النتائج السياسية ليوم التأسيس

صحيفة مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
ذكرت في مقالات سابقة أن تأسيس الإمام محمد بن سعود يرحمه الله لهذا الكيان مع ابتداء توليه الحكم عام 1139 هجرية الموافق 1727م قد حقق انتقال المجتمع في الجزيرة العربية من سياق دولة المدينة، وهو سياق سياسي قائم على التشرذم والاختلاف، إلى سياق مدينة الدولة، وهو نموذج وحدوي يؤدي إلى تنامي القوة، ويحد من حالة الضعف والتشرذم.

في ذلك الوقت كانت الجزيرة العربية بأكملها تعيش حالة من الضعف والفرقة في إطار جغرافي منفصل عن ذاته بفعل رؤية سياسية ضيقة، لتتحول البلدات والأقاليم إلى جزر معزولة، يحارب بعضها بعضا، وتستعين على بعضها بقوى خارجية. حتى قيض الله للجزيرة العربية الأمير محمد بن سعود وهو القائد العربي المحنك، الذي ينطلق في تفكيره من مبادئ قيمية سامية، تؤمن بالوحدة، وتدرك بأن الفرقة ضعف، فكان أن سعى إلى توحيد معظم أرجاء الجزيرة العربية والتي تشتت أوصالها منذ خروج عاصمة الخلافة من المدينة المنورة، إلى الكوفة، ثم دمشق، فبغداد، مرورا بالقاهرة، ووصولا إلى إسطنبول.

هكذا جاءت نشأة الدولة السعودية، وعليها تقوم المملكة العربية السعودية اليوم التي يمشي قادتها على خطى القائد الأول الإمام محمد بن سعود، وبحكمة وبعد نظر القائد المؤسس للدولة الحديثة الملك عبد العزيز آل سعود، والذي اهتم منذ ابتداء حكمه بتوحيد كلمة العرب، ولم شملهم، ومساعدتهم ليكونوا عصبة واحدة متحدة أمام مختلف التحديات التي تواجه دولهم وشعوبهم.

وهو ما نعيشه اليوم كمجتمع سعودي في ظل رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظه الله، وقيادة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان الذي لم ينفك مؤكدا على أهمية ومركزية هذه البلاد، وقدرتها بأبنائها ومقدراتها على قيادة الركب العربي والإسلامي صوب آفاق متقدمة من العمل في إطار إقليم الشرق الأوسط والمجتمع الدولي بأكمله، الأمر الذي بات واضحا في كثير من الأحداث والصور السياسية المشاهدة، ومن ذلك أن يختار أقوى زعيمين في العالم مدينة الرياض لتكون محطة للقائهما وفتح حوار مباشر بينهما برعاية سعودية، بهدف سماع بعضهما بعيدا عن الضوضاء والأصوات المغرضة، وبنية خفض التوتر والوصول إلى نتائج سياسية وعسكرية واقتصادية إيجابية بينهما.

كذلك الحال مع قضية الوطن العربي والإسلامي الكبرى، وأقصد بها قضية الشعب الفلسطيني المنكوب، والذي لم يعد له من مساند قوي يحفظ حقوقه سوى السعودية، بموقفها الثابت والأصيل الرافض لكل أعمال الإبادة والقتل وما يتراءى من أعمال تطهير عرقي سواء من خلال فرض التهجير القسري أو غير القسري، وهو الموقف الذي باتت مختلف الدول العربية تستند إليه وتحتمي به، بل ويصبح اسم الأمير محمد بن سلمان بمثابة الضامن الذي بذكره يعتدل الحوار وينضبط في سياقه المقبول، كما تراءى لي حين ذكر الملك عبد الله الثاني اسم الأمير محمد في محضر حديثه إلى الرئيس ترامب خلال لقائما في الأسبوع الفائت.

أخيرا، يأتي يوم التأسيس ليذكر بأولئك الرجال، الرجال الذين آمنوا بأن الوحدة قوة والتشرذم ضعف، وهو ما يجب أن نستوعبه جيلا بعد جيل، ونعمل على تأكيده بإرادتنا وعزمنا في ظل قيادتنا الوطنية العظيمة. وكل عام وقيادتنا ونحن في عز وقوة ومنعة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق