مارس 8, 2025 9:28 م

عبد الله المجالي
الذي حدث في الساحل السوري خلال اليومين الأخيرين كان متوقعا، فالثورة لم تثبت أركانها بعد، ولم تبسط سيطرتها على كامل التراب السوري، كما أن مراكز القوى التي انهزمت؛ محليا وخارجيا، لا زال لها امتدادات وإمكانيات مالية وعسكرية يمكن تحريكها. ناهيك عن المؤامرات الصهيونية.
كما أن الدولة الجديدة لم تكمل مؤسساتها الدستورية والقانونية بعد بحيث تلم الشعب السوري بكل طوائفه تحت مظلة دستورية وقانونية واحدة، وبالتالي فإن هذا يغري البعض لاستغلال الملف الطائفي لتأجيج الفوضى والفتنة.
لا يتصور أن ما جرى خلال اليومين الماضيين كان وليد الصدفة، أو أنه ردة فعل غاضبة على حادثة معينة، بل إن الإشارات تدل على تخطيط وتنظيم. لكن السؤال هو ما الهدف منها؟
بداية لا أرى أن مَن وراء تأجيج تلك الأحداث كان يعتقد أنها سوف تسقط النظام الجديد؛ فالحركة المسلحة كانت في مناطق محدودة وهي مناطق الساحل ذات الأغلبية العلوية، ولذلك فإن الأرجح هو أنها تسعى لموطئ قدم في الساحل لتلتف حولها الطائفة العلوية، وتعمل على السيطرة على مدن الساحل، وقد تعلن هناك منطقة ذاتية شبيهة بالمنطقة الكردية بدعم خارجي؛ غالبا روسي أو إيراني.
إن من أجج تلك الأحداث يعلم علم اليقين أن الشعب السوري في حلب، وإدلب، وحماة، ودمشق، ودير الزور، ودرعا، وحمص، وحتى المناطق السنية في الساحل، والعربية في الرقة والحسكة، لن يقبل بعودة نظام الأسد بأي شكل من الأشكال، وأنه سيقاتل بشراسة لعدم عودة عقارب الساعة إلى الوراء، والدليل هو الاستنفار الكبير الذي شهدته تلك المناطق حين ورود الأنباء “المزعجة” من الساحل، وبالفعل فقد تحركت أرتال من المسلحين غير النظاميين للدفاع عن الواقع الجديد، وللأسف فقد ارتكبت تلك المجموعات انتهاكات ضد المدنيين العلويين.
هذا يعني أنه يصعب الآن إسقاط النظام الجديد عن طريق حركات مسلحة طائفية سواء كان ذلك من الشمال عبر قوات “قسد”، أو الساحل، أو السويداء. فهناك كتلة ضخمة مستعدة للدفاع عن الوضع الجديد بكل ما أوتيت من قوة. لكن تحركات عسكرية كتلك يمكن أن تهدد الأمن والاستقرار، وانتشار الفوضى والفلتان، وتعرقل خطط الإدارة الجديدة في السير قدما نحو سوريا جديدة، ويمكن، لا قدر الله، أن تزج سوريا في أتون حرب أهلية بشعة.
هذا يعني أن المخطط هو التقسيم، وليس “تحرير سوريا” كما يزعمون.
0 تعليق