يُعد شهر رمضان فرصة عظيمة لإعادة التوازن النفسي والجسدي، لكنه قد يشكل تحديًا للبعض، خاصة فيما يتعلق بإدارة المشاعر والتكيف مع التغيرات اليومية، أوضح بروفسور واستشاري الطب النفسي د. طارق الحبيب، عدة نقاط مهمة حول تأثير الصيام على الحالة النفسية، وكيفية التعامل مع التحديات التي قد تواجه الصائم.
الإنسان يمر بست مراحل عند الغضب تبدأ بالموقف السلبي ثم الشعور بالغضب
التقلبات النفسية أثناء الصيام
ذكر د. الحبيب أن الصيام يرتبط في أذهان الكثير بتغير الحالة النفسية وتقلبات المزاج، حيث يعتقد البعض أن الصائم لا بد أن يشعر بالتعب والانفعال، هذه الافتراضات المتوارثة عبر الأجيال تجعل البعض يبرر الغضب أو رفع الصوت خلال الصيام، رغم أن التعاليم الدينية تدعو إلى ضبط النفس كما هي الحال في الصيام والحج، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه"، وأوضح أن الصيام ليس سببًا رئيسيًا لهذه التقلبات، بل عدم تدريب الإنسان على إدارة مشاعره هو ما يجعله أكثر عرضة للانفعال، وأشار إلى أن الصيام في جوهره تهذيب للنفس، وينبغي ألا ينسب أي انفعال سلبي له، بل إلى عدم قدرة الفرد على التحكم بمشاعره.
إدارة الغضب
أوضح د. الحبيب أن الإنسان يمر بست مراحل عند الغضب، تبدأ بالموقف السلبي، ثم الشعور بالغضب، يليه تصاعد حدة الغضب إلى أن يصل إلى مرحلة الهجوم اللفظي أو الجسدي، ثم التشتت، وأخيرًا الاعتذار، أو تأنيب النفس، وذكر أن إدراك هذه المراحل يساعد في ضبط الانفعالات والتعامل مع الغضب بوعي أكبر خلال الصيام.
دور العبادات في التأثير على الحالة النفسية
أشار د. الحبيب إلى أن تأثير العبادات على النفسية يعتمد على طريقة استقبال الإنسان لها، فإذا كان الشخص يؤدي العبادات بتذمر، فإنها قد تزيد من توتره، أما إذا أداها برغبة وسعادة، فستكون مصدرًا للراحة والاستقرار النفسي.
استعداد الموظفين للصيام
أكد د. الحبيب أن ضبط النوم يساعد الموظفين على الحفاظ على التركيز خلال العمل، مشيرًا إلى أن الحرمان من النوم يؤدي إلى التوتر والإرهاق، كما نصح بالبدء في تقليل استهلاك المنبهات والتدخين تدريجيًا قبل رمضان؛ لتجنب الأعراض الانسحابية التي قد تؤثر على أداء الصائم خلال الأيام الأولى.
إعداد الطفل نفسيًا للصيام
أشار د. الحبيب إلى أهمية تدريب الأطفال على الصيام بطريقة متدرجة، دون فرض الأمر عليهم بشكل قاسٍ، وأوضح أن أسلوب المكافآت يساعد الطفل على تقبل الصيام، مثل مكافأته على الصيام حتى الظهر، ثم التدرج حتى يتمكن من الصيام كامل اليوم، كما شدد على ضرورة عدم معاقبة الطفل إذا كسر صيامه سرًا؛ لأن الهدف هو تعويده على الصيام وليس معاملته كمسؤول بالغ.
اختتم د. الحبيب حديثه بالتأكيد على أهمية عدم ربط الصيام بالمشاكل النفسية، بل استغلاله كفرصة لتحسين العادات وإدارة المشاعر بشكل أفضل، مؤكدًا أن رمضان يمكن أن يكون نقطة إيجابية لمن يعرف كيف يستثمره بالشكل الصحيح.
0 تعليق