بينوي كامبمارك* - (غلوبال ريسيرش) 26/2/2025
ينذر ما يجري في فلسطين بنهاية مروعة، مدفوعة باليأس والحماس. أولًا، تدمير غزة وتسويتها بالأرض، وتحويلها إلى مشهد قمري قاحل غير صالح للحياة، مع الوعد بجعلها أرضًا خالية من الفلسطينيين. ثم، تهجير وتدمير ما تبقى من ممتلكات الفلسطينيين الهشة مسبقًا في الضفة الغربية، مع إخضاعهم كل الوقت لحظر التجول والاعتقالات والاحتجاز، بينما يجري دعم المستوطنين اليهود المسلحين. كل هذا يعزز نظام الفصل العنصري ويقضي على أي احتمال للاستقلال الفلسطيني.اضافة اعلان
* * *
أصبحت حملة القضاء على القضية الفلسطينية وتقويض النضال من أجل السيادة جزءًا من عقيدة قوات الأمن الإسرائيلية. ويحدّق المتفرجون، بنظرة كئيبة، في زخم هذه الحملة العنيد الذي لا يتوقف. في الثالث والعشرين من شباط (فبراير)، أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي أن دبابات من اللواء المدرع 188 يجري نشرها في جنين كجزء مما يزعم أنه "جهود مكافحة الإرهاب". ويشكل هذا النشر أحد عناصر عملية عسكرية أطلق عليها الجيش اسم "الجدار الحديدي". وكان المبرر لهذا القرار هو زرع ثلاث قنابل في حافلات فارغة في منطقة تل أبيب. وقد انفجرت هذه القنابل قبل أوانها في العشرين من شباط (فبراير). كما تم اكتشاف أداتين ناسفتين أخريين في حافلتين إضافيتين، لكن هذه القنابل فشلت كلها في إيقاع أي إصابات.
تنذر هذه الخطوة بالسوء لأنها المرة الأولى التي يتم فيها استخدام الدبابات في الضفة الغربية منذ عملية "الدرع الواقي" في العام 2002. كما أصدر وزير الدفاع إسرائيل، يسرائيل كاتس، تعليمات مخيفة لجيش الدفاع الإسرائيلي تقضي بتطهير "أوكار الإرهاب"، والقضاء على البنية الأساسية وتدمير الأسلحة "على نطاق واسع". لكن هذه العملية، كما هو الحال مع غيرها من العمليات التي نفذها جيش الدفاع الإسرائيلي، وحشية بشكل خاص لأنها تنطوي على الطرد الفعلي لأربعين ألف فلسطيني من مخيمات اللاجئين. ووفقًا لكاتز: "تم إجلاء 40 ألف فلسطيني حتى الآن من مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم ونور شمس، وهي الآن خالية من السكان. كما تم إيقاف نشاط ’وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين‘ (أونروا) في المخيمات".
تفوح من الإجراء المتخذ هنا الرائحة الكريهة للتهجير الدائم، وإن كان متخفياً في صورة إجراء مؤقت محسوب يهدف إلى حماية الأمن الإسرائيلي. وليس لدى وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أي شك في أن الجهود الأخيرة تسهم في إدامة جرائم "الإبادة الجماعية والتهجير والضم" التي ترتكبها إسرائيل. كما أعربت لجنة التشريع في الكنيست عن مشاعر التملك تجاه المنطقة هذا الشهر من خلال الموافقة على مشروع قانون يستبدل مصطلح "الضفة الغربية" بـ"يهودا والسامرة". وفي 29 كانون الثاني (يناير)، أقر الكنيست قراءة أولية لمشروع قانون يسمح للمستوطنين الإسرائيليين بتسجيل أنفسهم كمالكين قانونيين للممتلكات المصادرة في الضفة الغربية.
بحسب كاتس، صدرت تعليمات لقوات الدفاع الإسرائيلية "بالاستعداد للبقاء لفترة طويلة في المخيمات التي تم إخلاؤها، خلال العام المقبل، وعدم السماح للسكان بالعودة، ولا للإرهاب بالعودة والنمو". وتحدث عن عدم العودة "إلى الواقع الذي كان في الماضي"، وهو ما يشير إلى استهداف أكثر تطرفاً للاجئين الفلسطينيين الذين يصفهم بأنهم مندمجون في خليط من "مراكز الإرهاب" و"الكتائب والبنية التحتية للإرهاب" بمساعدة "محور الشر الإيراني، في محاولة لإنشاء جبهة إرهابية شرقية".
كما شملت العملية الإسرائيلية غارات على بلدتي كوبر وسلواد شمال رام الله، وحي بيتونيا في رام الله، والخليل. وتتلخص الخطة طويلة الأجل هنا في إنشاء ممرات مماثلة لـ"ممر نتساريم" في غزة، والمخصصة لحركة أفراد ومعدات جيش الدفاع الإسرائيلي. وتشير تقارير بثتها قناة "الجزيرة" إلى أن جيش الدفاع الإسرائيلي يشارك أيضًا، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات الطرد الجماعي، في تدمير الطرق وفرض حظر التجول لفترات طويلة على المواطنين الفلسطينيين، وإغلاق نقاط الوصول الحيوية إلى المدن، وتنفيذ الاعتقالات والاستيلاء على المنازل للاستخدام العسكري. ولم يتم وضع أي ترتيبات للفلسطينيين المطرودين، مما تركهم يبحثون عن مأوى مؤقت وغير مستقر في المراكز المجتمعية وقاعات المناسبات والمساجد. كما أدى توقف نشاط الـ(أونروا) في مخيمات الضفة الغربية إلى إنهاء حلقة المساعدة الأكثر حيوية للاجئين.
كما لاحظت منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان الإسرائيلية، "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، نقصاً في الغذاء والطاقة والإمدادات الطبية، إلى جانب الجهود المتواصلة التي تبذلها قوات الدفاع الإسرائيلية لعرقلة "مركبات الهلال الأحمر والخدمات الإنسانية عن طريق تأخيرها وتقويض قدرتها على تقديم الإسعافات الأولية أو نقل المرضى ... لتلقي العلاج".
تواصل الوحشية الصارخة التي تجسدها هذه الإجراءات الأخيرة، كما هو الحال مع الحملة الأوسع نطاقاً التي تشنها إسرائيل ضد الجماعات المسلحة، تطبيق المنطق الاختزالي الذي يحتفي بالقوة على حساب السلام، واستخدام الأسلحة على حساب الاعتبارات الدبلوماسية.
يظهر الاستهداف المباشر لمخيمات اللاجئين في الضفة الغربية أن النهج الإسرائيلي معادٍ بشكل واضح للمبدأ الذي وصفه ونستون تشرشل بأنه "الحوار وجهاً لوجه". وبتبنيها هذا النهج، تسهم إسرائيل بوفرة في خلق الجيل القادم من المقاتلين الفلسطينيين الذين سيردون الضربة القاتلة عاجلاً أم آجلاً بتفانٍ لا يلين. وعلى المدى القريب، هناك أيضًا خطر جدي بأن تؤدي العمليات الجارية في الضفة الغربية إلى تمزيق الهدنة الواهنة أصلًا بين "حماس" وإسرائيل في غزة. ولكن، لا يبدو أن هذا يقلق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يعِد بالعودة إلى الحرب الشاملة في غزة إذا لزم الأمر.
ينذر ما يجري في فلسطين بنهاية مروعة، مدفوعة باليأس والحماس. أولًا، تدمير غزة وتسويتها بالأرض، وتحويلها إلى مشهد قمري قاحل غير صالح للحياة، مع الوعد بجعلها أرضًا خالية من الفلسطينيين. ثم، تهجير وتدمير ما تبقى من ممتلكات الفلسطينيين الهشة مسبقًا في الضفة الغربية، مع إخضاعهم كل الوقت لحظر التجول والاعتقالات والاحتجاز، بينما يجري دعم المستوطنين اليهود المسلحين. كل هذا يعزز نظام الفصل العنصري ويقضي على أي احتمال للاستقلال الفلسطيني.اضافة اعلان
* * *
أصبحت حملة القضاء على القضية الفلسطينية وتقويض النضال من أجل السيادة جزءًا من عقيدة قوات الأمن الإسرائيلية. ويحدّق المتفرجون، بنظرة كئيبة، في زخم هذه الحملة العنيد الذي لا يتوقف. في الثالث والعشرين من شباط (فبراير)، أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي أن دبابات من اللواء المدرع 188 يجري نشرها في جنين كجزء مما يزعم أنه "جهود مكافحة الإرهاب". ويشكل هذا النشر أحد عناصر عملية عسكرية أطلق عليها الجيش اسم "الجدار الحديدي". وكان المبرر لهذا القرار هو زرع ثلاث قنابل في حافلات فارغة في منطقة تل أبيب. وقد انفجرت هذه القنابل قبل أوانها في العشرين من شباط (فبراير). كما تم اكتشاف أداتين ناسفتين أخريين في حافلتين إضافيتين، لكن هذه القنابل فشلت كلها في إيقاع أي إصابات.
تنذر هذه الخطوة بالسوء لأنها المرة الأولى التي يتم فيها استخدام الدبابات في الضفة الغربية منذ عملية "الدرع الواقي" في العام 2002. كما أصدر وزير الدفاع إسرائيل، يسرائيل كاتس، تعليمات مخيفة لجيش الدفاع الإسرائيلي تقضي بتطهير "أوكار الإرهاب"، والقضاء على البنية الأساسية وتدمير الأسلحة "على نطاق واسع". لكن هذه العملية، كما هو الحال مع غيرها من العمليات التي نفذها جيش الدفاع الإسرائيلي، وحشية بشكل خاص لأنها تنطوي على الطرد الفعلي لأربعين ألف فلسطيني من مخيمات اللاجئين. ووفقًا لكاتز: "تم إجلاء 40 ألف فلسطيني حتى الآن من مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم ونور شمس، وهي الآن خالية من السكان. كما تم إيقاف نشاط ’وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين‘ (أونروا) في المخيمات".
تفوح من الإجراء المتخذ هنا الرائحة الكريهة للتهجير الدائم، وإن كان متخفياً في صورة إجراء مؤقت محسوب يهدف إلى حماية الأمن الإسرائيلي. وليس لدى وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أي شك في أن الجهود الأخيرة تسهم في إدامة جرائم "الإبادة الجماعية والتهجير والضم" التي ترتكبها إسرائيل. كما أعربت لجنة التشريع في الكنيست عن مشاعر التملك تجاه المنطقة هذا الشهر من خلال الموافقة على مشروع قانون يستبدل مصطلح "الضفة الغربية" بـ"يهودا والسامرة". وفي 29 كانون الثاني (يناير)، أقر الكنيست قراءة أولية لمشروع قانون يسمح للمستوطنين الإسرائيليين بتسجيل أنفسهم كمالكين قانونيين للممتلكات المصادرة في الضفة الغربية.
بحسب كاتس، صدرت تعليمات لقوات الدفاع الإسرائيلية "بالاستعداد للبقاء لفترة طويلة في المخيمات التي تم إخلاؤها، خلال العام المقبل، وعدم السماح للسكان بالعودة، ولا للإرهاب بالعودة والنمو". وتحدث عن عدم العودة "إلى الواقع الذي كان في الماضي"، وهو ما يشير إلى استهداف أكثر تطرفاً للاجئين الفلسطينيين الذين يصفهم بأنهم مندمجون في خليط من "مراكز الإرهاب" و"الكتائب والبنية التحتية للإرهاب" بمساعدة "محور الشر الإيراني، في محاولة لإنشاء جبهة إرهابية شرقية".
كما شملت العملية الإسرائيلية غارات على بلدتي كوبر وسلواد شمال رام الله، وحي بيتونيا في رام الله، والخليل. وتتلخص الخطة طويلة الأجل هنا في إنشاء ممرات مماثلة لـ"ممر نتساريم" في غزة، والمخصصة لحركة أفراد ومعدات جيش الدفاع الإسرائيلي. وتشير تقارير بثتها قناة "الجزيرة" إلى أن جيش الدفاع الإسرائيلي يشارك أيضًا، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات الطرد الجماعي، في تدمير الطرق وفرض حظر التجول لفترات طويلة على المواطنين الفلسطينيين، وإغلاق نقاط الوصول الحيوية إلى المدن، وتنفيذ الاعتقالات والاستيلاء على المنازل للاستخدام العسكري. ولم يتم وضع أي ترتيبات للفلسطينيين المطرودين، مما تركهم يبحثون عن مأوى مؤقت وغير مستقر في المراكز المجتمعية وقاعات المناسبات والمساجد. كما أدى توقف نشاط الـ(أونروا) في مخيمات الضفة الغربية إلى إنهاء حلقة المساعدة الأكثر حيوية للاجئين.
كما لاحظت منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان الإسرائيلية، "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، نقصاً في الغذاء والطاقة والإمدادات الطبية، إلى جانب الجهود المتواصلة التي تبذلها قوات الدفاع الإسرائيلية لعرقلة "مركبات الهلال الأحمر والخدمات الإنسانية عن طريق تأخيرها وتقويض قدرتها على تقديم الإسعافات الأولية أو نقل المرضى ... لتلقي العلاج".
تواصل الوحشية الصارخة التي تجسدها هذه الإجراءات الأخيرة، كما هو الحال مع الحملة الأوسع نطاقاً التي تشنها إسرائيل ضد الجماعات المسلحة، تطبيق المنطق الاختزالي الذي يحتفي بالقوة على حساب السلام، واستخدام الأسلحة على حساب الاعتبارات الدبلوماسية.
يظهر الاستهداف المباشر لمخيمات اللاجئين في الضفة الغربية أن النهج الإسرائيلي معادٍ بشكل واضح للمبدأ الذي وصفه ونستون تشرشل بأنه "الحوار وجهاً لوجه". وبتبنيها هذا النهج، تسهم إسرائيل بوفرة في خلق الجيل القادم من المقاتلين الفلسطينيين الذين سيردون الضربة القاتلة عاجلاً أم آجلاً بتفانٍ لا يلين. وعلى المدى القريب، هناك أيضًا خطر جدي بأن تؤدي العمليات الجارية في الضفة الغربية إلى تمزيق الهدنة الواهنة أصلًا بين "حماس" وإسرائيل في غزة. ولكن، لا يبدو أن هذا يقلق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يعِد بالعودة إلى الحرب الشاملة في غزة إذا لزم الأمر.
*د. بينوي كامبمارك Binoy Kampmark: كان باحثًا في دراسات الكومنولث في كلية سيلوين، كامبريدج. وهو حاليًا محاضر في جامعة معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا. وهو باحث مشارك في "مركز أبحاث العولمة.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Israel’s Annexation Drive: The West Bank and Expelling Palestinian Refugees
0 تعليق