يدخل عمالقة التكنولوجيا عام 2025 في سباق غير مسبوق للإنفاق على بنية الذكاء الاصطناعي التحتية، بتخصيص 320 مليار دولار، متجاهلين المخاوف بشأن نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر كفاءة التي يقدمها منافسون مثل DeepSeek. يعكس هذا الاستثمار الضخم من قبل أمازون، مايكروسوفت، جوجل، وميتا قناعة هذه الشركات الراسخة بأن مستقبل الذكاء الاصطناعي يتطلب رهانات جريئة على البنية التحتية، رغم (أو ربما بسبب) التطورات المستمرة في كفاءة الذكاء الاصطناعي.
اضافة اعلان
وترتفع قيمة الإنفاق الرأسمالي المجمع بنسبة 30% عن 246 مليار دولار التي استثمرت في عام 2024. وبينما قد يتساءل المستثمرون عن جدوى هذا الإنفاق العدواني، يضاعف القادة التكنولوجيون رهانهم على أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة تحولية تستحق كل دولار يُنفق عليها.
ووفقًا لتقرير نشره Business Insider، تتصدر أمازون هذا السباق الاستثماري، حيث تخطط لإنفاق 100 مليار دولار على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في عام 2025 – قفزة هائلة مقارنة بـ 77 مليار دولار التي أنفقتها في العام الماضي.
لم يتردد الرئيس التنفيذي لـ AWS، آندي جاسي، في وصف الذكاء الاصطناعي بأنه "فرصة تجارية لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر"، مؤكدًا أن هذا القطاع يتطلب استثمارًا جريئًا لمواكبة التغيرات السريعة.
من جهته، يتبنى الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، ساتيا ناديلا، موقفًا متفائلًا للغاية مع أرقام قوية لدعم رؤيته. فقد خصصت الشركة 80 مليار دولار للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي لعام 2025. وتشير بياناته إلى أن مشاريع الذكاء الاصطناعي الخاصة بمايكروسوفت تحقق بالفعل إيرادات سنوية تبلغ 13 مليار دولار، مع نمو سنوي بنسبة 175%.
ويستند ناديلا في رؤيته إلى المفاهيم الاقتصادية، مستشهدًا بمفارقة جيفنز (Jevons Paradox)، حيث يرى أن تحسين كفاءة الذكاء الاصطناعي وزيادة إمكانية الوصول إليه سيؤديان إلى زيادة غير مسبوقة في الطلب.
لا تنوي شركة ألفابت، المالكة لـ جوجل، البقاء في الخلف، حيث قررت تخصيص 75 مليار دولار للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في 2025، متجاوزة بكثير توقعات المحللين البالغة 58 مليار دولار.
وعلى الرغم من المخاوف السوقية بشأن تباطؤ نمو الحوسبة السحابية واستراتيجية الذكاء الاصطناعي، يؤكد الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي أن محرك الابتكار في جوجل يعمل بكامل طاقته، ما يعزز قناعتها بضرورة الاستثمار الضخم في هذا المجال.
نهج ميتا: استثمار بين 60-65 مليار دولار في 2025 لتعزيز الذكاء الاصطناعي
تخطط ميتا لاستثمار ما بين 60 إلى 65 مليار دولار في الإنفاق الرأسمالي خلال عام 2025، مقارنة بـ 39 مليار دولار في 2024. وتسلك الشركة مسارًا مميزًا من خلال الترويج لمعيار "أمريكي" لنماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، وهي استراتيجية جذبت انتباه المستثمرين، لا سيما مع سجل ميتا الحافل بتحقيق الأرباح من الذكاء الاصطناعي عبر تقنيات الإعلانات المتقدمة.
فيما أدى ظهور نماذج الذكاء الاصطناعي الفعالة الخاصة بـ DeepSeek إلى إثارة بعض الجدل في دوائر الاستثمار. حيث عبّر جيسي كوهين من Investing.com عن تزايد المطالب برؤية عوائد ملموسة على الاستثمارات الحالية في الذكاء الاصطناعي.
لكن دان آيفز من Wedbush رفض هذه المخاوف، مشبهًا DeepSeek بـ "Temu الذكاء الاصطناعي"، مشددًا على أن الثورة لا تزال في بدايتها، مما يعكس قناعته بأن السوق لا يزال في طور التوسع، وليس التباطؤ.
وجاءت استجابة السوق لهذه الخطط متباينة، حيث لقيت استراتيجية ميتا ترحيبًا من المستثمرين، في حين واجهت كل من أمازون وجوجل ردود فعل أكثر تشككًا. فقد انخفضت أسهم أمازون بنسبة 5% وجوجل بنسبة 8% بعد إعلان خطط الإنفاق في مكالمات الأرباح، مما يعكس القلق بشأن مدى جدوى الاستثمارات الضخمة.
وتشير حدة الإنفاق على البنية التحتية إلى واقع جديد: التطورات التكنولوجية في كفاءة الذكاء الاصطناعي لا تبطئ المنافسة – بل تسرّعها. فبينما تضخ شركات التكنولوجيا الكبرى موارد غير مسبوقة في تطوير الذكاء الاصطناعي، فإنها تراهن على أن زيادة الكفاءة ستوسع السوق بدلاً من تقليصه.
وتعكس هذه الاستثمارات الكبيرة تحولًا في رؤية وادي السيليكون للاستثمار، حيث لم تعد الشركات الكبرى تنتظر لترى كيف يمكن للتحسينات في الكفاءة أن تقلل التكاليف، بل تتوسع بقوة، مقتنعة بأن المستقبل يتطلب المزيد من البنية التحتية، وليس أقل.
من هذا المنظور، لا تشكل اختراقات DeepSeek تهديدًا لاستراتيجية الشركات العملاقة، بل تؤكد على الإمكانيات المتزايدة للذكاء الاصطناعي.
الرسالة من وادي السيليكون واضحة: ثورة الذكاء الاصطناعي تتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية، وعمالقة التكنولوجيا ملتزمون بالكامل بذلك.
والسؤال الآن ليس "هل يجب الاستثمار في بنية الذكاء الاصطناعي؟"، بل "هل ستكفي 320 مليار دولار لمواكبة الطفرة القادمة في الطلب؟"
0 تعليق