مواجهة البطالة.. تحديث منظومة التعليم لتتواءم مع تحولات سوق العمل

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان - تحدي البطالة في المملكة قديم متجدد يتفاقم حينا ويتقلص حينا آخر، لكن الثابت في الأمر أنه تحد مركب يحتاج حلولا لمواجهته.
وعلى وقع ارتفاع أعداد الخريجين سنويا والتحولات الكبرى في سوق العمل العالمي تعود مشكلة البطالة لتطرح نفسها على الساحة للنقاش في الأسباب والتحولات سعيا للوصول إلى حلول.اضافة اعلان
ويؤكد خبراء اقتصاديون، أن مشكلة البطالة محليا مركبة ومعقدة من حيث الأسباب، منها ما هو ناجم عن مشكلة اقتصادية تتمثل في ضعف مستويات النمو الاقتصادي، ومنها ما يتعلق بالخلل البنيوي في سوق العمل المحلي، إضافة إلى ضعف المنظومة التعليمية، حيث إن كل ما سبق كان المسؤول عن تفاقم مستويات البطالة خلال العقد الأخير. 
وأوضح هؤلاء الخبراء أن ضعف معدلات النمو المسجلة محليا لا تسمح للقطاعات الاقتصادية والمؤسسات في القطاعين العام والخاص على توظيف أكثر من 40 % من الخريجين سنويا، لافتين إلى أن مشكلة البطالة في الأردن عرض طبيعي لمرض ضعف معدلات النمو الاقتصادي المحلية.  
وأشار الخبراء إلى أن الحكومة منذ سنوات أدركت أهمية التركيز على تحديث منظومة التعليم لتكون متوائمة مع التطور التكنولوجي ومستقبل سوق العمل العالمي من أجل مجابهة مشكلة البطالة والحد منها، إلا أن حركتها في هذا الصدد ما زالت بطيئة.
وبغية الحد من ارتفاع معدلات البطالة ومواجهة التحولات في سوق العمل، دعا الخبراء إلى تسريع العمل برؤية التحديث الاقتصادي التي ينظر لها على أنها رافعة للاقتصاد الوطني في السنوات القادمة وحل لمشكلاته، لا سيما أن استهدافها خلق مليون فرصة عمل بحلول 2033، إضافة إلى العمل على تحسين معدل النمو الاقتصادي من خلال مضاعفة الجهود على استقطاب الاستثمارات التي تعد المحفز الرئيس للنمو الاقتصادي. 
ويضاف إلى ذلك، إعادة هيكلة سوق العمل من خلال تقديم حوافز للعمالة المحلية التي تقدم على العمل في  القطاعات الاقتصادية التي يبتعدون عن العمل بها عادة، إضافة إلى تسهيل انضمام القطاعات الاقتصادية غير الرسمية إلى منظومة الحماية الاجتماعية، فضلا عن ضرورة إعادة النظر بمسألة العمالة الوافدة،  ووضع مقاربة للتغلب عليها بما يقود إلى ترشيق حجم هذه العمالة، وإفساح المجال أمام العمالة المحلية للعمل في القطاعات التي تستأثر العمالة الوافدة بها. 
وتشير أحدث المعطيات الإحصائية الرسمية إلى أن معدل البطالة في الأردن خلال الربع الثالث من العام الماضي قد بلغ 21.5 %. 
الأردن يسجل أحد أعلى معدلات البطالة في المنطقة
وكان المنتدى الاقتصادي الأردني، أكد مؤخرا أن الأردن يواجه تحديات مزدوجة تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة، وضعف المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، مشددًا على أن الحل يكمن في الاستثمار في التدريب المهني والتقني، إلى جانب تشجيع التعليم في القطاعات ذات الطلب المرتفع مثل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والتحول الرقمي.
وقال المنتدى في تقريره الذي أصدره بعنوان: التحولات الكبرى في سوق العمل العالم" مستقبل الوظائف 2025"، إن الاقتصاد الأردني يواجه ضغوطًا إضافية بسبب ارتفاع أعداد الخريجين سنويًا.
وتوقع المنتدى أن تؤدي التكنولوجيا الحديثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى إلغاء وظائف تقليدية في قطاعات مثل المحاسبة، وخدمة العملاء، والإدارة، لكنها في الوقت ذاته ستخلق فرصًا جديدة في مجالات تحليل البيانات، والتطوير البرمجي، وإدارة المشاريع الرقمية، والطاقة النظيفة.
ولفت إلى أن حجم القوى العاملة في المملكة بلغ 1.9 مليون شخص في عام 2023، بينهم 418,000 ألف عاطل عن العمل.
وأوضح التقرير أن الأردن يسجل واحدة من أعلى معدلات البطالة في المنطقة، إذ تبلغ نسبة البطالة بين الشباب قرابة 47 %، وهو ما يعكس صعوبة انتقال الخريجين من التعليم إلى سوق العمل.
وقال المنتدى الاقتصادي الأردني إن الثورة الرقمية توفر فرصًا هائلة للعمالة الأردنية، لكن الاستفادة منها تتطلب تحولًا جذريًا في السياسات التعليمية والتدريبية.
أبرز أسباب البطالة 
الخبير الاقتصادي زيان زوانة يرى أن مشكلة البطالة محليا مركبة ومعقدة من حيث الأسباب منها ما هو ناجم عن مشكلة اقتصادية تتمثل في ضعف مستويات النمو الاقتصادي والذي ينعكس على قدرة القطاعات الاقتصادية من التوسع، ومنها ما يتعلق بالخلل البنيوي في سوق العمل المحلي، إضافة إلى خلل المنظومة التعليمية، إلى جانب المشكلة الاجتماعية والتي تأخذ جانبين الأول: توجيه الأهالي أبناءهم لدراسة تخصصات معينة أغلبها مشبعة، والجانب الثاني: امتناع البعض من العمل في بعض القطاعات والمهن تحت تأثير ثقافة العيب، حيث إن كل ما سبق كان المسؤول عن تفاقم مستويات البطالة خلال العقد الأخير. 
وأشار زوانة إلى أن معدلات البطالة المسجلة محلية ما زالت مقلقة اقتصاديا واجتماعيا، رغم استقرار مستوياتها خلال العام الماضي، لكنها ما زالت مرتفعة بشكل كبير قياسا بما كانت عليه قبل عقد ونيف. 
ولفت إلى أن التغلب على معضلة البطالة يحتاج إلى خطة وطنية منظمة تراعي معالجة المشكلة الاقتصادية والخلل في تركيبة سوق العمل إضافة إلى المنظومة التعليمية بشكل متوازي. 
وأوضح أن حل البطالة من باب المشكلة الاقتصادية، يتطلب تحفيز الاقتصاد الوطني، والقطاعات الإنتاجية وتخفيض الرسوم التشغيلية، إضافة إلى تخفيض ضريبة المبيعات على القطاعات كافة بما في ذلك المواطنون، بما يرفع من القدرات الإنتاجية والتصديرية للاقتصاد المحلي وكذلك مستوى الاستهلاك المحلي، ما يصب في نهاية المطاف في تحسين مستويات النمو الاقتصادي، والتي كلما ارتفعت كان لها أثر إيجابي في قدرة القطاعات الاقتصادية على التوسع وخلق فرص العمل. 
وفي ما يتعلق بمواجهة البطالة من خلال سوق العمل، أشار زوانة إلى أن ذلك يستدعي العمل على إعادة هيكلة سوق العمل من خلال تقديم حوافز للعمالة المحلية التي تقدم على العمل في القطاعات الاقتصادية التي يبتعدون عن العمل بها عادة، إضافة إلى تسهيل انضمام القطاعات الاقتصادية غير الرسمية إلى منظومة الحماية الاجتماعية، فضلا عن تنظيم العمالة الأجنبية والقطاعات التي يتوجهون لها. 
وبين زوانة أن معالجة البطالة من خلال المنظومة التعلمية، يحتاج إلى خلق رغبة للأجيال الناشئة في الإقبال على التعليم المهني، إضافة إلى تطوير بيئة التعليم المهني المحلي والتوسع به، إلى جانب استحداث خريطة جديدة للتعليم الجامعي المحلي من حيث التخصصات ترتكز على تعليم المستقبل والتكنولوجيا والتخصصات المرتبطة به. 
العمالة الوافدة 
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي أحمد عوض أن سوق العمل المحلي تعتريه الكثير من المثالب التي تركت فجوة هيكلية خلال السنوات الماضية بين حاجته ومهارات الخريجين، إضافة إلى افتقاد الكثير من قطاعاته إلى عوامل الجذب للباحثين عن العمل، ما أدى إلى تفاقم مشكلة البطالة بصورة واضحة، إضافة إلى الخلل الاقتصادي الذي يعانيه الاقتصاد المحلي من تواضع حجم النمو الاقتصادي. 
وبين عوض أن الحكومة منذ سنوات أدركت أهمية التركيز على تحديث منظومة التعليم لتكون متوائمة مع التطور التكنولوجي ومستقبل سوق العمل العالمي من أجل مجابهة مشكلة البطالة والحد منها، إلا أن حركتها في هذا الصدد ما تزال بطيئة. 
وأكد عوض أن التوسع في منظومة التعليم المهني والتقني هي اللبنة الأولى للتغلب على تحديات سوق العمل، إذ إن ذلك يحتاج إلى إرساء التعليم المهني والتقني من القاعدة وليس من المراحل التعليمية المتقدمة، إضافة إلى توعية المجتمع بأهمية هذا النوع من التعليم لمستقبل أبنائهم اقتصاديا واجتماعيا.
وأشار إلى أن سوق العمل يواجه أيضا مشكلة زيادة حجم العمالة الوافدة والتي تعد مرتفعة بالنسبة لبلد يعاني مواطنيه من أزمة بطالة، وإن كانت بعض هذه العمالة تغذي نشاط  قطاعات إستراتيجية كالإنشاءات والزراعة وغيرها، مطالبا بهذا الخصوص بضرورة إعادة النظر بمسألة العمالة الوافدة، ووضع مقاربة للتغلب عليها بما يقود إلى ترشيق حجم هذه العمالة وإفساح المجال أمام العمالة المحلية للعمل في القطاعات التي تستأثر العمالة الوافدة بها، لا سيما أنه بمقدور العمالة المحلية العمل في مهن بعض القطاعات كالزراعة والصناعة. 
وشدد عوض على أن التغلب على معضلة البطالة محليا، يتطلب إعادة النظر بسياسات العمل من تحسين مستوى الأجور وتخفيض كلف رسوم الضمان الاجتماعي، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي للعاملين في القطاع الخاص، إلى جانب أهمية إزالة القيود والعراقيل أمام استخدام الطاقة البديلة، لا سيما لدى القطاعات الإنتاجية. 
جذب الاستثمارات لمجابهة البطالة  
من جانبه أكد أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري، أن "ظاهرة البطالة" في المملكة، تعد بمثابة عرض طبيعي للمرض ضعف معدلات النمو الاقتصادي المحلي، حيث إنها السبب الرئيس لتنامي البطالة محليا؛ إذ إن خلق فرص العمل في أي اقتصاد مرتبط بمستوى النمو الاقتصادي. 
وأشار الحموري إلى أن معدلات النمو المسجلة محليا لا تسمح للقطاعات الاقتصادية والمؤسسات في القطاعين العام والخاص على توظيف أكثر من 40 % من الخريجين سنويا، منوها إلى أن مشكلة البطالة ستبقى قائمة ما لم يتم تحسن مستويات النمو الاقتصاي. 
ويرى الحموري أن تأثير الاختلالات في سوق العمل وأعداد الخريجين المتزايدة، على مشكلة البطالة محدود إلى حد ما، وقد يكون الخلل المرتبط بذلك يتعلق بضعف المهارات لدى بعض الخريجين، إضافة إلى عدم توفر بعض المهن على عوامل الجذب اللازمة للعمالة المحلية والخريجين. 
وبهدف الحد من ارتفاع معدلات البطالة محليا دعا الحموري إلى أهمية تسريع العمل برؤية التحديث الاقتصادي التي ينظر لها على أنها رافعة للاقتصاد الوطني في السنوات القادمة وحل مشكلاته لا سيما استهدافها خلق مليون فرصة عمل بحلول 2033، إضافة إلى العمل على تحسين معدل النمو الاقتصادي من خلال مضاعفة الجهود على استقطاب الاستثمارات التي تعد المحفز الرئيس للنمو الاقتصادي، إلى جانب ضرورة فرض مسار تدريبي فصلي للطلبة قبل تخرجهم، وألا يكون شكليا بما يساهم في القدرات المهاراتية لدى الخريجين، علاوة على التوسع في تعليم التخصصات الجامعية القائمة على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة. 
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق