يحمل رسائل غامضة..علماء آثار يحاولون فك شفرة أقدم حجر روني في العالم - الأول نيوز

cnn 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أظهرت أبحاث جديدة أن أقدم حجر روني مؤرخ في العالم، وهو اكتشاف بارز كُشف عنه في عام 2023، ليس سوى جزء من لوح أكبر يعود تاريخه إلى نحو 2000 عام. ويعمل العلماء في النرويج الآن على إعادة تجميع هذا اللغز القديم، وهي عملية بدأت تلقي الضوء على هوية من قام بنقش الكتابة الرونية الغامضة ومعاني الكلمات المنقوشة.

ذكر متحف التاريخ الثقافي بجامعة أوسلو أن الأحجار الرونية كانت بمثابة اللبنات الأساسية لأول كتابة جرمانية في القرون الأولى بعد الميلاد، واستُخدمت في اسكندنافيا حتى أواخر العصور الوسطى.

يُعتقد أن الشعوب الجرمانية استلهمت من الأبجدية الرومانية لإنشاء هذه الأحرف، لكن الأصول الدقيقة للأحرف الرونية وكيفية استخدامها لا تزال غير واضحة تمامًا.

وعُثر على العديد من الأحجار المنقوشة بالرونية في جميع أنحاء اسكندنافيا، وتحمل رسائل مثيرة، حيث تتحدث إحداها  عن ملكة فايكنغ قوية أو تحذير من تغير مناخي شديد بناءً على أحداث سابقة. لكن غالبية هذه الأحجار تعود إلى عصر الفايكنغ، بين عامي 800 و1050 ميلادي، في حين أن الأمثلة المبكرة على الأحجار الرونية نادرة جدًا.

أقدم حجر روني في العالم يضم قطعا تحمل رسائل غامضة
تشير الأحرف الرونية الموجودة على حجر الحفرة رقم 3 إلى أن الكاتب ربما كان امرأة، وذلك استنادًا إلى تحليل الباحثين.Credit: George Alexis Pantos/Kristel Zilmer

وعندما كشف علماء الآثار عن أقدم حجر روني معروف في عام 2021 أثناء التنقيب في موقع دفن قديم في شرق النرويج، وجدوا قطعة كبيرة مغطاة بآثار نقوش رونية. ولكن مع استمرار العمل الميداني، اكتشف الباحثون شظايا إضافية من الحجر الرملي في قبور قريبة، تحمل بعضها نقوشًا رونية مشابهة.

بعد دراسة هذه القطع، تبين أنها تتلاءم معًا، حيث امتدت بعض الكتابات الرونية من حجر إلى آخر. وعندها أدرك العلماء أن هذه الشظايا كانت في الأصل جزءًا من حجر واحد. 

وقد نشر فريق البحث هذه النتائج الجديدة في العدد الصادر بتاريخ 3 فبراير/ شباط بدورية "Antiquity".

يبدو أن الحجر قد تم تفتيته عمدًا، بناء على الطريقة التي حطم بها، وتم وضع القطع الفردية في دفنات مختلفة حدثت لاحقًا. وعلى مر الزمن، استخدمت الأحجار الرونية كنصب تذكارية أو لتحديد أحداث معينة. وأشارت أحدث الاكتشافات إلى أن الاستخدام الطقسي لهذا الحجر الروني المحدد قد تغير مع مرور الوقت.

وانتهى الأمر بقطع الحجر، بما في ذلك الاكتشاف الأصلي في عام 2021، مدفونة بجانب بقايا بشرية محروقة، ما سمح للباحثين بتأكيد أن شظايا الحجر الروني هي الأقدم التي تم توثيقها على الإطلاق. وأوضحت تقنية التأريخ بالكربون المشع أن هذه الشظايا تعود إلى الفترة ما بين 50 قبل الميلاد و275 بعد الميلاد.

أقدم حجر روني في العالم يضم قطعا تحمل رسائل غامضة
كان حجر "هول 2" هو أول قطعة مغطاة بالرونية تم اكتشافها في عام 2021 من الموقع.Credit: George Alexis Pantos/Kristel Zilmer

وعبر البريد الإلكتروني، أوضحت الدكتورة كريستل زيلمر، وهي أستاذة بعلم الكتابات الرونيّة في متحف التاريخ الثقافي بجامعة أوسلو، والمؤلفة المشاركة في الدراسة: "نظرًا لندرة الأحجار الرونية التي عثر عليها في سياقات أثرية يمكن تأريخها بشكل واضح، كان لدينا القليل من الأدلة الملموسة حول الاستخدام المبكر للكتابة الرونية على الحجر وعمر أقدم الأحجار الرونية". 

وأضافت: "تُعد الشظايا المنقوشة ... استثناءً نادرًا من هذا النوع، بالإضافة إلى أنها تحتوي على مزيج مذهل من النقوش المتعددة وعلامات أخرى، وهو شيء لم يسبق له مثيل على الأحجار الرونية المنقوشة من قبل".

لكن هذه الشظايا تثير أيضًا ألغازًا جديدة، بما في ذلك الألغاز الكامنة في العلامات الرونية الغامضة، والتي يصعب ترجمتها، إلى جانب أدلة مفاجئة حول هوية النقاشين أنفسهم. 

وقد تساعد هذه الاكتشافات الباحثين على فهم أفضل لكيفية إعادة استخدام الأحجار الرونية عبر الزمن.

فك شفرة الحجر الروني

اكتشف علماء الآثار نقوشًا رونية على عدة عناصر، بما في ذلك مشط عظمي وسكين حديدي، بالإضافة إلى الأحجار الرونية التي كانت تُستخدم لأغراض مختلفة. 

تُعد ترجمة هذه الرموز أمرًا صعبًا نظرا لأن اللغات الجرمانية التي تمثلها قد تغيرت بمرور الوقت.

وقالت زيلمر: "من المرجح أن الأحجار الرونية كانت لها أغراض احتفالية وعملية. ويُشير موقع القبر والحجر الأصلي (المنفرد) المنتصب إلى غرض تذكاري وتكريسي، في حين أن استخدامها لاحقًا في دفن منفصل يعكس تعبيرات رمزية وبراغماتية متأخرة".

ذكر المؤلف الرئيسي للدراسة، الدكتور ستاينار سولهايم، وهو الأستاذ المساعد في علم الآثار بجامعة أوسلو، متحف التاريخ الثقافي، أن فريق البحث بدأ في استكشاف مقبرة "Svingerudsteinen" (سفينجيرود)، وهي عبارة عن موقع شهد العديد من الاكتشافات الأثرية السابقة في بلدية هول بالنرويج، وذلك كجزء من "حفريات إنقاذية" تم تنفيذها قبل بناء طريق سريع وسكة حديدية جديدة.

تُعد النقوش الموجودة على الأحجار المستخرجة من موقع الحفرة مثيرة للاهتمام بشكل خاص لأنها تبدو وكأنها تعكس أعمالًا متعددة من الكتابة، "وتظهر مزيجًا رائعًا من الكتابة المتعمدة، والمفهومة، ومحاولات الكتابة، والزخارف الشبيهة بالخطوط".

وقد تمثل العلامات غير المعروفة أشكالًا مبكرة من الرونية، ولكن من الصعب على الباحثين تحديد متى تم نقش الكتابات المختلفة.

تبرز إحدى التسلسلات على حجر "سفينجيرود"، المعروف الآن باسم حجر "هول 2"، بشكل خاص، وهي عبارة عن كلمة واحدة، أو اسم "Idiberug" (إيديبيروج). ولم يتمكن الباحثون من تحديد معنى دقيق له، لذا يعتقدون أنه كان اسم لشخص، ربما امرأة.

أما أوضح نقش فهو على حجر "هول 3"، ويبدو أنه توقيع كاتب الأحرف الرونية.

وأوضحت زيلمر: "يبدأ النص بكلمة أنا، متبوعة باسم الكاتب، ثم بفعل يشير إلى النشاط (كتب) وأخيرًا بكلمة رونية، والتي تشير إلى النقش ككل".

وأضافت زيلمر: "من الصعب تحديد اسم كاتب الرونية بسبب الأحرف الرونية الباهتة وغير الواضحة والأسطح المتآكلة. وقد اقترحنا بعض التفسيرات المحتملة. والسمة الأكثر إثارة للاهتمام هي النهاية بـ -u، ما يشير إلى أن هذا ربما كان اسم امرأة. وإذا كان الأمر كذلك، فسيكون هذا أقدم سجل معروف لكاتبة رونية أنثى".

في الكتابة الرونية، تُعتبر النهاية بـ"-u" علامة تأنيث. ويتردد المؤلفون في هذه المرحلة من بحثهم في الربط بين الكاتبة المحتملة للنقش على حجر "هول 3" والاسم الأنثوي المحتمل "إيديبيروج" على حجر "هول 2".

لا يزال العمل مستمرًا لكشف المزيد حول العديد من الشظايا الصغيرة الإضافية التي تم العثور عليها في عام 2023، ولا يزال الباحثون يحاولون تحديد الطريقة المثلى لتركيبها معًا.

وقالت زيلمر: "يكمن التحدي في حقيقة أن هذا ليس لغزًا مكتملًا، نحن نفتقد أجزاء كبيرة، وهناك فجوات واضحة". 

وأضافت: "مع ذلك، نعتقد أنه من الممكن تحديد عدد الشظايا الصغيرة التي يمكن ربطها بالشظايا الأكبر أو ببعضها البعض".

من جانبها، تعتقد الدكتورة ليزبيث إيما، وهي أمينة متحف وباحثة كبيرة في المتحف الوطني الدنماركي، أن هذه الأحجار ستدفع الباحثين إلى إعادة النظر في فهمهم للأحجار الرونية، التي كانت تُستخدم عادة كنُصُب تذكارية لتخليد أسماء الأشخاص، ومنعها من الاندثار مع مرور الزمن.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق