتكيت عليه، لأن شكواك عليه ذهبت إليه! وعندما تطلب كائنا بشريا يرد عليك، يكررون الطلب "افتح مذكرة!"، وأخيرا، تأتيك الرسالة النهائية "سعداء بخدمتكم"، ومعها طلب تقييم الخدمة على هاتفك المحمول!
وإن قدر الله لك أن تتصل أيضا، فإنك ستقابل بأفضل الألفاظ، لكنك ستودع بأقلها! والأمر الإيجابي في الموضوع، ولله الحمد، أن المكالمات مسجلة لضمان جودة الخدمة وتوثيق الأخطاء من الطرفين، لا سمح الله، لو وصل الأمر إلى شخصنة! ولكن، في حال عدم الرضا عن الخدمة، إلى من المشتكى؟ ربما تفكر معي، عزيزي القارئ، أنك بحاجة إلى جهة (أو إدارة مستقلة) تحدد لك من هو المخطئ!
بقي أن نقول: إن لم تُحل مشكلتك، فلا تفكر أبدا في سياسة التصعيد داخل المنشأة، لأن المشكلة تبدأ من المذكرة أو المكالمة، وتنتهي بالمكالمة! أما آلية التصعيد، إن وافقوا عليها - لا سمح الله - فستُرفع شكواك إلى زميل الموظف الجالس بجواره، ثم إلى زميله الآخر في الكرسي المقابل، وهكذا! فالتصعيد عندهم أفقي، وليس رأسيا! ويرى صاحبنا أن التصعيد يجب أن يكون محوكما بشفافية، بمعنى أن يعرف المشتكي إلى من يتم التصعيد، حتى يحسم الأمر بمذكرة قانونية، تزود بها كل الأطراف، ليسهل الرجوع إليها في حال التقاضي (لا سمح الله طبعا!).
وأخيرا، ليت التقييم السيئ يجدي نفعا، أو التقييم الحسن يُحدث فرقا، فكلاهما مجرد أرقام تُجمع! بينما - ربما - تظهر للمسؤول أرقام أخرى، تعكس الوجه السعيد للتقييم! وإذا ظهر الوجه الباكي، فهو يبكي من شدة الفرح! وبعبارة أخرى، لا أحد يبالي، ما دامت الأرقام لا تنشر! فالكل مبتسم، إلا أولئك الذين ملوا واتجهوا لديوان المظالم، أو المحاكم العمالية، أو المحاكم العامة!
ثمة أمر آخر، متى كانت آخر مرة أعطيت فيها تقييما سيئا، واتصل بك أحدهم ليعرف السبب؟
أخيرا، عزيزي القارئ، شكرا لقراءتك هذا المقال... ومعك التقييم!
0 تعليق