وأكد هؤلاء الخبراء أن ارتفاع مستوى عجز الميزان التجاري يشير إلى أن الاقتصاد الوطني يعتمد بشكل كبير على المستوردات لتلبية احتياجاته، إضافة إلى افتقار الاقتصاد المحلي القدرة على تحقيق التوزان التجاري بين الصادرات والواردات، مما يشكل ضغطا كبيرا على الميزان التجاري.
ولفت الخبراء إلى أن الاقتصاد الأردني يمتلك العديد من الفرص والإمكانيات التي تتيح له الحفاظ على زخم نمو الصادرات وتقليل العجز التجاري، إلا انه يعاني من ضعف التنافسية وتهميش القطاعات الإنتاجية.
وبغية التغلب على ارتفاع عجز الميزان التجاري وزيادة حجم الاعتماد على الذات، دعا الخبراء إلى ضرورة تصميم إستراتيجية وطنية أكثر فاعلية لتعزيز الصادرات ذات القيمة المضافة، وتخفيض كلفة الإنتاج والتشغيل على القطاعات الإنتاجية المختلفة، إضافة إلى فتح قنوات تسويقية جديدة وتقديم البرامج التحفيزية للصادرات، وتعزيز التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، علاوة على إقامة معارض خارجية للترويج للصناعات الوطنية وتعزيز دور السفارات في الخارج، وتنويع الأسواق التصديرية، وزيادة التكامل الاقتصادي.
وكان تقرير التجارة الخارجية الأردنية الذي أصدرته دائرة الإحصاءات العامة مؤخرا، أظهر ارتفاع الصادرات الكلية بنسبة 5.8 %، والصادرات الوطنية بنسبة4.1 %، والمعاد تصديرها بنسبة 28 %، خلال عام 2024 قياسا بعام 2023، كما ارتفعت في ذات الوقت المستوردات بنسبة 4.5 %، مما أدى إلى زيادة العجز في الميزان التجاري بنسبة 3.2 % خلال العام الماضي قياسا بالعام الذي سبقه.
وبلغ حجم الصادرات الكلية خلال العام الماضي ما قيمتة 9.4 مليار دينار، حيث شكلت الصادرات الوطنية 8.5 مليار دينار، والمعاد تصديرها 854 مليون دينار، في المقابل بلغت قيمة المستوردات 19 مليار دينار، وعليه يكون العجز في الميزان التجاري (والذي يمثل الفرق بين قيمة الصادرات الكلية وقيمة المستوردات) قد بلغ 9.6 مليار دينار العام الماضي 2024، مقارنة مع 9.3 مليار دينار في عام 2023، ليسجل بذلك زيادة بلغت301 مليون دينار أردني، أي ما يشير إلى ارتفاعه بنسبة 3.2 %.
اقتصاد قائم على المستوردات
وقال مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي: " إن بيانات التجارة الخارجية الأردنية لعام 2024 تعكس التحديات الاقتصادية التي تواجه القطاع التجاري في المملكة، فعلى الرغم من ارتفاع الصادرات بنسبة 5.8 %، إلا أن العجز التجاري ما يزال يتفاقم، وذلك مسجلاً زيادة بنسبة 3.2 % مقارنة بعام 2023، وهذا ما يعكس أن الأردن يعتمد بشكل كبير على المستوردات لتلبية احتياجاته، مما يشكل ضغطا كبيرا على زيادة عجز الميزان التجاري، ويفتقر إلى تحقيق التوازن التجاري بين الصادرات والمستوردات.
وشدد حجازي على أن الاقتصاد الأردني يمتلك العديد من الفرص والإمكانيات التي تتيح له الحفاظ على زخم نمو الصادرات وتقليل العجز التجاري، حيث يشكل بوابة عبور إلى الدول المجاورة ومركزا موثوقا وآمنا للاستثمارات، ويتمتع باتفاقيات التجارة الحرة مع العديد من الدول العربية والعالمية التي تتيح للمنتج الأردني الوصول إلى الأسواق الخارجية ضمن شروط تفضيلية.
وبين حجازي أن الاقتصاد المحلي يزخر بالعديد من الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، والتي تتوزع على الصناعات الإنتاجية والتحويلية والقطاعات الخدمية، والتي لا بد من العمل على استغلالها من خلال وضع رؤية ومنهجية تساهم في استمرار نمو الصادرات عبر تخفيض كلفة المنتجات الأردنية وفتح قنوات تسويقية جديدة وتقديم البرامج التحفيزية للصادرات وتعزيز التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وإقامة معارض خارجية للترويج للصناعات الوطنية وتعزيز دور السفارات في الخارج، وتنويع الأسواق التصديرية وزيادة التكامل الاقتصادي.
وأكد حجازي على أهمية دعم الصناعات والمنتجات المحلية لتقليل الاعتماد على المستوردات مما يسهم في تقليص العجز التجاري، ويعزز الاحتياطات الأجنبية في المملكة، ويحقق الاعتماد على الذات في توفير الموارد الرئيسة للاقتصاد الوطني دون الحاجة لاستيرادها، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تعزيز القطاعات الإنتاجية والخدمية لتحسينها ولزيادة الطلب عليها ولتلبية احتياجات السوق المحلي والدولي.
مكاسب اقتصادية مبددة
من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي موسى الساكت أن ارتفاع عجز الميزان التجاري يمثل تحديا كبيرا للاقتصاد الوطني، ويحد من إمكانية تحسين مؤشر النمو الاقتصادي، والمؤشرات الفرعية الأخرى للاقتصاد الوطني لا سيما التي لها تماس بالمستوى المعيشي للمواطنين.
وبين الساكت أن ارتفاع العجز بدد كافة المكاسب الاقتصادية المرجوة من زيادة حجم الصادرات، حيث لم يكن ارتفاع الصادرات كافيا لتعويض النمو في المستوردات، ما يعني بأن اعتمادنا اقتصاديا ما يزال على الواردات، وهذا يشكل عبئا على الخزينة العامة لدولة.
وأكد الساكت أن ارتفاع ميزان العجز يشير إلى أن الأردن ما يزال يواجه تحديات في تحقيق التوازن التجاري، كما أن ارتفاع المستوردات خاصة من السلع الاستهلاكية والكمالية، يزيد الضغط على الميزان التجاري.
وبهدف التغلب على عجز الميزان التجاري المتزايد، دعا الساكت إلى ضرورة تصميم إستراتيجية وطنية أكثر فاعلية لتعزيز الصادرات ذات القيمة المضافة، إضافة إلى دعم الصناعات المحلية لتقليل الاعتماد على الواردات، علاوة على أهمية تنويع الأسواق التصديرية، ومضاعفة جهود زيادة التكامل الاقتصادي مع الدول الشريكة.
ضعف تنافسية
الاقتصاد الوطني
واتفق الخبير الاقتصادي أحمد عوض مع سابقيه على أن ارتفاع عجز الميزان التجاري يشكل تحديا كبيرا للاقتصاد الوطني، مبينا ذلك يعني أن الاقتصاد الأردني يتوسع عكسيا وذلك بامتصاص فاتورة الواردات المرتفعة لنمو الصادرات.
وأوضح عوض أن ارتفاع مستوى عجز الميزان التجاري يؤثر سلبا على مؤشرين هما نمو الناتج المحلي، وميزان المدفوعات، ويتمثل تأثير على النمو الناتج المحلي بأنه كلما ارتفع مقدار عجز الميزان التجاري أدى ذلك إلى تراجع حجم نمو الناتج المحلي وهو ما ينعكس سلبا على مفاقمة التحديات الاقتصادية كالبطالة والفقر، وفي ما يتعلق بتأثيره السلبي على ميزان المدفوعات، يكمن ذلك بأن ارتفاع عجز الميزان التجاري يؤدي إلى استنزاف احتياطيات الدولة من العملة الصعبة، وبالتالي يدفعها إلى ضرورة البحث عن مصادر تمويل خارجية لسد العجز من خلال المزيد من القروض الخارجية والبحث عن المنح والمساعدات.
واعتبر عوض، أن استمرار تسجيل ميزان العجز التجاري محليا من عام لآخر ارتفاعا، يقرأ كدليل على ضعف تنافسية الاقتصاد الوطني وتهميش القطاعات الإنتاجية لديه.
ويرى عوض أن التغلب على عجز الميزان التجاري المستمر يستدعي من الحكومة دعم جهود توسيع القطاعات الإنتاجية ذات الطابع الصناعي والإنتاجي وتقديم المزيد من الحوافز والتسهيلات لها بما يمكنها من مضاعفة قدراتها الإنتاجية والتصديرية بما يسمح بتلبية احتياجات السوق المحلي من السلع وفي ذات الوقت زيادة حجم الصادرات ورفع تنافسية السلع الأردنية وقدرتها على الوصول والمنافسة في الأسواق الخارجية.
0 تعليق