رمال التوقعات الاقتصادية المتحركة

مصدرك 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

جيمي ماكغيفر *
في عالم تتماوج فيه المعلومات والمال وأسعار الأصول بسرعة أكبر من أي وقت مضى في التاريخ، يظل عنصر رئيسي واحد من الأسواق المالية مقاوماً للتغيير، ألا وهو التنبؤ.
وسواء كان الأمر يتعلق بتوقعات المحللين الاقتصادين للتضخم أو للمكان الذي سينتهي إليه مؤشر «ستاندرد آند بورز» في نهاية العام، فإن خبراء التنبؤ بطيئون بشكل ملحوظ في تغيير آرائهم، بغض النظر عن ثِقَل الأدلة التي قد تتراكم ضدهم.
خذ خبراء الاقتصاد في «سيتي بنك» على سبيل المثال، ما زالوا يطالبون بخفض سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية في نهاية العام بنسبة 3.25% - أي ما يعادل خمسة تخفيضات ربع نقطة أساس بحلول ديسمبر/كانون الأول - على افتراض أن التضخم سيستمر في التباطؤ. ومع ذلك، كان تقرير التضخم الأمريكي، الأسبوع الماضي، هو الأحدث في سلسلة من المؤشرات الاقتصادية الأخيرة التي تشير إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يخفض أسعار الفائدة في أي وقت قريب.
تضع أسواق العقود الآجلة لأسعار الفائدة الآن في الحسبان خفضاً واحداً آخر فقط هذا العام، وهو ما من شأنه أن يترك سعر الفائدة النهائي على الأموال الفيدرالية فوق 4%. بل إن الاقتراحات التي تشير إلى أن الخطوة التالية التي قد يتخذها الفيدرالي سوف تكون رفع أسعار الفائدة بدأت تكتسب زخماً.
فهل يرى خبراء الاقتصاد في «سيتي» شيئاً لا يراه غيرهم، بما في ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي؟ وكيف يغذي هذا التوقع وجهات نظر رئيسية أخرى في مجلس النواب بشأن الناتج المحلي الإجمالي، أو الدولار، أو سندات الخزانة الأمريكية؟ لا أقصد بذلك أن أسيء إلى خبراء الاقتصاد في «سيتي بنك». ذلك أن منطقهم مقنع وواضح، وربما يثبت صحته. لكنه مجرد مثال رئيسي على الكيفية التي يظل بها المتنبئون متمسكين بآرائهم لفترة أطول مما يبدو منطقياً.
إن امتلاك المرء للشجاعة في التعبير عن قناعاته أمرٌ مثير للإعجاب، ولكن ليس لفترة طويلة. فقد كان بعض محللي السوق يتوقعون أيضاً انخفاض قيمة الدولار، وانهيار سوق السندات الأمريكية، واستمرار التضخم المفرط لعقود من الزمان. وعلى فرض حدوث أيٍّ من هذه الأشياء مؤخراً، فهل يكون هؤلاء المتنبئون «على حق» بعد أن ظلوا «مخطئين» لفترة طويلة؟ وهل يكون المتشائمون الدائمون الذين يتوقعون انفجار فقاعات الأسهم «على حق» إذا حدث الانهيار بعد عشر سنوات؟ في المقابل، هل يعني الحصول على قرار صحيح خارج الإجماع أنك كنت ذكياً، أم محظوظاً ببساطة؟ وكما لاحظ هوارد ماركس من شركة «أوكتري» ذات يوم، أن هذه الصناعة مليئة بالأشخاص الذين اشتهروا، لكونهم أصابوا الحقيقة مرة واحدة.
ولكن لماذا يتردد المتنبئون إلى هذا الحد في تحديث توقعاتهم المسبقة؟ الحقيقة البسيطة هي أن عجلات التغيير تدور ببطء في المؤسسات الكبرى، وعلى المستوى الشخصي، من الصعب الاعتراف أنك أخطأت.
هناك بالطبع الطرف الآخر، الذي تجسّد قبل عام في خبراء الاقتصاد في «باركليز»، ممن غيروا توقعاتهم بشأن توقيت أول خفض لأسعار الفائدة من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي ثلاث مرات في شهر واحد، فقط لينتهي بهم الأمر في النهاية إلى نفس النقطة التي بدأوا منها. ولا يبدو هذا أيضاً استراتيجية حكيمة.
لقد سعت الكثير من الدراسات حول الاقتصاد السلوكي، مثل تلك التي أجراها دانييل كانيمان، إلى تفسير علم النفس المحيط بالتنبؤ. ومن بينها العام الماضي أيضاً دراسة بعنوان «المبالغة في دقة استطلاع رأي خبراء التنبؤات»، من إعداد ساندي كامبل ودون مور من جامعة كاليفورنيا. اللذين حلّلا 16559 تنبؤاً لمؤشرات اقتصادية رئيسية في الولايات المتحدة في دراسة استقصائية لخبراء التنبؤات، وهي مجموعة التوقعات التي كانت بمثابة معيار وطني منذ عام 1968، ووجدا أن 53% من الخبراء كانوا واثقين في دقة توقعاتهم، لكن 23% فقط كانوا على صواب في تلك التوقعات.
* كاتب في «رويترز»

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق