إشكالية مشروع قانون العمل

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عبد الله المجالي

كان لافتا إعادة مجلس النواب فتح مادة إشكالية في مشروع قانون مُعدل لقانون العمل لعام 2024، كان قد وافق عليها، وهي تسمح لصاحب العمل إنهاء عقود ما يُقارب 5 % من حجم العمالة خلال سنة، شريطة إبلاغ وزارة العمل، وقام بإلغائها.

وكانت المادة تنص على أنه ” إذا اقتضت ظروف العمل الاقتصادية أو الفنية تقليص حجم العمالة، أو استبدال نظام إنتاج بآخر، أو التوقف نهائيًا عن العمل، فإنه يجوز لصاحب العمل إنهاء عقود ما يُقارب 5 % من حجم العمالة خلال سنة، شريطة إبلاغ وزارة العمل”.

لقد أثارت تلك المادة خوفا كبيرا لدى الطرف الثاني في معادلة العمل وهم العمال، حيث رأوا فيها خدمة لمصالح أصحاب العمل، وسيفا مسلطا على العمال، خصوصا أن المادة لم تشترط موافقة وزارة العمل بل إبلاغها فقط.

في المقابل فإنه لا أحد ينكر أن الأعمال يمكن أن تتراجع، وبالتالي فإن صرف بعض العمال يمكن أن يكون حلا اضطراريا لعدم انهيار العمل بالكامل. لكن يبدو أن التخوفات من التعسف باستخدام ذلك النص القانوني أو استخدامه بسوء نية للإضرار ببعض العمال على سبيل القصد، جعلت النواب يتراجعون عن موقفهم المؤيد لتلك المادة.

أعتقد أنه من الصعوبة بمكان التوصل إلى قانون يمكن أن يقبل به طرفان قد تبدو مصالحهما متضاربة، مثل قانون المالكين والمستأجرين، أو قانون العمل؛ فهذه القوانين تصاغ بحيث يحصل كلا الطرفين على الحد المعقول من مصالحهما، في مقابل الوصول إلى نقطة وسط لا تهدر مصالح أي من الطرفين.

ودائما ما تثير تلك القوانين الجدل، حيث يستحيل أن تحقق المصلحة الكاملة لأي من الطرفين، لأن ذلك يعني هدر مصلحة الطرف الآخر.

ومع ذلك فهناك حقوق ومسلمات لا يجب أن ينتهكها القانون المقترح، وأهمها عدم السماح لطرف بالافتئات على حقوق الطرف الآخر.

إن هكذا مشاريع قوانين لا يجب أن تقر قبل المرور في مراحل مشاورات ولقاءات بين طرفي المعادلة، والاستماع لوجهتي النظر، بل وإجراء دراسات مفصلة حوله، وهي مهمة اللجان المعنية في مجلس النواب.

وبرغم أن تلك اللجان تدير حوارا مع كافة الأطراف المعنية خاصة في القوانين الإشكالية، إلا أن المطلوب أن لا تكون تلك الحوارات حوارات شكلية، والأهم من ذلك إعداد دراسات مستقلة تعين النواب على اتخاذ قرارهم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق