وشدد المشاركون في لقاء امتد لأكثر من ساعتين، نظمه منتدى الابتكار والتنمية الأردني حول واقع منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بعد مرور نحو 25 عاما على تأسيسها تحت عنوان "مستقبل العقبة الاقتصادي والصناعي بين الطموح والواقع"، على ضرورة إحداث نقلة نوعية في العقبة، لترسيخ مكانتها كنموذج رائد في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على الصعيدين الوطني والإقليمي، مشددين على تفعيل قانون المنطقة الخاصة والحد من تغول الحكومة المركزية على إيرادات العقبة.
واستعرض المشاركون أهم التحديات والفرص المستقبلية في ضوء الرؤية الملكية ورؤية التحديث الاقتصادي، مؤكدين أن العقبة حققت إنجازات متقدمة على مدى ربع القرن الماضي، لكنها لم تلامس بعد جميع الآفاق التنموية التي يتطلع إليها جلالة الملك.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الوزني: "إن الرؤية الملكية لمنطقة العقبة الاقتصادية الخاصة كانت تهدف إلى بناء “نموذج تنموي” يمكن تطبيقه لاحقا في المحافظات الأخرى من خلال تبسيط الإجراءات وخفض الأعباء الضريبية"، مثنيا على نجاح العقبة في قطاعات السياحة والموانئ والخدمات، مع تأكيده الحاجة إلى مراجعات تشريعية ومؤسسية للحد من أي تداخل بين القوانين المركزية وقانون المنطقة الخاصة.
واستعرض العين شرحبيل ماضي في محور نحو تفعيل قانون العقبة والتميز الصناعي التقدم الذي حققته العقبة في مجال توسيع الموانئ والمطار وارتفاع حجم الاستثمارات إلى ما يقارب 26 مليار دولار، مشددا على أهمية استمرار الدعم الرسمي لتطوير البنية التحتية ودعم دور العقبة كمحرك أساسي للاقتصاد الوطني إضافة إلى دعم التعليم والتدريب في تلبية احتياجات الصناعة والسياحة.
وشدد الدكتور المهندس أمجد الشباطات على تفعيل قانون المنطقة الخاصة، مؤكدا دور إدارة المشاريع وإدارة التغيير في ضمان نجاح المبادرات التنموية، مؤكدا أن نحو 70 % من فشل المشروعات يعود إلى ضعف التعامل مع مقاومة التغيير.
وأكد الشباطات على ضرورة إنشاء مكاتب متخصصة لإدارة محافظ المشاريع ومكاتب للتحول المؤسسي، إلى جانب بناء شراكات إقليمية ودولية لاستقطاب الاستثمارات وتبادل التقنيات.
وحدد الخبير التنموي الصناعي المهندس رائد الصعوب ملامح الرؤية الصناعية للعقبة، واصفا إياها بـ"معبر الطاقة" ومركز الصناعات الكبرى في الأردن، مشيرا إلى ضرورة التكامل بين القطار والموانئ والمطار، والتوسع في الصناعات القائمة على الفوسفات والبوتاس.
وأشار إلى مشكلة تراكم جبال الجبس ومخلفات الصناعات التي تنعكس سلبا على الواقع البيئي في المنطقة، داعيا إلى تبني حلول تكنولوجية وصناعية مثل إنتاج كلوريد الكالسيوم والأسمدة المركبة، لتحقيق قيمة مضافة ومعالجة الآثار البيئية السلبية.
وفي محور التخطيط الشمولي والابتكار، أشار مدير فرع نقابة المهندسين بالعقبة السابق المهندس عامر الحباشنة إلى أبرز محاور المخطط الشمولي (2030–2040) الذي بُني على تحديثات سابقة، مشيرا إلى أهمية توزيع العقبة على أقاليم وظيفية (سياحية، صناعية، لوجستية، سكنية) لضمان التنمية المتكاملة.
وأكد أن انحسار بعض صلاحيات سلطة العقبة الاقتصادية الخاصة لمصلحة الوزارات المركزية أعاد قدرا من البيروقراطية، داعيا إلى حزمة إصلاحات تشريعية لتجديد المزايا التنافسية للعقبة.
من جانبه، بين الدكتور حمزة هنية الحاجة إلى تكثيف الاستثمار في البحث والتطوير (R&D) وعقد شراكات بين القطاع الصناعي والجامعات، إلى جانب ضرورة إشراك الشباب في إطلاق مشروعات ريادية ضمن قطاعات حيوية مثل التقنية والسياحة والطاقة النظيفة، مشيرا إلى ضرورة توفير الحاضنات ومراكز التدريب والتمويل.
وأكد الناشطان نوع الخطاب وعلياء الكباريتي على ضرورة إعادة تميز المنطقة الاقتصادية بالإعفاءات الجمركية والضرائب المخفضة التي كانت مع انطلاقتها، مطالبين بتفعيل برامج لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وسن آليات واضحة لتوظيف أبناء العقبة وتوفير منح دراسية، مع الدعوة لتعزيز التواصل والتشاور المستمر بين السلطة والسكان.
بدوره، قال رئيس منتدى الابتكار والتنمية الدكتور محمد الفرجات: "إن الهدف من اللقاء الوقوف على مسيرة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بعد 25 عاما وما قدمت للمملكة وأبرز النجاحات والإخفاقات، بالإضافة إلى توصيات تنموية اقتصادية مجتمعية لتوصيلها إلى أصحاب القرار في العقبة والعاصمة عمان".
وأوصى المشاركون في اللقاء على ضرورة إجراء إصلاح تشريعي وإداري وتمكين سلطة العقبة الاقتصادية الخاصة بالمزيد من الصلاحيات، وتوحيد الضرائب والرسوم لتكون منافسة إقليميا، مع تعزيز الحوكمة والشفافية في آليات صنع القرار، بالإضافة إلى الاستثمار في القوى البشرية وتوجيه الجامعات وبرامج التدريب نحو القطاعات الرئيسة في العقبة (السياحة، الطاقة، النقل البحري، الأسمدة، الإدارة اللوجستية)، وإعادة تفعيل المنح الدراسية لأبناء المنطقة وتحفيز الابتكار والبحث العلمي.
وأكدوا على أهمية دعم الشراكات بين القطاع الأكاديمي والقطاع الصناعي، ورعاية ريادة الأعمال الشبابية عبر حاضنات الأعمال، وزيادة الإنفاق على البحث والتطوير وتطوير القطاعات الصناعية واللوجستية والتوسع في الصناعات القائمة على الفوسفات والبوتاس، وإنشاء مصنع أمونيا بالاعتماد على الغاز المحلي أو الهيدروجين الأخضر، ومعالجة المخلفات الصناعية من منظور بيئي واقتصادي.
وفي مجال المجتمع المحلي، أكد المشاركون والخبراء على تمكين المجتمع المحلي إلى جانب إنشاء مجلس استشاري يضم ممثلين عن المجتمعات المحلية، والارتقاء بالخدمات الصحية والتعليمية، وتحفيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتوفير فرص عمل في مواجهة البطالة.
وكانت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة قد أطلقت إستراتيجيتها للأعوام 2024-2028 والتي تهدف لجعل العقبة مقصدا عالميا ووجهة متكاملة للسياحة والتجارة والاستثمار وتسعى لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة وتحسين نوعية حياة المواطنين وضمان الحصول على الخدمات بجودة عالية وشفافية ونزاهة وعدالة.
وتركز الإستراتيجية على سبع أولويات أساسية وهي التركيز وتعزيز مكانة العقبة على خريطة السياحة العالمية كوجهة مميزة للسياحة البيئية والتراثية على خليج العقبة والأولوية واستهداف تمكين منطقة العقبة كوجهة عالمية جاذبة للاستثمار والتركز على تعزيز النمو الأخضر وتحقيق التنمية المستدامة واستحداث منطقة مرنة قادرة على التكيف والتحول إلى مدينة ذكية لتحسين جودة العقبة في المنطقة وجعل العقبة مركزا إقليميا للمهارات الفنية والتقنية مؤسسة مميزة وكفؤة وفعالة وقادرة على تحقيق أهدافها من خلال خدماتها وأنظمتها وكوادرها وجعل العقبة مركزا إقليميا للريادة والابتكار.
0 تعليق