اتخذت خطوات دونالد ترامب بُعداً من الريبة والقلق بشأن خطواته القادمة في العلاقة مع روسيا حيث تصف وسائل الإعلام بأن ذلك ما هو إلا انقلاب أمريكي على أوروبا والناتو وأوكرانيا.
وقد بدأت ملامح تلك الخطوات تتضح منذ أن تسلم الرئيس ترامب مفاتيح البيت الأبيض وأعلن تنفيذ وعده الانتخابي بإنهاء الأزمة الأوكرانية فوراً، وبالفعل هذا ما ترجمته هذه الوعود في اجتماع الرياض والذي أعلن فيه الخطوات الفعلية للمشاورات لحل تلك الأزمة وإسدال الستار عنها مما يعني تقارباً أمريكياً روسياً في الأفق.
وبخطوات تحليلية مبسطة وواقعية، يبدو أن دونالد ترامب يحضر لتصعيد مهم أو مرحلة قادمة لتاريخ أمريكا المعاصر، بمعنى عودة التحالف الأمريكي الروسي بالواجهة، وأن الأول قدم عرضاً سخياً يستحق من موسكو أن تنظر فيه لمستقبل أكثر ازدهاراً، والذي يتمثل في اندماج القوى العسكرية والتقنية والاقتصادية بين روسيا وأمريكا.
وهذا من شأنه أن يجعل بكين تقلق بمستوى التقارب الأمريكي لروسيا، وقد خدمت الأزمة الأوكرانية ذلك الاتجاه، ويرجع السبب إلى أن موسكو قد استنفذت مخزوناتها من الأسلحة والعملات الصعبة وتحتاج إلى هذا التقارب لإعادة روسيا إلى الواجهة بالمقابل تسعى واشنطن إلى تشكيل قوى مناهضة تعادل الصين وتتفوق عليها.
وبالتالي، فإن خطة ترامب هي تستهدف أكثر من حجر، فالأول عزل الصين عن روسيا، والثاني إخضاع إيران المتمردة للاتفاق النووي وتقليص نفوذها بالشرق الأوسط، والثالث خلق تفاهمات أكثر في أفريقيا والرابع تحجيم القوى الأوروبية.
خلاصة القول، إن خطة ترامب في التقارب مع روسيا هي مدروسة على المستوى الاستراتيجي وليست من باب الصدفة، فهي ترسم لمرحلة مقبلة تسعى واشنطن لتعزيز هيمنتها على العالم، بل يفوق الأمر إلى أن هذا التقارب قد يولد صراعاً مدوياً داخل أوروبا التائهة بين طمس تاريخها لترسم خارطة جديدة من تحالفات قد تقلب بها الطاولة كخطوة استباقية نحو الاستقلالية من خلال خلق جبهة مضادة يتم بها تحالف أوروبي صيني لنشهد تغيراً جذرياً مهماً في خارطة النظام العالمي الجديد.. وهذا ما ستكشفه لنا الأيام المقبلة.
0 تعليق