تربية الأبناء تتطلب توازناً بين الثقة بهم والوعي بتصرفاتهم. إحدى القضايا المهمة في هذا السياق هي الميل إلى المبالغة في حسن الظن وإساءته بالأبناء. هذا الأسلوب قد تنتج عنه آثار بعيدة المدى على نموهم النفسي والاجتماعي وسلوكهم المستقبلي.
عندما يبالغ الوالدان في حُسن الظن بأبنائهم قد يتوقعون منهم أداءً عالياً يفوق قدراتهم العقلية مما يشكّل ضغطاً نفسياً كبيراً عليهم فيصابون بشعور دائم بالقلق أو الفشل إذا لم يتمكنوا من تلبية هذه التوقعات. كذلك في بعض الأحيان قد يؤدي حُسن الظن المفرط إلى تجاهل السلوكيات غير المقبولة أو تقديم تبريرات لها، فيعتقد الأبناء أن كل تصرفاتهم مقبولة مما يقلّل لديهم الإحساس بالمسؤولية. كلما عاملنا أبناءنا بحُسن الظن الزائد حرمناهم بشكل غير مباشر من تطوير مهارات التكيّف الضرورية لمواجهة صعوبات الحياة.
وفي الجهة المقابلة نجد مجموعة من أولياء الأمور يبالغون في إساءة الظن بأبنائهم مما يشعرهم دائماً بأنهم تحت المراقبة أو الشك حتى عندما يكونون صادقين فتتأثر ثقتهم بأنفسهم. نحن عندما نظن بأبنائنا السوء قد نعزّز لديهم السلوكيات السلبية، ولهذا قد يبدؤون بالتصرّف وفق هذه التوقعات وقد تتدهور العلاقة بين الوالدين والأبناء حيث يشعرون بأنهم غير مفهومين مما يدفعهم إلى الابتعاد عن الأسرة والبحث عن القبول في أماكن أخرى.
من المهم أن يكون الوالدان على دراية بقدرات أبنائهم وحدودهم بحيث تكون متناسبة مع عمر الابن ومستوى نضجه، فالتقييم الواقعي يساعدنا على تقديم الدعم المناسب دون مبالغة في التوقعات، وبدلاً من ذلك نقوم بتقديم التغذية الراجعة للأبناء بحيث تكون بنّاءة وتركز على السلوك لا الشخص نفسه.
همسة أُسٌّ
كلما وثقنا بأبنائنا وشجّعناهم على تحمّل المسؤولية ساعدناهم على بناء شخصية مستقلة وقوية، فالثقة المعقولة بهم تشجّعهم على الإيجابية وتحمّل المسؤولية، ويصبح التواصل المفتوح والصادق هو المفتاح الأول لفهم احتياجاتهم من خلال التوازن بشكل صحي في حياتنا.
0 تعليق