عمان- في عصر السرعة والتكنولوجيا، نشأ جيل عيونه معلقة بالشاشات، محاط بالعالم الرقمي وأجهزته التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية.
لكن، كما لكل تطور وجهان، يتأثر الأفراد بطرق مختلفة، وفي خضم هذا التغيير المتسارع، يقع البعض ضحية للآثار السلبية نتيجة سوء الاستخدام، مما ينعكس على حياتهم بطرق غير متوقعة.اضافة اعلان
أما أطفال اليوم، فقد باتوا يقضون معظم أوقاتهم أمام الشاشات، سواء كانت تلفازا، أو هاتفا، أو جهازا لوحيا، حتى خلال تناولهم الطعام. هذه العادة وضعتهم أمام تحديات صحية خطيرة، أبرزها السمنة وزيادة الوزن. فمع غياب الوعي بكميات الطعام المستهلكة، بسبب الاندماج في مشاهدة التلفاز أو تصفح الهاتف، يتضاءل إدراك مستوى الشبع، فيتواصل الأكل مع تشتت الانتباه بسبب الشاشات.
هذه العادة وضعت الأطفال أمام مجموعة من التحديات، أهمها الصحية، والتي تتمحور حول السمنة، والزيادة في الوزن، فعند غياب القدرة على التحكم في كميات الطعام التي يتم تناولها، بسبب الاندماج في مشاهدة التلفاز، أو استعمال الهاتف يحول ذلك دون الشعور بالشبع، إذ إنهم يستمرون في تناول الطعام لأن الشاشات تشتت انتباههم.
توضح أم محمد (38 عاما) أنها تسمح لطفلها محمد، البالغ من العمر 10 سنوات، بمشاهدة ما يحبه على جهازه اللوحي أثناء تناول الطعام. ورغم اعترافها بعدم رضاها عن هذه العادة، فإنها تجدها الطريقة الأكثر فاعلية لحثه على إنهاء وجبته.
وتشير إلى أن تناول الطعام بات مرتبطا بشكل مباشر بوضع الجهاز اللوحي أمامه قبل كل وجبة، مؤكدة أنها لم تتوقع أن هذه العادة ستترسخ معه بمرور الوقت، حتى أصبح لا يستغني عن مشاهدة محتواه المفضل أثناء الأكل.
وتعترف أم محمد بأنها لم تكن تتوقع أن هذه العادة ستؤدي إلى زيادة وزن طفلها، إذ كانت تراها مجرد وسيلة لضمان تناوله كمية كافية من الطعام، لكنها أدركت الضرر لاحقا.
في المقابل، تؤمن والدة يوسف (10 أعوام) بأهمية إدراك الطفل لما يتناوله، وترى أن الاستمتاع بالوجبة والاستفادة منها يتطلب وعيا حقيقيا دون أي مشتتات، مؤكدة أن الطعام ليس مجرد عملية روتينية، بل جزء أساسي من نمط حياة صحي ومتوازن.
توضح أم يوسف أن والدها هو من غرس فيها هذا المبدأ، إذ كان يحرص دائما على إطفاء التلفاز أثناء تناول الغداء، مؤكدا لهم أن وقت الطعام مخصص للأكل فقط، وأن عليهم التركيز فيما يتناولونه لضمان حصولهم على غذاء صحي وسليم.
ومن هذا المنطلق، تبنت النهج ذاته مع أطفالها، لضمان حصولهم على الغذاء الصحي بالشكل الصحيح، مما يساعدهم على تحقيق أقصى فائدة من وجباتهم الغذائية.
زيادة مفرطة بسمنة الأطفال
وكشفت دراسة أجراها باحثون من جمعية "بيت" الخيرية البريطانية المعنية باضطرابات الأكل، عن زيادة كبيرة في حالات دخول الأطفال إلى المستشفيات بسبب اضطرابات الأكل، إذ بلغت الزيادة 515 % خلال العقد الماضي، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها تأثير وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال د. لي هدسون، الباحث الرئيسي في الدراسة: " أظهرت الأرقام زيادة بنسبة 65 % في عدد الأطفال الذين يعانون مشاكل صحية نفسية بين عامي 2012 و2022، وكانت الفتيات بين 11 و15 عاماً، الأكثر تأثراً بهذه الزيادة؛ إذ شهدن قفزة كبيرة في حالات الدخول إلى المستشفيات".
وحلل الباحثون بيانات حالات دخول الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و18 عاماً إلى الأجنحة الطبية العامة في بريطانيا، ووجدوا أن حالات الدخول بسبب اضطرابات الأكل ارتفعت من 478 إلى 2938 حالة، فيما زادت حالات الدخول إلى أقسام الصحة النفسية من 24,198 إلى 39,925 حالة، ما يعكس زيادة بنسبة 65 %.
اختصاصية التغذية ربى العباسي تبين أن من أهم التنبيهات التي يشدد عليها أخصائيو التغذية ضرورة تجنب تناول الوجبات أثناء استخدام الأجهزة الإلكترونية والهواتف لأنها تشتت الانتباه وتفقد الفرد التركيز.
وتوضح العباسي أن الاستفادة من تناول الوجبة يعني اتباع العادة الصحيحة، والتركيز على الوجبة والمضغ جيدا لتتم عملية الامتصاص للغذاء بشكل فعال والاستفادة من المغذيات التي تحتويه.
وعند استخدام الفرد الأجهزة الإلكترونية مع تناوله الطعام فإنه يحرم جسمه من هذه الأمور جميعها بحسب العباسي، مشيرة إلى أن كثيرا من الأطفال والشباب يقومون ببلع الطعام دون مضغه وهذا يؤثر على الجهاز الهضمي وبالتالي يحدث عسر هضم.
وبذات الوقت قد تحدث تقلبات في المعدة عند تناول كميات كبيرة، وهذا يشكل ضغطا كبيرا على الجهاز الهضمي، مؤكدة بذلك انه يجب أن ينتبه الفرد ويركز على إعطاء الطعام حقه بالجلوس السليم، ففي بعض الأحيان قد يحدث إفراط في تناول الوجبة بمعنى الشخص يأكل حتى ينهي الفيديو الذي يشاهده سواء شبع أم لا.
وفي بعض الحالات، يكون بعض الأطفال بطيئين في تناول وجباتهم، وفقا لما توضحه العباسي، مما يؤدي إلى فقدان التركيز أثناء الأكل. ونتيجة لذلك، قد لا يحصل الطفل على حصته الكاملة من البروتين أو الخضار، مما يجعله يفتقر إلى نظام غذائي متوازن.
ضرر على الجهاز الهضمي
وتؤكد العباسي أن استخدام الأجهزة الإلكترونية أثناء تناول الطعام يضر بالجهاز الهضمي، وقد يؤدي إلى مشكلات مثل سوء التغذية ونقص بعض العناصر الغذائية، في حال لم يحصل الطفل على حاجته الكاملة من الطعام، أو إلى السمنة الناتجة عن الإفراط في الأكل بسبب قلة التركيز أثناء الوجبة.
كما تشير إلى أن هذه العادة، إذا ترسخت لدى الطفل، فقد تدفعه إلى تناول كميات أكبر من الطعام لمجرد إكمال الفيديو الذي يشاهده، مما يزيد من خطر الإصابة بالسمنة. فالمعدة، كونها عضلة، تتمدد بمرور الوقت، وليس الأمر مقتصرا على اكتساب الوزن الزائد فحسب، بل يصبح الطفل أكثر عرضة للإصابة بالسمنة، حيث يعتاد على أن الشبع لا يتحقق إلا عند تناول كميات كبيرة من الطعام.
وحسب دراسة حديثة، أنجزتها جامعة "مينهو" في البرتغال، تم الكشف عن أن الأطفال الذين يسمح لهم بوقت طويل أمام الشاشات أثناء تناولهم الوجبات هم أكثر عرضة لزيادة الوزن.
وحسب ما نشرته صحيفة "تليغراف"، فإن الباحثين، الذين قاموا بإجراء الدراسة، أشاروا إلى أن السماح للأطفال بالتصفح على الهواتف أو مشاهدة مقاطع الفيديو خلال فترة تناول الطعام أمام التلفزيون أمر "خطير" وربما يغذي وباء السمنة المتزايد.
تراجع الاجتماعات العائلية
ووجد الباحثون أن هؤلاء الأطفال كانوا أكثر عرضة بنسبة 15 % للتعرض لمشاكل الوزن الزائد مقارنة بأولئك الذين لا يقضون وقتاً طويلاً في المشاهدة أثناء الأكل.
ويعود السبب وراء هذا الأمر إلى أن مشاهدة الأشياء عبر مختلف الأجهزة يسبب الإلهاء، وهو ما يعني مواصلة الطفل الأكل دون الانتباه إلى ما كان قد وصل لمرحلة الشبع أم لا، وهذا يعني أنه يتناول الكثير من الطعام في أغلبية الأحيان دون الحاجة إليه، والذي يتحول بعد ذلك إلى دهون ثم سمنة.
ومن بين المسببات التي تم الحديث عنها في هذه الدراسة تراجع التجمع العائلي خلال تناول الوجبات الرئيسية في اليوم، وتقديم الأكل للطفل دون مراقبة الكميات التي يأكلها، أو الوقت الذي يستغرقه من أجل إنهائها، وقد شملت 735 طفلاً في المدارس الابتدائية، الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات.
ومن جهة أخرى، تذكر العباسي أنه يجب ألا نغفل عن الأثر الاجتماعي لاستخدام الأجهزة أثناء تناول الطعام، مؤكدة انها تضعف العلاقات ما بين أفراد الأسرة الواحدة، ففي العادة يلتقون على وجبة الطعام خاصة الغداء، فإذا كل شخص منهم انشغل بجهاز لن يكن هنالك مجال للنقاش والحوار العائلي خلال اليوم.
وتوضح العباسي أنه على المدى البعيد، تزداد فرص الإصابة بالسمنة مع زيادة عدد الخلايا الدهنية في الجسم. وتقول: "عندما يصاب الطفل بالسمنة في سن مبكرة، فإنه يصبح أكثر عرضة لاحقا للإصابة بأمراض مثل القلب، والسكري، والاضطرابات الهرمونية، إلى جانب مشكلات أخرى، مثل قلة التركيز، والتوتر، والعصبية.
وفي بعض الحالات، قد يؤدي ذلك إلى اضطرابات نفسية، كالاكتئاب والتوتر، وحتى تصرفات غير عقلانية.
الأرق وقلة النوم
وبعض الأطفال يربطون تناول الوجبات باستخدام الأجهزة الإلكترونية، حتى تصبح عادةً ليلية لديهم، مما يخلق نمطا غير صحي. فمثلاً، إذا أراد الطفل السهر، فإنه يشعر بالحاجة إلى تناول وجبة ليلية، وهي من العادات الأكثر خطورة، إذ تؤدي إلى الأرق، وقلة النوم، ومشكلات صحية عديدة، منها ضعف الذاكرة، واضطرابات الجهاز الهضمي، والعصبية، كما تزيد من خطر الإصابة بأمراض نقص المناعة. وهكذا، قد يبدو الأمر بسيطا في بدايته، لكنه يبني سلسلة من المضاعفات الصحية".
وتؤكد العباسي أن التصرف الصحيح بإعطاء الوجبة الوقت الكافي في تناولها والتدرج في إدخال الوجبة أولا الخضار ثم إراحة المعدة وإكمال الوجبة.
ومن الجانب التربوي يبين الاختصاصي عايش نوايسة أن هذا السلوك يشكل حالة إدمانية، وهذا له نتائج خطيرة وبالذات إذا بدأ في مرحلة مبكرة، فالأم قد تقدم عليها لينهي طفلها وجبته أو لا يحدث إزعاج وبذلك تعوده على الأجهزة الإلكترونية.
ويوضح نوايسة أن لهذه العادة أثارا سلبية كثيرة: أولا الإدمان والثاني يتعلق بتشكيل السلوك بطريقة خاطئة وغير موجهة، مبينا أننا لا نعلم ما الذي يشاهده الطفل وليس لدى الأسرة سلطة أو رقابة عليه وفي هذه المرحلة العمرية التي يتشكل بنية التفكير والسلوك بشكل مترابط بمعنى كيف يفكر تكون سلوكياته، فالسلوك مرتبط بعمليات التفكير.
ووفقا لذلك يكون سلوكه انعكاسا لما يشاهده، فإذا شاهد مقاطع لشخص يأكل بشراهة سيأكل مثله، لذلك الخطورة كبيرة لأن أولياء الأمور يتركون الطفل لمربٍ غير ظاهر يشكل سلوك الطفل.
رقابة الأهل للحد من الآثار السلبية
ويشدد على أن ترك الطفل بدون ضوابط يكوّن لديه سلوكا سلبيا، ويؤثر على الصحة النفسية والعاطفية والصحة الغذائية. وفي الفترة الحالية يشكل هذا السلوك خطرا على تربيته وعلى سلوكه وتعليمه وصحته، فترك الطفل بهذه الطريقة أمام الهاتف وهذا الكم من التوجيهات والأفكار من دون ضوابط يكون له تأثيرات كبيرة على شخصيته.
ويذكر نوايسة أن السمنة المفرطة عند بعض الأطفال أحد أسبابها استخدام الهاتف بكثرة وقلة الحركة، والأهم الطفل يأكل دون وعي لأن ذهنه ليس بالطعام، بل مرتبط بشكل كبير بالذي يشاهده على الأجهزة الإلكترونية.
ولكن من جهة أخرى؛ هنالك نماذج ما تزال تضع ضوابط لسلوكيات الأبناء، منها عدم الافراط في استخدام الهاتف اذ يستخدم في ظروف للدراسة والتعلم في حد معين وبرقابة الأهل وبالتوجيه، وبالتالي نمو متوازن في الجوانب العاطفية والاجتماعية والنفسية.
وينوه نوايسة بضرورة وضع قواعد أساسية عند تناول وجبات الطعام اولا يجب تقليل استخدام الهاتف والتقنية الرقمية لتتجنب خطر ازدياد الوزن والسمنة وذلك ينعكس على الغذاء والصحة.
ويقول "الجيل الحالي يواجه أكبر تحد في التاريخ بما يتعلق بهذه الأجهزة الالكترونية واستخدامها، للأسف اليوم الجانب السلبي يطغى على الجانب الإيجابي نتيجة سوء الاستخدام"، ولذلك على الاسرة محاولة تغيير نظام الحياة اليومية من خلال تناول وجبات صحية، والتقليل من بعض العادات السيئة مثل تناول الحلويات بكثرة، أو السهر لوقت متأخر.
لكن، كما لكل تطور وجهان، يتأثر الأفراد بطرق مختلفة، وفي خضم هذا التغيير المتسارع، يقع البعض ضحية للآثار السلبية نتيجة سوء الاستخدام، مما ينعكس على حياتهم بطرق غير متوقعة.اضافة اعلان
أما أطفال اليوم، فقد باتوا يقضون معظم أوقاتهم أمام الشاشات، سواء كانت تلفازا، أو هاتفا، أو جهازا لوحيا، حتى خلال تناولهم الطعام. هذه العادة وضعتهم أمام تحديات صحية خطيرة، أبرزها السمنة وزيادة الوزن. فمع غياب الوعي بكميات الطعام المستهلكة، بسبب الاندماج في مشاهدة التلفاز أو تصفح الهاتف، يتضاءل إدراك مستوى الشبع، فيتواصل الأكل مع تشتت الانتباه بسبب الشاشات.
هذه العادة وضعت الأطفال أمام مجموعة من التحديات، أهمها الصحية، والتي تتمحور حول السمنة، والزيادة في الوزن، فعند غياب القدرة على التحكم في كميات الطعام التي يتم تناولها، بسبب الاندماج في مشاهدة التلفاز، أو استعمال الهاتف يحول ذلك دون الشعور بالشبع، إذ إنهم يستمرون في تناول الطعام لأن الشاشات تشتت انتباههم.
توضح أم محمد (38 عاما) أنها تسمح لطفلها محمد، البالغ من العمر 10 سنوات، بمشاهدة ما يحبه على جهازه اللوحي أثناء تناول الطعام. ورغم اعترافها بعدم رضاها عن هذه العادة، فإنها تجدها الطريقة الأكثر فاعلية لحثه على إنهاء وجبته.
وتشير إلى أن تناول الطعام بات مرتبطا بشكل مباشر بوضع الجهاز اللوحي أمامه قبل كل وجبة، مؤكدة أنها لم تتوقع أن هذه العادة ستترسخ معه بمرور الوقت، حتى أصبح لا يستغني عن مشاهدة محتواه المفضل أثناء الأكل.
وتعترف أم محمد بأنها لم تكن تتوقع أن هذه العادة ستؤدي إلى زيادة وزن طفلها، إذ كانت تراها مجرد وسيلة لضمان تناوله كمية كافية من الطعام، لكنها أدركت الضرر لاحقا.
في المقابل، تؤمن والدة يوسف (10 أعوام) بأهمية إدراك الطفل لما يتناوله، وترى أن الاستمتاع بالوجبة والاستفادة منها يتطلب وعيا حقيقيا دون أي مشتتات، مؤكدة أن الطعام ليس مجرد عملية روتينية، بل جزء أساسي من نمط حياة صحي ومتوازن.
توضح أم يوسف أن والدها هو من غرس فيها هذا المبدأ، إذ كان يحرص دائما على إطفاء التلفاز أثناء تناول الغداء، مؤكدا لهم أن وقت الطعام مخصص للأكل فقط، وأن عليهم التركيز فيما يتناولونه لضمان حصولهم على غذاء صحي وسليم.
ومن هذا المنطلق، تبنت النهج ذاته مع أطفالها، لضمان حصولهم على الغذاء الصحي بالشكل الصحيح، مما يساعدهم على تحقيق أقصى فائدة من وجباتهم الغذائية.
زيادة مفرطة بسمنة الأطفال
وكشفت دراسة أجراها باحثون من جمعية "بيت" الخيرية البريطانية المعنية باضطرابات الأكل، عن زيادة كبيرة في حالات دخول الأطفال إلى المستشفيات بسبب اضطرابات الأكل، إذ بلغت الزيادة 515 % خلال العقد الماضي، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها تأثير وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال د. لي هدسون، الباحث الرئيسي في الدراسة: " أظهرت الأرقام زيادة بنسبة 65 % في عدد الأطفال الذين يعانون مشاكل صحية نفسية بين عامي 2012 و2022، وكانت الفتيات بين 11 و15 عاماً، الأكثر تأثراً بهذه الزيادة؛ إذ شهدن قفزة كبيرة في حالات الدخول إلى المستشفيات".
وحلل الباحثون بيانات حالات دخول الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و18 عاماً إلى الأجنحة الطبية العامة في بريطانيا، ووجدوا أن حالات الدخول بسبب اضطرابات الأكل ارتفعت من 478 إلى 2938 حالة، فيما زادت حالات الدخول إلى أقسام الصحة النفسية من 24,198 إلى 39,925 حالة، ما يعكس زيادة بنسبة 65 %.
اختصاصية التغذية ربى العباسي تبين أن من أهم التنبيهات التي يشدد عليها أخصائيو التغذية ضرورة تجنب تناول الوجبات أثناء استخدام الأجهزة الإلكترونية والهواتف لأنها تشتت الانتباه وتفقد الفرد التركيز.
وتوضح العباسي أن الاستفادة من تناول الوجبة يعني اتباع العادة الصحيحة، والتركيز على الوجبة والمضغ جيدا لتتم عملية الامتصاص للغذاء بشكل فعال والاستفادة من المغذيات التي تحتويه.
وعند استخدام الفرد الأجهزة الإلكترونية مع تناوله الطعام فإنه يحرم جسمه من هذه الأمور جميعها بحسب العباسي، مشيرة إلى أن كثيرا من الأطفال والشباب يقومون ببلع الطعام دون مضغه وهذا يؤثر على الجهاز الهضمي وبالتالي يحدث عسر هضم.
وبذات الوقت قد تحدث تقلبات في المعدة عند تناول كميات كبيرة، وهذا يشكل ضغطا كبيرا على الجهاز الهضمي، مؤكدة بذلك انه يجب أن ينتبه الفرد ويركز على إعطاء الطعام حقه بالجلوس السليم، ففي بعض الأحيان قد يحدث إفراط في تناول الوجبة بمعنى الشخص يأكل حتى ينهي الفيديو الذي يشاهده سواء شبع أم لا.
وفي بعض الحالات، يكون بعض الأطفال بطيئين في تناول وجباتهم، وفقا لما توضحه العباسي، مما يؤدي إلى فقدان التركيز أثناء الأكل. ونتيجة لذلك، قد لا يحصل الطفل على حصته الكاملة من البروتين أو الخضار، مما يجعله يفتقر إلى نظام غذائي متوازن.
ضرر على الجهاز الهضمي
وتؤكد العباسي أن استخدام الأجهزة الإلكترونية أثناء تناول الطعام يضر بالجهاز الهضمي، وقد يؤدي إلى مشكلات مثل سوء التغذية ونقص بعض العناصر الغذائية، في حال لم يحصل الطفل على حاجته الكاملة من الطعام، أو إلى السمنة الناتجة عن الإفراط في الأكل بسبب قلة التركيز أثناء الوجبة.
كما تشير إلى أن هذه العادة، إذا ترسخت لدى الطفل، فقد تدفعه إلى تناول كميات أكبر من الطعام لمجرد إكمال الفيديو الذي يشاهده، مما يزيد من خطر الإصابة بالسمنة. فالمعدة، كونها عضلة، تتمدد بمرور الوقت، وليس الأمر مقتصرا على اكتساب الوزن الزائد فحسب، بل يصبح الطفل أكثر عرضة للإصابة بالسمنة، حيث يعتاد على أن الشبع لا يتحقق إلا عند تناول كميات كبيرة من الطعام.
وحسب دراسة حديثة، أنجزتها جامعة "مينهو" في البرتغال، تم الكشف عن أن الأطفال الذين يسمح لهم بوقت طويل أمام الشاشات أثناء تناولهم الوجبات هم أكثر عرضة لزيادة الوزن.
وحسب ما نشرته صحيفة "تليغراف"، فإن الباحثين، الذين قاموا بإجراء الدراسة، أشاروا إلى أن السماح للأطفال بالتصفح على الهواتف أو مشاهدة مقاطع الفيديو خلال فترة تناول الطعام أمام التلفزيون أمر "خطير" وربما يغذي وباء السمنة المتزايد.
تراجع الاجتماعات العائلية
ووجد الباحثون أن هؤلاء الأطفال كانوا أكثر عرضة بنسبة 15 % للتعرض لمشاكل الوزن الزائد مقارنة بأولئك الذين لا يقضون وقتاً طويلاً في المشاهدة أثناء الأكل.
ويعود السبب وراء هذا الأمر إلى أن مشاهدة الأشياء عبر مختلف الأجهزة يسبب الإلهاء، وهو ما يعني مواصلة الطفل الأكل دون الانتباه إلى ما كان قد وصل لمرحلة الشبع أم لا، وهذا يعني أنه يتناول الكثير من الطعام في أغلبية الأحيان دون الحاجة إليه، والذي يتحول بعد ذلك إلى دهون ثم سمنة.
ومن بين المسببات التي تم الحديث عنها في هذه الدراسة تراجع التجمع العائلي خلال تناول الوجبات الرئيسية في اليوم، وتقديم الأكل للطفل دون مراقبة الكميات التي يأكلها، أو الوقت الذي يستغرقه من أجل إنهائها، وقد شملت 735 طفلاً في المدارس الابتدائية، الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات.
ومن جهة أخرى، تذكر العباسي أنه يجب ألا نغفل عن الأثر الاجتماعي لاستخدام الأجهزة أثناء تناول الطعام، مؤكدة انها تضعف العلاقات ما بين أفراد الأسرة الواحدة، ففي العادة يلتقون على وجبة الطعام خاصة الغداء، فإذا كل شخص منهم انشغل بجهاز لن يكن هنالك مجال للنقاش والحوار العائلي خلال اليوم.
وتوضح العباسي أنه على المدى البعيد، تزداد فرص الإصابة بالسمنة مع زيادة عدد الخلايا الدهنية في الجسم. وتقول: "عندما يصاب الطفل بالسمنة في سن مبكرة، فإنه يصبح أكثر عرضة لاحقا للإصابة بأمراض مثل القلب، والسكري، والاضطرابات الهرمونية، إلى جانب مشكلات أخرى، مثل قلة التركيز، والتوتر، والعصبية.
وفي بعض الحالات، قد يؤدي ذلك إلى اضطرابات نفسية، كالاكتئاب والتوتر، وحتى تصرفات غير عقلانية.
الأرق وقلة النوم
وبعض الأطفال يربطون تناول الوجبات باستخدام الأجهزة الإلكترونية، حتى تصبح عادةً ليلية لديهم، مما يخلق نمطا غير صحي. فمثلاً، إذا أراد الطفل السهر، فإنه يشعر بالحاجة إلى تناول وجبة ليلية، وهي من العادات الأكثر خطورة، إذ تؤدي إلى الأرق، وقلة النوم، ومشكلات صحية عديدة، منها ضعف الذاكرة، واضطرابات الجهاز الهضمي، والعصبية، كما تزيد من خطر الإصابة بأمراض نقص المناعة. وهكذا، قد يبدو الأمر بسيطا في بدايته، لكنه يبني سلسلة من المضاعفات الصحية".
وتؤكد العباسي أن التصرف الصحيح بإعطاء الوجبة الوقت الكافي في تناولها والتدرج في إدخال الوجبة أولا الخضار ثم إراحة المعدة وإكمال الوجبة.
ومن الجانب التربوي يبين الاختصاصي عايش نوايسة أن هذا السلوك يشكل حالة إدمانية، وهذا له نتائج خطيرة وبالذات إذا بدأ في مرحلة مبكرة، فالأم قد تقدم عليها لينهي طفلها وجبته أو لا يحدث إزعاج وبذلك تعوده على الأجهزة الإلكترونية.
ويوضح نوايسة أن لهذه العادة أثارا سلبية كثيرة: أولا الإدمان والثاني يتعلق بتشكيل السلوك بطريقة خاطئة وغير موجهة، مبينا أننا لا نعلم ما الذي يشاهده الطفل وليس لدى الأسرة سلطة أو رقابة عليه وفي هذه المرحلة العمرية التي يتشكل بنية التفكير والسلوك بشكل مترابط بمعنى كيف يفكر تكون سلوكياته، فالسلوك مرتبط بعمليات التفكير.
ووفقا لذلك يكون سلوكه انعكاسا لما يشاهده، فإذا شاهد مقاطع لشخص يأكل بشراهة سيأكل مثله، لذلك الخطورة كبيرة لأن أولياء الأمور يتركون الطفل لمربٍ غير ظاهر يشكل سلوك الطفل.
رقابة الأهل للحد من الآثار السلبية
ويشدد على أن ترك الطفل بدون ضوابط يكوّن لديه سلوكا سلبيا، ويؤثر على الصحة النفسية والعاطفية والصحة الغذائية. وفي الفترة الحالية يشكل هذا السلوك خطرا على تربيته وعلى سلوكه وتعليمه وصحته، فترك الطفل بهذه الطريقة أمام الهاتف وهذا الكم من التوجيهات والأفكار من دون ضوابط يكون له تأثيرات كبيرة على شخصيته.
ويذكر نوايسة أن السمنة المفرطة عند بعض الأطفال أحد أسبابها استخدام الهاتف بكثرة وقلة الحركة، والأهم الطفل يأكل دون وعي لأن ذهنه ليس بالطعام، بل مرتبط بشكل كبير بالذي يشاهده على الأجهزة الإلكترونية.
ولكن من جهة أخرى؛ هنالك نماذج ما تزال تضع ضوابط لسلوكيات الأبناء، منها عدم الافراط في استخدام الهاتف اذ يستخدم في ظروف للدراسة والتعلم في حد معين وبرقابة الأهل وبالتوجيه، وبالتالي نمو متوازن في الجوانب العاطفية والاجتماعية والنفسية.
وينوه نوايسة بضرورة وضع قواعد أساسية عند تناول وجبات الطعام اولا يجب تقليل استخدام الهاتف والتقنية الرقمية لتتجنب خطر ازدياد الوزن والسمنة وذلك ينعكس على الغذاء والصحة.
ويقول "الجيل الحالي يواجه أكبر تحد في التاريخ بما يتعلق بهذه الأجهزة الالكترونية واستخدامها، للأسف اليوم الجانب السلبي يطغى على الجانب الإيجابي نتيجة سوء الاستخدام"، ولذلك على الاسرة محاولة تغيير نظام الحياة اليومية من خلال تناول وجبات صحية، والتقليل من بعض العادات السيئة مثل تناول الحلويات بكثرة، أو السهر لوقت متأخر.
0 تعليق