يشهد الشارع الأردني منذ أسابيع موجة احتجاجات ومسيرات شعبية واسعة في جميع المحافظات والمدن والبوادي، تعبيرا عن الرفض القاطع لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه. اضافة اعلان
جاءت هذه الاحتجاجات ردا على تصريحات الرئيس الأميركي ترامب وخطط العدو الإسرائيلي تجاه قطاع غزة، وسط مخاوف من محاولات فرض سيناريوهات التهجير القسري التي تتعارض مع الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وتمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي.
وفي ظل هذه التطورات، يلتف الشعب الأردني بكافة أطيافه حول القيادة الهاشمية، التي تؤكد موقفها الثابت في رفض أي مشاريع تستهدف تصفية القضية الفلسطينية أو تغيير الهوية الديموغرافية للأرض المحتلة.
فقد أكد الملك عبد الله الثاني مرارا أن الأردن لن يقبل بأي محاولات لفرض واقع جديد على حساب حقوق الفلسطينيين، وأن المملكة ستواصل جهودها الدبلوماسية والسياسية لحماية الشعب الفلسطيني ومنع تهجيره، مستندة إلى دعم شعبي واسع يعكس وحدة الموقف الأردني الرسمي والشعبي في مواجهة هذه المخططات.
وتعكس هذه المظاهرات موقفا تاريخيا راسخا لدى الأردنيين، إذ يرتبط الشعبان الأردني والفلسطيني بروابط أخوية ووطنية متينة، تجعل أي تهديد للفلسطينيين بمثابة تهديد للأردن ذاته. ويمكن تلخيص أبرز أسباب هذه الاحتجاجات فيما يلي:
يرفض الأردنيون التهجير القسري رفضا قاطعا، إذ يرون أن أي تهجير جديد للفلسطينيين يشكل تهديدا مباشرا للهوية الوطنية الفلسطينية، وسيفضي إلى تداعيات إقليمية خطيرة، في ظل محاولات الاحتلال الإسرائيلي تكرار سيناريوهات النكبة والنكسة.
كما يرفض الشعب الأردني تصفية القضية الفلسطينية، ويعتبر الأردنيون أن تهجير الفلسطينيين سيؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، وإلغاء حق العودة الذي يعتبر أحد الثوابت الوطنية الفلسطينية والعربية.
ومنذ احتلال فلسطين، كان الأردن في طليعة الدول التي دعمت القضية الفلسطينية سياسيا وشعبيا، واحتضن مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين رفضوا التنازل عن حقوقهم المشروعة.
وباعتبار الأردن وصيا على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، من خلال الوصاية الهاشمية، يرى الشعب الأردني أن أي تهجير جديد للفلسطينيين سيمثل خطرا مباشرا على الهوية العربية والإسلامية للمدينة المقدسة.
تجلت هذه الاحتجاجات في أشكال متعددة من الحراك الشعبي، في المسيرات الحاشدة حيث خرج آلاف الأردنيين في مسيرات ضخمة في العاصمة عمان، وإربد، والزرقاء، والكرك، ومعان، والطفيلة، والعقبة، بالإضافة إلى مناطق البادية الأردنية، حيث رفع المتظاهرون الأعلام الأردنية، مرددين شعارات تدعو لدعم صمود الفلسطينيين ورفض التهجير القسري.
فشهدت العديد من المناطق وقفات احتجاجية أمام سفارات بعض الدول الكبرى، مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف حاسم ضد السياسات الإسرائيلية.
كما أقيمت الاعتصامات والمهرجانات الخطابية في عدة فعاليات خطابية في الجامعات والنقابات المهنية، حيث أكد المتحدثون أن تهجير الفلسطينيين هو خط أحمر لا يمكن القبول به.
إضافة إلى التضامن الإلكتروني والإعلامي حيث انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملات تضامن واسعة، حيث تصدر وسم #لا_للتهجير و#الأردن_يرفض_تهجير_الفلسطينيين** قائمة الترند، مع رسائل تؤكد على وحدة المصير بين الشعبين الأردني والفلسطيني.
لقد حظيت هذه المظاهرات بدعم من شخصيات سياسية وبرلمانية ونقابية، حيث أكدت الحكومة الأردنية موقفها الرافض لأي محاولات لفرض تهجير جديد للفلسطينيين، وأكد الملك عبد الله الثاني في عدة مناسبات أن الأردن لن يسمح بأي تغيير ديموغرافي قسري في فلسطين، محذرا من أن أي محاولات في هذا الاتجاه ستؤدي إلى كارثة إنسانية وأمنية. كما قامت الحكومة بتكثيف جهودها الدبلوماسية، ووجهت رسائل تحذيرية إلى المجتمع الدولي بشأن خطورة هذه السياسات الإسرائيلية.
وفي ظل الأبعاد الإقليمية والدولية تأتي هذه المظاهرات في اثناء تصاعد التوترات الإقليمية، حيث يخشى العديد من الأردنيين أن يكون التهجير الفلسطيني مقدمة لمخطط أكبر يستهدف إعادة ترتيب خريطة المنطقة، بما يتعارض مع الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني. كما تضع هذه التطورات المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، إذ لا يمكن القبول بسياسة العقوبات على بعض الدول، بينما يتم التغاضي عن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي.
يواجه الأردن تحديات كبيرة في هذا الملف، حيث يسعى للحفاظ على استقراره الداخلي وسط أوضاع إقليمية متوترة، بينما يواصل الدفاع عن حقوق الفلسطينيين ومنع أي محاولات لفرض حلول تتجاهل إرادة الشعبين. إن الموقف الأردني الرسمي والشعبي يتناغم في رفض أي مخططات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، إذ يشكل ذلك تهديدًا مباشرًا ليس فقط للقضية الفلسطينية، ولكن أيضًا للأمن القومي الأردني واستقرار المنطقة ككل.
ومن المتوقع أن تستمر هذه الاحتجاجات ما لم يتم وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وضمان عدم المساس بحقوق الفلسطينيين في أرضهم. وتبرز هنا أهمية الدور الذي تلعبه القيادة الهاشمية، التي تعمل على توظيف جميع الأدوات الدبلوماسية والسياسية لوقف هذه الانتهاكات، في ظل دعم شعبي واسع يعكس مدى الالتفاف الوطني حول هذه القضية المصيرية.
وتعكس هذه المظاهرات الأردنية عمق التضامن الشعبي مع فلسطين، وتؤكد أن أي محاولات لتهجير الفلسطينيين لن تمر دون رفض قاطع من قبل الشارع الأردني، الذي يواصل التعبير عن موقفه الواضح من خلال المسيرات والفعاليات المختلفة. يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تحويل هذا الزخم الشعبي إلى ضغط سياسي ودبلوماسي مؤثر، يساهم في حماية الحقوق الفلسطينية، ويمنع تنفيذ أي مخططات تهدد استقرار المنطقة وتعيد إنتاج النكبات الإنسانية.
صوت الشعب الأردني في رفض تهجير الفلسطينيين
![صوت الشعب الأردني في رفض تهجير الفلسطينيين](https://elbrqnews.com/temp/thumb/900x450_uploads,2025,02,11,d7271d7b82.jpg)
صوت الشعب الأردني في رفض تهجير الفلسطينيين
0 تعليق