أعداء الصباح

صحيفة مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تحذير مفاهيمي: يجب أن تتخلص من نظرة أن أعداء الصباح هم أولئك الذين ينامون إلى الظهر، فهؤلاء ليسوا أعداء الصباح، بل هم ضحايا أعداء الصباح.

ولكن أعداء الصباح الحقيقيين هم كائنات حقيقية وليست فضائية، قليلة النوم في الليل وقليلة النوم في النهار، ولأنها كذلك، فبدلا من أن تلوم سلوكها، تلوم الصباح الذي يأتي في عز استغراقها في النوم ثم تناصبه العداء، ثم تقوم بحملة تشويه سمعة الصباح من خلال العبث بإدراكيات الضعفاء من الناس فينامون إلى الظهر، والسؤال: لماذا لا تشتم الليل الذي لم يطل بما يكفي حتى تشبع من النوم؟ لماذا لم تصب جام غضبها على السهر الذي أودى بها إلى هذا السلوك؟ لماذا لا تضع كل قوتها في اللوم والعتاب على الكهرباء، مثلا، التي جعلت الليل مثل النهار في الضوء لكنها لم تجعله كذلك في النشاط والحيوية؟

وحتى نلامس المشكلة، دعونا نلقي القبض على أعداء الصباح ونكشف هوياتهم الحقيقية:

عدو الصباح الأول هو الجشع، فذلك الذي يريد أن يحصل على راتبه ولا يريد أن يصحو من النوم، فيكون الحل أن يصحو متأخرا، وتصبح حياته عبارة عن كل شيء في آخر دقيقة، ويقتات على الوقت بدل الضائع، وحياته قائمة على كلمتين «ألحق أو ما ألحق». ودائما يده على أزرار ثوبه، ينظمها ويكمل ارتداء ثوبه وشماغه وعقاله في السيارة، ولا يكتمل هذا الأمر إلا في المكتب!

عدو الصباح الثاني هم الفوضويون، الذين يستوي لديهم الصباح بالليل، ولذلك لا يميزون بين الساعة السابعة مساء والساعة السابعة صباحا، كلها رقم سبعة والسلام. فقد ينام في وقت الإفطار ويستيقظ عند الغداء ليكتشف أن الشمس غادرت منذ زمن، وربما مر عليه عدة أيام لم يرَ الشمس أصلا.

عدو الصباح الثالث هم القلقون المتوترون، الذين ينهضون مبكرا، لكنهم يجعلون الصباح جحيما للجميع! يبدأ يومه برحلة مثيرة للغضب: كوب قهوة فاخر يلتقطه بسرعة البرق، ثم قيادة جنونية بين السيارات، يراوغ الشوارع وكأنه طائرة «درون «في يد طفل، ولا يبالي إن تسبب في زحام كارثي أو حادث تسلسلي.

ولا يهتم لو اصطدم بسيارة اصطدمت هي الأخرى - بسببه - بعشر سيارات أخرى، فلديه «تأمين ضد الغير»، أي أن التأمين «سيتكفل بإصلاح سيارة» الآخرين، أما سيارته فلتذهب إلى الجحيم، فهو أصلا غير مقتنع بها ويأمل أن يغيرها قريبا، ولو في حادث أو عبر التشليح.

عدو الصباح الرابع هم الذين لا أهداف لهم في هذه الحياة، ولا يميزون بين الطيب والرديء. فهو إن استيقظ مبكرا كان سلبيا للغاية فلا يشعرك بالفرح، وإن استيقظ متأخرا فلا يأسف على ما فاته. وإن عاش، لم يكسب يوما، وإن مات، لم يُفقد بشرا، لأن وجوده في الحياة مثل قطعة خبز يابسة في آخر كيس في المطبخ، لا تفيد، لكنها أيضا لا تستحق أن تُرمى!

أخيرا: حتى لا تكون من أعداء الصباح، قدّر نعمة هذا الصباح، فهو أفضل وقت في اليوم من حيث الأجواء، ومن حيث نشاطك وحيويتك، ومن حيث أن الناس من المفترض أن يكونوا في أحسن حالاتهم المزاجية. ثم إن الصباح فرصة لتنظيم يومك، فمن خلاله يصبح يومك مرتبا أو عبارة عن غرفة نوم لطفل لم تره أمه منذ ثلاثة أيام. فتمتع وأمتعنا بصباح جميل كل يوم!

يقول صاحبي «الصباح أجمل لحظات اليوم، والله ما أضيّعه على أي شيء لا يستحق، حتى ولو كان العمل»!!

Halemalbaarrak@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق