استئناف الاحتلال الحرب على غزة مرتبط بأمرين: الأول، الضوء الأخضر الأمريكي، والثاني، مواقف بعض الدول الإقليمية القريبة في منطقة الشرق الأوسط، رغم أن أوروبا الغربية ضد استئناف الاحتلال للحرب على غزة، وهي داعمة بموقف واضح خلال الأيام الأخيرة لتوفير الاحتياجات الغذائية والإنسانية والصحية، وأصدرت بيانا في ذلك، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، لأن استعادة الرهائن قد تم أو سيتم خلال الجولتين الثانية والثالثة، وترى أنه لا مبرر لأي عدوان يضع العالم على حافة الهاوية.
إسرائيل تريد استئناف العدوان الظالم مرة أخرى على القطاع لهدفين أيضا: الحصول على المزيد من الأراضي وهي مساحة القطاع الحالية، وإبادة السكان الفلسطينيين فيه، أو دفعهم إلى تجاوز الحدود إلى أراضي سيناء، وبذلك تحصل على ما تريد، يدعمها في ذلك مشروع ترامب، الذي بدأ في تغيير لهجة التعاطي مع هذا الموقف بعد القمة العربية والموقف الدولي، خاصة أوروبا الغربية.
الحالة الإسرائيلية تعيش وضعا مربكا في الوقت الراهن، فقيادتها تريد الحرب لإشغال المجتمع الإسرائيلي أيضا عن أمرين: الأول، عدم الذهاب إلى انتخابات مبكرة لاختيار حكومة جديدة، وهذا ما يريده نتنياهو لضمان بقائه على رأس حكومة الاحتلال، وإذا لم تتهيأ الظروف له على القطاع، فإن البديل جنوب سوريا لإيجاد حالة حرب مستمرة تحتاج سنوات إلى إيقافها، والثاني، استعادة نصف ما تبقى من الأسرى لدى المقاومة في القطاع، إذ توقفت المفاوضات في المرحلتين الثانية والثالثة.
الخطوة الأمريكية بالتواصل مع حماس مباشرة لتسريع الإفراج عن الأسرى الأمريكيين والإسرائيليين أحدثت صدمة في الحكومة الإسرائيلية، وهي خطوة متقدمة لإدارة ترامب، لم يتوقعها الإسرائيليون من الحليف الأكبر لهم، ولم ينسقوا معهم حول هذا الأمر.
هذه الخطوة لها جانب إيجابي أيضا ورسالة واضحة، أولها: الاستماع إلى موقف حماس مباشرة دون وجود إسرائيل، وهذا كشف الكثير للإدارة الأمريكية، والثاني: عدم اعتماد الولايات المتحدة على إسرائيل كقناة وحيدة لإيصال موقف المقاومة إلى واشنطن، وثالثا: أن الولايات المتحدة قادرة على الوصول إلى الأطراف إذا تلكأت إسرائيل في تمييع المواقف والتراجع ووضع العقبات.
الاحتلال أصبح أسير رغباته الطائشة، وهي عدم القدرة على صنع السلام مع جيرانه خلال المرحلة المقبلة، لأنه لا يضمن استمرار مشروعه الذي بدأه بحصار غزة، وهو يدرك أن القطاع سينفجر يوما ما، وبعد 16 عاما من الصبر والمعاناة، حدث ما أرادت إسرائيل، ونفس السيناريو سوف يحدث مع مصر وسوريا والأردن وتركيا خلال المرحلة المقبلة التي تشارف على انتهاء صبرها.
يسعى الاحتلال للحرب لخلط الأوراق وقطع الطريق على المجتمع الدولي، الذي بدأت فيه مواقف بعض حلفاء الاحتلال في الاختلال، وهو يدرك أن تحالفاته لن تستمر كما كانت مضللة في الماضي، مع انكشاف الكثير من الحقائق المدفونة.
المرحلة المقبلة من تاريخ الشرق الأوسط تتجه إلى استعداد إسرائيل للعدوان على القطاع، الذي لم تتمكن من تحقيق مشروعها العقائدي فيه خلال عدوان الإبادة، وسوف تستمر في استفزاز جيرانها، وهذا كفيل بإنهاء الصبر المصري والسوري والأردني والتركي، وتنحدر الأمور إلى حرب إقليمية، قد تمتد إلى حرب عالمية ثالثة، بسبب الحلم الإسرائيلي في الاستيلاء على مقدرات المنطقة برمتها وإنهاء جيرانها إلى الأبد، وصولا إلى حلم تحقيق إسرائيل الكبرى.
0 تعليق