بقلم: جدعون ليفي
23/2/2025
كل كاتب مقالات وكل خطيب يعرف أنه عندما يضعف المبرر فإنه يجب رفع النغمة. ما يحدث في الفترة الأخيرة في الخطاب في إسرائيل لا يدل فقط على ضعف المبرر وجعل الخطاب مبتذلا، بل هو أيضا خطير على المستقبل. الخطاب في إسرائيل تحول الى خطاب تحريضي ملوث ومبتذل ضد كل العرب، الفلسطينيين والغزيين، من رئيس الحكومة وحتى آخر المراسلين الميدانيين في التلفزيون، جميعهم يجدون أنه من واجبهم التطاول قدر الإمكان ضد حماس وغزة، وكأن الأمر سيزيد مصداقية ادعاءاتهم. فلم يعد بالإمكان ذكر كلمة حماس من دون أن ترفق بصفة النازي، ولم يعد بالإمكان ذكر غزة من دون قول كلمة وحوش، هذا الخطاب هو الأمر المتوحش حقا.اضافة اعلان
النغمة حددها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وفي أعقابه الجميع بدأوا في التنافس الوطني في الشتم والتشهير. "جميعنا غاضبون من وحوش حماس"، قال نتنياهو في اليوم الذي تمت فيه إعادة الجثث الأربع حسب الاتفاق، وبعد ذلك وعد بـ"تدمير القطاع". الإنسان هو الأسلوب. ومن يقول "وحوش" و"تدمير" يدلل على نفسه أكثر مما يدلل على مضمون أقواله. قتل أبناء عائلة بيباس كان وحشيا، لكن من يقول كلمة وحوش يدلل أيضا على ما يفعله جنوده، الذين قتلوا مئات الأطفال والرضع. وعندما تمت معرفة أن الجثة ليست لشيري بيباس تم فتح المزيد من أنابيب المجاري. نتنياهو كرر كلمة "وحوش"، لكن هذه المرة باللغة الرسمية له، الإنجليزية، جيش المحرضين سار في أعقابه، وحقيقة أن حماس قامت بإصلاح الخطأ في الليلة نفسها لم تساعد. هم وحوش وسيبقون وحوشا.
مراسم إعادة المخطوفين، مثل المراسم المؤثرة، أول من أمس، دلت على النازية ووحشية حماس. نازيون ينظمون مثل هذه المراسم الاحتفالية، ومن غير الواضح لماذا الموصوفون بالنازيين يستغلون هذه اللحظة لغرض الدعاية. فقط إسرائيل مسموح لها استغلال إعادة المخطوفين لغرض الدعاية. ولكن يجب قول الحقيقة، وهي أن معظم مراسم إعادة المخطوفين جرت بشكل منظم ومناسب، حتى عندما كانت العين الإسرائيلية لا ترغب في رؤية مخطوف وهو يقوم بتقبيل جبين حراسه، كما حدث أول من أمس. المذيعون سارعوا الى تهدئة الجمهور المحرج بالقول: هذا التقبيل فرض عليه رغم أن الأمر لم يظهر كذلك.
لماذا فعلوا ذلك؟ لأن شر حماس ظهر في أفعالها. لماذا يجب إضافة التحريض إليه، من المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي وحتى امنون ابراموفيتش؟ لأنه في الأصل نتنياهو الذي يتغذى على التحريض لاعتباراته السياسية. ولكن لماذا وسائل الإعلام؟ فقط من أجل الإعجاب، فقط من أجل الحصول على التربيت من الجمهور المتحمس.
لا يوجد ما يمكننا الدفاع فيه عن حماس. فهي منظمة نفذت هجوما ضد إسرائيل. ولكن الخطاب الذي تلوث سيجبي منا ثمنا باهظا. خُمس الإسرائيليين هم فلسطينيون -كيف سنتعايش معهم في الوقت الذي فيه إخوتهم هم وحوش نازيون؟ نصف الذين يعيشون بين البحر والنهر هم من الفلسطينيين، كيف سنعيش على جانبهم؟ إسرائيل شنت الهجوم الفظيع على غزة قبل أن يولد خطاب الوحوش. 7 تشرين الأول (اكتوبر) فعل الأعاجيب في وعي الإسرائيليين، ولذلك تمت إضافة التحريض وتأجيج المشاعر من قبل السياسيين ووسائل الإعلام. لم تعد توجد إنسانية في إسرائيل لأنه في غزة لا يوجد أشخاص "غير متورطين"، حتى الأطفال الذين ولدوا الآن وماتوا، وحتى رجال الحكمة والسلام في غزة -يوجد أشخاص كهؤلاء. يجب إضافة الخطاب المسموم في الفترة الأخيرة، وتخيلوا كيف ستكون الحرب المقبلة التي لن توجه فقط ضد حماس، بل ضد الوحوش النازيين. تخيلوا ما الذي يشعر به الجندي الذي يقوم الآن باقتحام بيت في الضفة الغربية، والتحريض الموجود في الخطاب الذي أصبح يسري في شرايينه. هو يدخل بيت وحوش نازيين، فكيف سيتصرف مع سكانه؟ هو سيدمر ويقتل بوحشية أكثر مما في السابق. هكذا نحن سنشتاق الى ضبط النفس اللطيف والأخلاقي للجيش الإسرائيلي في الحرب الحالية، مع وجود، فقط، نصف القطاع مدمرا، و15 ألف طفل قتيل فقط. انتظروا الحرب المقبلة، التي يحظر شنها ضد النازيين.
0 تعليق