نداء أهل القبلة: أمة واحدة ومصير مشترك

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في ختام مؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي الذي استضافته العاصمة البحرينية المنامة، أطلق المؤتمر نداءً بعنوان (نداء أهل القبلة: أمة واحدة ومصير مشترك)، وقد استهل مطلعه أن "منطلق هذا النِّداء وروحه هو: وحدة «الأمة المسلمة»، التي جعلها ربها أُمَّة واحدة؛ وهو المنطلق الثابت الصحيح -دائمًا- لتحقيق الأُخوَّة بين المسلمين، التي تتجاوز إعادة تعريف أنفسهم، أو حد التقريب والتقارب فيما بينهم، إلى التفاهم حول مقتضيات وحدتهم، في ظل التحديات التي تواجههم".

وأكد أن النداء لم يتجاهل أوجه الاختلاف المذهبي ولا أسبابه التي تقتضيه، فإزالة الاختلاف ليس هدفًا له، إنما هو ضرورة الحفاظ على الأخوَّة الإسلامية، والاهتمام بشأنها «عُلمائيًّا وإعلاميًّا»، مع إقرار شرعية الاختلاف المذهبي، بناءً على القاعدة الذهبية في تُراثِنا، القائلة «نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه».

ويأتي نداء الأخوة الإسلامية بهدف تشجيع التفاهم العلمي والمذهبي، وإطلاق حرية اللقاءات العلمية ودعمها بكل الوسائل المتاحة، مع التيقظ الدائم لدعاوى الفُرقة والفتنة والخصومة، والتعامل معها بحسبانها خطرًا متربصًا بالأمة وكيانها ووحدتها، فما يحيق بالمسلمين من الأخطار، ويُوجَّه ضدهم من ألوان الاستهداف، والعدوانِ، هو تحدٍّ مشترك يتهدد الجميع، ويسعى لزرع الأشواك في طريق وحدتهم ونهوضهم.

وأشار النداء إلى أن منطلقاته التي يتقيد بها هي القرآن الكريم كتاب الأمة الواحد، ونبيها محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خاتمُ الأنبياء والمرسَلين، هُمَا مصدرُ دِين الأمة، ورؤيتها، وعقيدتها، ورسالتها التاريخية، مع التأكيد على مشروعية الاختلاف في الفهم والرأي والموقف، باعتباره سنة كونية إلهية، وطبيعة إنسانية، وقانونًا اجتماعيًّا وتاريخيًّا، ليس المسلمون استثناء منه.

كما أشار النداء إلى أن الحرية مناط التكليف وجوهر المسؤولية، فقد منح اللهُ الإنسانَ حرية الفكر والعمل، وجعلها مناطَ تكليفه، وأساسَ تحمُّلِه للأمانة. وإذا كان القرآن قد كفل للإنسان حريةَ الاختيار بين الدين بقوله تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29]، فإن أولويتها في التمذهب واختيار المنهج الديني أَولى وأوكد.

ولفت النداء إلى أن الاحترام المتبادل بين أئمة المذاهب وأتباعها منصوص عليه شرعًا، ومُجمَع عليه الآن بحكم هذا النداء الجامع -بإذن الله، وإنَّ «المسلمينَ جميعًا أنفسُنا»، كما قال تعالى ﴿فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ [النور:61]، وأنَّ كُلًّا منهم جزء من جسد الأمة الواحد، ومكون أصيلٌ من مكوناتها، من سائر المدارس الإسلامية.

ودعا النداء إلى التأكيد على التوقف الفوري والضروري عن سب رموز أي مذهب أو الإساءة إليهم، أو الإساءة إلى المسلم بأي صورة، بسبب مذهبه، أو آرائه، محذرًا من مواقف وخطابات بعض الوعاظ أو الخطباء والمبلِّغين الذين لم يتوافر لهم علم كافٍ بأحوال أمتهم وواقعها، والتي تبث الكراهية بين المسلمين وتعمق الفرقة بينهم، تُمثل خطَرًا على نسيج الأمة الواحد ومهددًا لسلامته وانسجامه، حاضرًا ومستقبلًا.

وأكد نداء الأُخوَّة الإسلامية، أن تحقيقَ هذا النداء لغايته، وبلوغَ هدفه، من حيث استعادة روح الأمة الواحدة حقًّا، يحتاج إلى التذكير بعددٍ من المبادئ الكليَّة، والقيم الحاكمة، والإجراءات الواجبة، التي ندعو إليها مخلصين مُلحِّين، ومن أبرزها أن وحدة الأمة عهد وميثاق.

وأن التفاهم والتعاونُ على تحقيق مقتضيات الأخوة الإسلامية واجبٌ متعينٌ على المسلمين جميعًا، وأن الحوار الإسلامي المطلوب اليوم، والذي تحتاجه الأمة ليس حوارًا عقائديًّا ولا تقريبيًّا، بل هو حوار تفاهم بنَّاء يستوعب عناصر الوحدة الكثيرة، في مواجهة التحديات المشتركة. مع الالتزام بآداب الحوار وأخلاقه. بالإضافة إلى أن تجدُّد الخطاب الإسلامي ضرورة لطرد الفتنة، وعزل الأصوات الغالية المتطرفة في كل مذهب.

كما دعا إلى التعاون المشترك بين المرجعيات الدينية والعلمية والفكرية والإعلامية لمواجهة ثقافة الحقد والكراهية بين المسلمين من أوجب الواجبات، وإلى الحكمة والجُرأة في النقد الذاتي لبعض المقولات لكون التراث الفكري والثقافي في مدارس المسلمين جميعا لا يخلو من أخطاء اجتهادية ينبغي أن تُتَجاوز.

وأن توجه العلماء ونخبة أهل الفكر والرأي إلى التفاهم، هو السبيل الأنجعُ لتحوُّل الرأي العام من جماهير المسلمين إلى ذات الوجهة، وأن المؤسسات العلمية الإسلامية الكبرى مدعوَّةٌ لمشروع علمي شامل، يُحصي كافَّة قضايا الاتفاق بين المسلمين في العقيدة والشريعة والقِيَم. وهو مشروعٌ سيكون له الأثر الكبير في معرفة الأمة بنفسها، وإصلاح تصوُّر بعضها عن بعض، وتنمية ثقافتها الإسلامية المشتركة، وتعزيز دعوتها الإنسانية.

وكذلك أن ثَمَّ ضرورة قصوى لاستنقاذ رسالة الإسلام وخطابه، من نوازع الخلاف السياسي وضغوطه، بل ميله في بعض الأحيان إلى تحريف قِيَمِ الدِّين وأحكامه لاستثمارها في المصالح الآنيَّة الحزبية الضيقة. وفي هذا السياق، تتحمل الصحافة، والإعلامُ بمختلف وسائله - وخاصة منصات التواصل - أمانةً عظيمة ومسؤولية جسيمة عن تجاوز خطاب الصراع بين المسلمين، وعدم إثارة أسبابه ونوازعه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق