التبرع بالأعضاء.. قصة تُكتب بنبض الآخرين

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

خطت البحرين خطوة إنسانية رائدة بإطلاق مبادرة وطنية للتبرع بالأعضاء، مجسدةً أسمى قيم العطاء والتكافل الاجتماعي، فهذه المبادرة تعكس صورة مشرقة للتضامن المجتمعي، إذ يشارك الجميع بقرار نبيل يتمثل في إهداء الحياة لمن هم بأمسّ الحاجة إليها، فهي مبادرة تنبض بالرحمة والأمل، وتضع البحرين في طليعة الدول التي تتبنى العمل الإنساني منهجاً للتطوير الصحي والاجتماعي، ولها نواحٍ إيجابية كثيرة.

فمن الناحية الإنسانية، يمثل التبرع بالأعضاء قمة البذل والإيثار، فكم من مريض يعاني فشلاً عضوياً استعاد الأمل في الحياة بفضل متبرع قرر جعل مصابه طوق نجاة لغيره، كما أن إنقاذ حياة إنسان واحد يعادل إنقاذ حياة البشرية جمعاء، تصديقاً لقوله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)، وهذه المبادرة تُحيي في نفوسنا قيمة التضحية، وتُذكّرنا بأن أعظم الهبات هي تلك التي تهب الحياة لمن فقدها.

أما على الصعيد الاجتماعي، فهذه الخطوة تعزّز روح التكافل والتضامن في المجتمع البحريني، فلقد أثبتت التجارب أن وعي الأفراد بأهمية التبرع بالأعضاء يُسهم في ترسيخ ثقافة العطاء المستدام، وعندما تتكاتف جهود المجتمع، قيادةً وشعباً لتشجيع مثل هذه المبادرات، فإنها تؤكد أن الجميع شركاء في المسؤولية تجاه المرضى والمحتاجين، فهي دعوة مفتوحة لكل فرد ليكون جزءاً من قصة أمل جديدة يسطرها المجتمع بتكاتفهم وتعاطفهم.

ويؤدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء دوراً محورياً في دعم هذه المبادرة، فقد جاءت هذه الخطوة بتوجيهات القيادة الحكيمة ورعاية سموه المباشرة، مما يعكس رؤية القيادة نحو تعزيز التكافل الاجتماعي وتحقيق التنمية الصحية، كما أن اهتمام سمو ولي العهد بتطوير منظومة الرعاية الصحية وتبني المشاريع الإنسانية يعكس التزام الدولة برفع جودة حياة المواطنين والمقيمين، وليس مستغرباً أن نرى البحرين تسابق الزمن في رقمنة خدماتها الصحية وتطويرها، لتجعل من التبرع بالأعضاء عملية ميسرة وموثوقة عبر منصة وطنية متقدمة.

ومن الجانب الشرعي، حظيت هذه المبادرة بتأييد وترحيب من قِبل علماء الدين، فقد صدرت فتاوى شرعية تُجيز التبرع بالأعضاء ضمن ضوابط معيّنة تراعي المصالح الإنسانية وتصون كرامة الإنسان، بينما توقف البعض عن إطلاق أي حكم، ولكن هناك الكثير من الفتاوى المعتبرة التي تبرهن على انسجام هذا التوجّه مع مقاصد الشريعة الإسلامية التي تحضّ على إنقاذ الأرواح ومساعدة المرضى والتخفيف من معاناتهم، فالإسلام بمبادئه السمحة يعتبر التبرع بالأعضاء صدقةً جاريةً وعملاً صالحاً عظيماً متى التُزمت فيه الضوابط الأخلاقية والشرعية.

هذه المبادرة الوطنية للتبرع بالأعضاء في البحرين هي بصيص أمل حقيقي لمئات المرضى وعائلاتهم، فهي تجسّد تكاتف المجتمع والقيادة من أجل غاية نبيلة وهي إنقاذ الأرواح وتحسين جودة الحياة.

ففي زاوية معتمة من غرفة العناية المركزة، كانت ليان تستلقي بصمت، قلبها الصغير يرهقه الضعف، وأملها معلّق على نبض لم يعد يقوى على الحياة، وعلى بُعد كيلومترات، كان هناك قلب آخر توقف نبضه، لكنه يحمل معها فرصةً جديدة للعيش، قلبٌ وُهِب لها قبل أن ينطفئ، ليعيد إليها ضحكتها، ويرسم لها عمراً جديداً كان على وشك أن يُطوى.

وفي منزل آخر، كانت أمٌ منهكةٌ تحاول جاهدةً ألا تُظهر ضعفها أمام صغارها، تبتسم رغم الألم، رغم العيون التي تترقبها بخوف، لكنها كانت تعلم أن الحياة تسير بسرعة نحو المجهول، إلى أن جاء ذلك الخبر الذي غيّر كل شيء، شخصٌ لا يعرفها، قرر أن يمنحها كليته، وأن يعيد إليها صحتها، ويُبقيها بجانب أطفالها، لتصبح الضحكات التي كادت أن تنطفئ أكثر إشراقاً من أي وقت مضى.

وفي ظل هذا التلاحم الوطني والوعي المتنامي، تُواصل البحرين رسم لوحة مُشرقة للتضامن والعطاء، فليس هناك أبلغ من رؤية مجتمع يقف صفاً واحداً لمنح الحياة لمن يحتاجها، لترسيخ قيمة التعاون الإنساني التي تميّز البحرين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق