بقلم: عاموس هرئيل 11/2/2025
إعلان حماس أول من أمس تجميد تطبيق المرحلة الأولى من صفقة المخطوفين كان يلوح في الأفق منذ بضعة أيام. في جهاز الأمن كان هناك من حذروا في الفترة الأخيرة من احتمالية ذلك. أولا، الحديث يدور عن منظمة يمكنها تشخيص نقطة ضعف إسرائيلية محتملة، وهي تعمل وفقا لذلك. الضجة التي أثارتها عودة المخطوفين الثلاثة السبت الماضي، في حالة صحية صعبة، وفي أعقاب ذلك الخوف على المخطوفين الباقين، وفرت لحماس أداة ضغط جديدة. ثانيا، في غزة كان يمكنهم رؤية التطورات بين القدس وواشنطن. إذا كانت إسرائيل صرحت في الأصل بأنها لا تنوي التقدم إلى المرحلة الثانية، فلماذا ستكون لحماس مصلحة في التنازل عن ورقة مساومة أخرى بالنسبة إليها وإطلاق سراح مخطوفين آخرين؟.اضافة اعلان
حماس تتهم إسرائيل بخروقات عدة، في اتفاق وقف إطلاق النار بسبب الصعوبات التي وضعتها على حركة الفلسطينيين إلى شمال القطاع و‘طلاق النار على السكان، الذين اقتربوا من قوات الجيش الإسرائيلي. ولكن من الواضح أن هذا بالأساس مبرر تختفي خلفه الاعتبارات الحقيقية. أول من أمس، أعلنت حماس أن المخطوفين الثلاثة الذين كان يجب إطلاق سراحهم السبت المقبل سيبقون لديها إلى إشعار آخر. هذه نقطة خطيرة جدا في المفاوضات ويمكن أن تؤدي إلى اندلاع أعمال عنف جديدة، حتى انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل إلى حيز التنفيذ، فقط قبل ثلاثة أسابيع ونصف.
رئيس الحكومة جر إلى المرحلة الأولى رغم أنفه بسبب اندماج ضغوط استثنائية في قوتها من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمليارديرة المقربة منه مريام ادلسون، وجهاز الأمن والجمهور في إسرائيل. مؤخرا، حتى قبل إعلان حماس، حاول نتنياهو تخريب المفاوضات، وبالأساس منع الانتقال إلى المرحلة الثانية التي وافق عليها مبدئيا، لكن تفاصيلها لم يتم الاتفاق عليها. عمليا، لم تتم مناقشتها بعد. في السابق قام بإبعاد رؤساء جهاز الأمن عن إجراء المفاوضات حول الاتفاق واستبدلهم بالمقرب منه الوزير رون ديرمر.
محاولة منع استمرار الصفقة، ربما حتى قبل تطبيق النبضات الأخيرة في المرحلة الأولى، تندمج مع خطوات أخرى يعمل عليها نتنياهو بشكل حثيث، مثل تمرير الميزانية وضمان استمرار حكومته، الهدف الأكثر أهمية استبدال رؤساء جهاز الأمن وإلقاء كل المسؤولية عن الفشل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) عليهم. منع تشكيل لجنة تحقيق رسمية بأي ثمن.
الصدمة المصطنعة التي أظهرها نتنياهو إزاء خطوات رئيس الشاباك رونين بار – قبل يومين عندما طلب بار المشاركة في جلسة الحكومة والتحدث لصالح تشكيل لجنة التحقيق الرسمية ونتنياهو سماه بـ"موظف" – هي جزء من الخطة التي تهدف إلى إبعاد شخصيات رفيعة عن مناصبها. ليس دائما نتنياهو يقوم باستبدالهم بالضرورة بـ"أشخاص مسالمين". فبدلا من رئيس الأركان هرتسي هليفي، اضطر إلى تعيين مرشح مناسب، الجنرال احتياط ايال زمير، الذي لا يدين له بأي شيء. بقي أن نرى إذا كان م. نائب بار إلى ما قبل فترة قصيرة (وصديقه المقرب)، الذي تم تعيينه في المنصب عضوا في طاقم المفاوضات، ستتم ترقيته لرئاسة الجهاز.
السؤال هو ليس كيف يتصرف نتنياهو، أو حتى حماس التي ما تزال تخضع لتأثير دول الوساطة، بل ما الذي سيفعله ترامب. الرئيس الأميركي أضاع أسبوعا من الاتصالات الحاسمة لاستمرار الاتفاق عندما طرح الفكرة، تهجير سكان غزة. مشكوك فيه ما إذا كانت هذه الفكرة منطقية، وتصعب رؤية موافقة العالم العربي عليها في القريب. حتى الآن ترامب يرفض التخلي عنها، لذلك فإن جدول الأعمال الإقليمي تغير وفقا لذلك. ربما ترامب يعتبر هذه الخطوة "موقف مساومة"، جزء من التكتيك الذي اتبعه أكثر من مرة في هذا الشأن: طرح طلب متطرف يجبر اللاعبين الآخرين على إعادة فحص مواقفهم وإبداء المرونة في صالحه.
في الوقت القريب سيحلق في الجو هذا الاقتراح، ولكن في هذه المرحلة تصعب رؤيته يدفع قدما. في هذه الأثناء ترامب يتأرجح بين قطبين آخرين: ضغط نتنياهو للسماح له بالانسحاب من الاتفاق والعودة إلى الحرب في نهاية المرحلة الأولى (هناك من يقدرون أن رئيس الحكومة عاد من زيارته في واشنطن مع وعد في هذا الاتجاه). وأمام الضغط الذي تستخدمه ادلسون، التي يوجد لها خط مفتوح مع الرئيس، وعائلات المخطوفين.
بعد عودة المخطوفين الثلاثة يوم السبت الماضي، وهم يعانون من الجوع وفي حالة صدمة واضحة، ووصف ما مر عليهم من فظائع في الأسر، فإن "حالة" عائلات المخطوفين الآخرين قوية بشكل خاص. هذه الأمور فطرت أيضا قلب ترامب، وأول من أمس، قارن من تم تحريرهم بالناجين من معسكرات الإبادة النازية. حسب جميع الاستطلاعات، فإن غالبية ساحقة في الجمهور الإسرائيلي تؤيد استكمال الصفقة، حتى بثمن الانسحاب من القطاع وإطلاق سراح آلاف (الأسرى الفلسطينيين). من المؤكد أن هذه الغالبية ستزداد في أعقاب أحداث يوم السبت. ولكن، إضافة إلى ذلك يبدو أن مقر النضال يدير حملة تأثير محسوبة تهدف إلى عدم ترك نتنياهو والسماح له بالقيام بمناورة تملص أخرى. ما ينقص في هذا النضال في هذه المرحلة هو ترجمة هذا القلق إلى غضب واحتجاجات في الشوارع.
أول من أمس، وقف نتنياهو لمواصلة تقديم شهادته في المحكمة. وقد قال للقضاة إنه عاد في حالة نفسية وطنية عالية من "الزيارة التاريخية"، وأنه لا يشعر بصحة جيدة. بعد ذلك اشتكى بلباقة من أنه يمر بـ"جحيم"، بعد يومين على نشر صور العائدين من غزة. ولكن الظروف القانونية الضاغطة أيضا لم تطمس الانطباع بأن نتنياهو عاد منتصرا بعد نجاح زيارته لترامب. ما يحتاجه رئيس الحكومة بالأساس من الرئيس الأميركي هو المزيد من الوقت، من دون اتخاذ قرارات حاسمة في المفاوضات بشكل يمكنه من الامتناع عن تقديم تنازلات، وربما أيضا فتح الباب أمام استئناف الحرب ضد حماس. أمام صرخات المخطوفين نتنياهو يواصل إظهار الانغلاق الفظ. في أفلام التهنئة التي ينشرها في كل مرة عندما يتم تحريرهم لا يظهر أي جهد للتظاه،ر بأن إنقاذهم يهمه. المخطوفون وعائلاتهم يردون عليه بتصريحات وأفلام فيديو، يمتنعون فيها عن شكره على عمله من أجل إطلاق سراحهم. المحررون يعرفون ماذا حدث هنا ومن الذي اهتم بتأجيل الصفقة. إذا عانيت في الأنفاق 16 شهرا في ظروف مخيفة، ومن الاختطاف في فترة ولايتك، فيبدو أنك لن تسارع إلى تملقه.
الادعاء بأن رئيس الحكومة لم يعرف عن ظروف المخطوفين في الأسر وحالتهم الصحية، هو ادعاء كاذب ومضحك. فحالتهم تم ذكرها في كل تغطية لطاقم المفاوضات وتفاصيل كثيرة نشرت أيضا خلال فترة الحرب. ولكن نتنياهو يظهر كمن هو غير قادر على إخلاء أي مكان للتعاطف مع معاناة المخطوفين. ربما هو يغرق في جهود الهرب من مصيره، السياسي والقانوني. إزاء جهود تأخير تطبيق الصفقة وإزاء معركة الصد ضد تشكيل لجنة التحقيق الرسمية، يظهر بوضوح أنه يخشى من المزيد من شهادات المخطوفين، وبالمستوى نفسه هو يخشى من صور التوابيت التي ستتم إعادتها من القطاع. حسب كل الدلائل، فإن المحررين القادمين سيظهرون مثل العائدين في النبضة الأخيرة، في الأسر لم تبق نساء شابات مليئات بروح الحياة والنضال (من دون الاستخفاف بالتجارب المخيفة التي مرت عليهن).
الوزير سموتريتش، والخالي من أي عاطفة إنسانية، أعلن قبل يومين أنه لن نجبر على القيام بخطوات سياسية في إطار صفقة تحرير المخطوفين. سموتريتش ليس غبيا. فعندما يختار استخدام، بشكل متعمد، "لن نجبر"، فهو لا يفعل ذلك من فراغ.
نتنياهو من ناحيته اهتم باستغلال الفترة الأخيرة من أجل إهانة الشركاء المحتملين في صفقة كبيرة في الشرق الأوسط. مصر غاضبة من محاولة إسرائيل إقناع ترامب بدمج فكرته بتهجير الفلسطينيين بشكل قسري من قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء. السعودية، التي يمكن لخطة ترامب الكبيرة أن تشمل التطبيع بينها وبين إسرائيل، عبرت عن شعورها بالإهانة من أقوال نتنياهو في "فوكس نيوز"، عندما قال: "إن لديها ما يكفي من الأراضي لاستيعاب المهاجرين الغزيين".
0 تعليق