رمضان.. مدرسة الإيمان والتقوى

صحيفة مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
الحمد لله الذي بلغنا هذا الشهر الفضيل، شهر الرحمة والمغفرة، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، خير من صام وقام.

مع إطلالة هلال رمضان المبارك، يطيب لي أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رعاه الله، وإلى الشعب السعودي الكريم، والأمتين العربية والإسلامية. أسأل الله أن يجعله شهر خير وبركة، وأن يديم على بلادنا أمنها واستقرارها، ويجعل النصر والتمكين حليفا لأمتنا الإسلامية.

رمضان.. حين تنبض الروح بالإيمان
رمضان ليس مجرد شهر نؤدي فيه الصيام ونقيم فيه الصلوات، بل هو مدرسة روحية تعيد تشكيل النفس، تغسل القلوب من أدران الذنوب، وتحيي فينا قيم الرحمة والمغفرة. إنه موسم سنوي يعيد الإنسان إلى فطرته، ويذكره بحقيقة الدنيا الفانية، ويدفعه للتأمل في مصيره المحتوم.

منذ اللحظة الأولى لدخول الشهر الفضيل، نشعر بتغير الأجواء، وكأن العالم كله يرتدي ثوب النقاء، فتصفو القلوب، وتخف وطأة الذنوب، وتُقبل النفوس على العبادة بشغف. إنه موسم الرحمة والتوبة، حيث يعانق الصيام الروح ويهذبها، وترتفع الأكف بالدعاء، وتتسابق الأقدام إلى المساجد.

وفي هذه الرحلة الروحية، لا بد أن نأخذ العبرة ونتذكر أن الموت مصير لا مفر منه، فهو لا يستأذن أحدا، ولا يفرق بين صغير وكبير. ومن هنا كان هذا التساؤل في قصيدتي:

يا شهر رمضان يا شهر التقى والصيام
حياك ربي يا شهر الخير والمغفرة
أيامك صيام وليالك صلاة أو قيام
ونسبح الباري وندعيه ونكبره
رمضان.. والتأمل في حقيقة الفناء

إنها لحظات تأمل تُوقظ فينا الشعور بالفناء، وتُذكرنا بأحبتنا الذين كانوا معنا في رمضان الماضي، ثم غيّبهم الموت، فصاروا بين القبور ينتظرون دعاء الأحباب ورحمات الغفار.

الموت ما هو بمستاذن جميع الأنام
يا ضعف الإنسان بيدينه ويا مصغره
كم غاليا صام معنا الشهر من قبل عام
واليوم إذا جيت أزوره رحت للمقبرة
الدعاء للموتى والتراحم في رمضان

إن أعظم ما نقدّمه لمن سبقونا إلى دار البقاء هو الدعاء، فهم في أمس الحاجة له، ورمضان هو أنسب الأوقات للتضرع إلى الله من أجلهم، كما عبّرتُ عن ذلك في قصيدتي:

يا لله يا من سنا برقك يشق الظلام
يا مرسلا من سماك الغيمة الممطرة
أرسلت على قبور موتانا قنوف الغمام
واجعلهم بروضتين ريضانها مخضرة

إنها لحظة خشوع تمتزج فيها مشاعر الحزن والرجاء، حين نرفع أكفنا إلى السماء داعين لمن رحلوا، سائلين لهم الرحمة والمغفرة، آملين أن يرزقهم الله الفردوس الأعلى، وأن يبدل وحشتهم في القبور بأنوار رحمته.

رمضان والوطن.. دعاء للأمن والاستقرار
رمضان لا يقتصر على العبادات الفردية، بل يمتد ليشمل الدعاء للوطن والأمة، فهو شهر تتوحد فيه القلوب، وتتوثّق فيه أواصر المحبة والانتماء. ومن هذا الشعور الوطني النابع من القلب، كان ختام قصيدتي دعاء للوطن وقيادته:

واحفظ لنا القايد الفذ الشجيع الهمام
القائد اللي جهوده في الوطن مثمرة
وأمن لنا الدار والبيت العتيق الحرام
اللي ولو نخسر الأرواح ما نخسره

إن الأمن نعمة لا يدرك قيمتها إلا من فقدها، ورمضان يذكّرنا بفضل الله علينا، حين نعيش أجواءه في طمأنينة، بينما هناك أمم تعاني من ويلات الحروب والاضطرابات. لذا، لا بد أن يكون الدعاء لوطننا وقيادتنا حاضرا في قلوبنا، وأن نعمل معا للحفاظ على هذه النعمة العظيمة.

ختاما: رمضان فرصة لا تتكرر
رمضان ليس مجرد أيام تمر، بل هو فرصة نادرة للعودة إلى الله، وإصلاح القلوب، وتقديم الخير، وتذكّر الراحلين، والعمل على بناء مستقبل أفضل لنا ولوطننا. في كل عام يأتي، يذكّرنا بأنه محطة روحية ثمينة، فلا نعلم إن كنا سنبلغه في العام القادم أم نكون ممن يُزارون في المقابر!

اللهم اجعلنا من المقبولين في هذا الشهر الفضيل، وارزقنا فيه مغفرتك ورضاك، وبارك لنا في وطننا وأمتنا، وأعنا على صيامه وقيامه بما يرضيك عنا.
نص القصيدة كاملا:

يا شهر رمضان يا شهر التقى والصيام
حياك ربي يا شهر الخير والمغفرة
أيامك صيام وليالك صلاة أو قيام
ونسبح الباري وندعيه ونكبره
نقلع عن الذنب ونجنب دروب الحرام
ونعود لله وهول الموت نستشعره
الموت ما هو بمستاذن جميع الأنام
يا ضعف الإنسان بيدينه ويا مصغره
كم غاليا صام معنا الشهر من قبل عام
واليوم إلى جيت أزوره رحت للمقبرة
يا لله يامن سنا برقك يشق الظلام
يا مرسلا من سماك الغيمة الممطرة
أرسل على قبور موتانا قنوف الغمام
واجعلهم بروضتين ريضانها مخضرة
واحفظ لنا القايد الفذ الشجيع الهمام
القايد اللي جهوده في الوطن مثمرة
وأمن لنا الدار والبيت العتيق الحرام
اللي ولو نخسر الأرواح ما نخسره
وانشر على أجمع شعوب المسلمين السلام
وارفع من أعلى شعائر ربه وكبره

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق