في حادث صادم بولاية أوتار براديش شمالي الهند، لقي ساجد علي -وهو مسلم في الأربعين من عمره- مصرعه حرقًا، بعد أن رفض سحب دعوى قضائية ضد زعيم هندوسي محلي، متهم باغتصاب زوجته.
وتسلط الجريمة، التي وقعت قبل أيام قليلة من جلسة المحكمة، الضوء على الأخطار التي تواجهها العائلات التي تجرؤ على المطالبة بحقوقها أمام زعماء الهندوس، وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بالمسلمين الذين يعانون وتيرة متصاعدة من العنف والاضطهاد منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي اليميني إلى الحكم عام 2014.
عامان من النضال
وحسب أسرة الضحية، بدأت مأساة ساجد وزوجته في يونيو/حزيران عام 2022، عندما تعرضت الزوجة لاعتداء وحشي على يد بهولا ياداف -وهو عمدة قرية سابق وزعيم هندوسي محلي- وأعوانه، بعد أن استدرجها إلى منزله بحجة إعداد الطعام، وحاول إغراءها بالمال في البداية، لكنها رفضت. كانت امرأة غير متعلمة وتنحدر من عائلة شديدة الفقر، مما جعلها أكثر عرضة للاستغلال. ورغم مقاومتها فقد انتهك ياداف كرامتها، وهددها بقتل أسرتها قبل أن يغتصبها بالقوة.
تروي زوجة ساجد رعب ذلك اليوم، مشيرة في شكواها للشرطة إلى أنها عندما حاولت تقديم بلاغ رسمي في اليوم التالي، واجهت تهديدات وضغوطًا لإجبارها على الصمت.
وعندما أصرت على المطالبة بحقها، جرى اختطافها واحتجازها قسرًا مدة 4 أشهر، في محاولة لإسكاتها وإجبار أسرتها على التراجع عن القضية.
ومع صمت السلطات وتقاعس الشرطة عن اتخاذ أي إجراء، خاض ساجد معركة قانونية شرسة استمرت عامين، إذ كان يتردد يوميًّا على مركز الشرطة مطالبًا بالعدالة.
لكن الملف لم يُفتح إلا بعد ضغوط مكثفة، مما أجبر الشرطة أخيرًا على تسجيل قضية ضد الجاني.
اغتيال ساجد
يقول السكان المحليون إن ساجد كان غارقًا في الحزن والصمت، لا يتحدث إلى أحد. كان يعيش في ألم دائم ومعاناة مستمرة بعدما تعرضت زوجته للاغتصاب على يد الزعيم الهندوسي، بينما ظلت السلطات صامتة ولم تتخذ أي إجراء ضد الجاني.
بدأ بصيص الأمل يظهر له عندما حددت المحكمة موعدًا لنظر قضيته، مما جعله يتمسك بالأمل في تحقيق العدالة.
ولكن قبل أيام قليلة من جلسة المحكمة المرتقبة، وقع ما كان يخشاه الجميع. استدرج مسلحون تابعون للزعيم الهندوسي ياداف، ساجد إلى موقع معزول، وتعرَّض لاعتداء وحشي قبل سكب الديزل عليه وإضرام النار فيه. وصباح الثلاثاء الماضي، عُثر على جثته متفحمة في حقل زراعي.
فقدتُ كل شيء!
عاشق علي -والد ساجد- الذي عانى سنوات من التهديدات والضغوط الاجتماعية بسبب القضية، بدا مدمَّرًا عند تلقيه الخبر. قال أمام الصحفيين ودموعه تنهمر “لقد قتلوا ابني بوحشية، أحرقوه حتى لا يمكن التعرف عليه. ما الذي تبقى لي في هذه الحياة؟”.
وأفاد والده للجزيرة مباشر بأن ساجد كان العائل الوحيد للأسرة، وكان يعمل بلا كلل لإعالتهم، ويمنحه بعض المال لتغطية نفقات المعيشة.
لكن أكثر ما كان يميز ساجد -وفقًا لوالده- هو إصراره على تحقيق العدالة لزوجته، التي تعرضت لاعتداء وحشي. وأضاف “كان ساجد يطرق أبواب الشرطة والمحاكم، غير مكترث بالتهديدات أو الأخطار”.
وتابع والد الضحية للجزيرة مباشر “ابني لم يكن مجرمًا، لم يكن يبحث عن انتقام، كان فقط يريد العدالة، لكنه بدلًا من أن يحصل عليها، أُحرق حيًّا بوحشية”.
موقف الشرطة
بدوره، أكد ماهيندرا بهاردواغ -المستشار القانوني لزوجة ساجد- لوسائل إعلام محلية أن القضية الأصلية تشمل تهمًا بالاغتصاب والاختطاف، لكنها تعرضت للتلاعب والتخفيف في مراحل التحقيق.
ومع ذلك، بعد تدخُّل القضاء، أعيد تصنيفها قضية اغتصاب جماعي، وهو ما زاد من الضغوط على العائلة، وأدى إلى تصعيد التهديدات ضدها.
من جانبه، صرَّح راهول ميثاس -ضابط شرطة في مينبوري- بأن السلطات أرسلت جثة ساجد للتشريح، وأكد أن تحقيقًا شاملًا يجري حاليًّا، متعهدًا باتخاذ “الإجراءات الضرورية”.
وقالت الشرطة إن التحقيق في قضية القتل لا يزال جاريًا، مضيفة أن معلومات جديدة قد تظهر قريبًا. كما أشارت إلى احتمال ضلوع أشخاص آخرين في الجريمة، مما قد يكشف أبعادًا أوسع للقضية.
0 تعليق