عندما يطلب للآباء إجازة ثلاثة أيام بسبب ولادة مولود لهم لا يفترض أن يواجه الأمر اعتراضات أياً كانت، فالآباء في هذا الوقت والزمان ليسوا كآباء الماضي البعيدين عن مسؤوليات التربية. رجال اليوم يتشاركون مع الأمهات في مسؤوليات تربوية جمة، ويعتمد عليهم في تسيير أمور البيت في فترات غياب الأم المتعددة.
وتتضاعف المسؤولية في حال أدخلت الأم المستشفى للولادة فتغيب عن المنزل فترة تتراوح ما بين الثلاثة إلى خمسة أيام في أكثر الأحيان. وفي فترة الغياب هذه تتحول مسؤولية إدارة البيت مع الأطفال بأكملها إلى الزوج هذا بالإضافة إلى مسؤولية متابعة حالة زوجته والمولود عن كثب ومن خلال الزيارة اليومية للمستشفى حسب أعراف هذا العصر.
هناك من سيقلل من دور الأب في فترة ولادة زوجته وسيعطي أهمية أكبر لدور أهل الزوجة وحتى الخادمة في القيام بمسؤولية رعاية الأطفال والاهتمام بالبيت. ويجوز هذا هو حال بعض من الرجال الذين لديهم مساعدات منزل وأهل زوجاتهم يرحبون بتحمل المسؤولية، لكن تبقى فئة أخرى لا تملك القدرة على الاستعانة بالمساعدة في المنزل وليس لديها أهل يرغبون في رعاية أطفالهم وهنا ستقع مسؤولية البيت والأطفال حتماً على الزوج في حال غابت الزوجة.
وكما نعلم أن مسألة الإنجاب لا تتكرر أسبوعياً أو شهرياً، بل هي حالة تحصل مرة كل عامين أو ثلاثة، ونادراً ما تتكرر سنوياً. ويعني ذلك أن غياب الأب عن عمله لهذا السبب بالتحديد أمر غير مكرر ومستمر بحيث يؤثر على سير العمل، أو يؤدي إلى إخلال الأب بواجباته الوظيفية، أو يضعف من أرباح المؤسسة.
لذلك فإن التبرير الذي تذكره بعض الجهات حول زيادة الأعباء المالية على أصحاب الأعمال في القطاع الأهلي خاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في حال تمت الموافقة على منح إجازة ثلاثة أيام للعامل الرجل عند ولادة مولود له يعد من وجهة نظري تبريراً مبالغاً فيه.
من جانب آخر، لماذا كل هذا التجاهل لدور الأب في الأسرة ولماذا لا نرى قوانينَ تنصف هذا المسكين المهمل؟ ألا تعتبر إجازة الثلاثة أيام تقديراً لدوره الأسري ومكانته في المقام الأول وكذلك تسهيلاً لمهمته الجديدة؟ وهل يومان إضافيان لأمر لا يتكرر كثيراً سيسبب الخسائر، ويقضي على التجارة فعلاً؟
حالياً كثير من الرجال يضطرون لأخذ إجازات من رصيد إجازاتهم السنوية للبقاء فترة أطول مع الزوجة والأسرة في فترة الولادة ولا بأس في ذلك، لكن كثيراً منهم أيضاً يعاني من عدم الحصول على قبول من المسؤول لتمديد إجازة المولود الجديد، حتى لو كانت من رصيد إجازات الموظف نفسه، وهنا تكمن المشكلة ولهذا السبب تتم المطالبة بإجازة لمدة ثلاثة أيام تضاف إلى قوانين القطاع الأهلي لكل رجل يرزق بمولود جديد فالتعاون بين الموظف ومسؤوله في حالات عديدة يكون مفقوداً.
وشخصياً، أعتقد أن إجازة الثلاثة أيام مع كل مولود جديد، والتي يطالب بها أعضاء مجلس النواب يجب أن تعطى حتى المولود الثالث كحد أقصى؛ ومن ثم تتحول إلى يوم واحد فقط كي يتم تقنينها. وأيضاً لا بأس أن يتم احتساب إجازة نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية من ضمن إجازة الثلاثة أيام، أي أن لا يتم التعويض عنها، فنحن لا نطمع ونقبل بالقليل..!
0 تعليق