وسط أزمة خانقة، يقف فلسطينيو غزة أمام تحدٍ جديد يهدد حياتهم بعد أن قطعت إسرائيل التيار الكهربائي عن محطة تحلية المياه الرئيسية وسط القطاع، مما جعلهم على أعتاب كارثة إنسانية فاقمت من ندرة المياه الصالحة للشرب.اضافة اعلان
وبحسب عمر شتات، نائب المدير العام لمصلحة مياه بلديات الساحل، فإن محطة تحلية مياه البحر وسط القطاع كانت تنتج يوميا حوالي 18 ألف متر مكعب من المياه المحلاة وتوفر الخدمة لمناطق وسط وجنوب القطاع.
وأضاف شتات في مقابلة مع الأناضول، أن قطع الكهرباء عن المحطة أدى إلى انخفاض إنتاجيتها بشكل حاد لتصل إلى أقل من 3 آلاف متر مكعب فقط يوميا.
وكانت محطة تحلية المياه المؤسسة الوحيدة التي تصلها كهرباء من إسرائيل خلال حرب الإبادة، إلا أن تل أبيب قررت وقف تزويد غزة بالطاقة الأحد.
والأحد، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن وزير الطاقة والبنية التحتية إيلي كوهين، قرر وقف تزويد قطاع غزة بالكهرباء "فورا".
وقبل اندلاع الإبادة، كان قطاع غزة يعاني من شح في توفر المياه النظيفة الصالحة للشرب أو المخصصة للاستعمال اليومي فيما فاقمت الحرب وتداعياتها من هذه الأزمة في ظل الاستهداف المتعمد لشبكات المياه والآبار الجوفية فضلا عن العمل الجزئي الذي طال بعض محطات التحلية جراء نقص الوقود وانقطاع الكهرباء إثر تشديد إسرائيل حصارها على القطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن الجيش الإسرائيلي دمر خلال قرابة 16 شهرا من الإبادة نحو 330 ألف متر من شبكات المياه كما دمر مئات الآبار الجوفية وأخرج 717 منها عن الخدمة.
وفي 19 ديسمبر/ كانون الأول 2024، قال تقرير صدر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن إسرائيل اتبعت سياسة تعطيش الفلسطينيين خلال الإبادة ما تسبب بإصابتهم بمضاعفات صحية خطيرة أدت لوفاة الآلاف منهم.
وبعد قطع إسرائيل للكهرباء تتفاقم أزمة المياه بما ينذر بكارثة صحية وبيئية في ظل تزايد المخاوف بشأن انتشار الأمراض والأوبئة في ظل غياب مصادر المياه، وتراكم الضغوط على القطاع الصحي المنهك أساسا جراء 16 شهرا من الإبادة والتدمير.
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد حذرت من "أزمة إنسانية كارثية وغير مسبوقة بغزة" جراء إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإغاثية للقطاع في 2 مارس/ آذار الجاري؛ من بينها إمدادات المياه.
**تعميق لأزمة المياه
نزار عياش، رئيس بلدية دير البلح قال إن قطع إسرائيل الكهرباء عن محطة التحلية يقلل 70 بالمئة من المياه العذبة وسط وجنوب قطاع غزة، ما يعمق الأزمة بشكل غير مسبوق.
وأضاف في تصريحات صحفية أن 8 آبار مياه من أصل 19 في دير البلح "توقفت بالكامل" إثر دخول القوات الإسرائيلية إلى المناطق الشرقية والجنوبية للقطاع أثناء حرب الإبادة التي بدأت في 7 أكتوبر 2023.
وقال عياش إن البلدية توفر المياه في دير البلح لنحو 100 ألف مواطن، وستقوم بتشغيل مولداتها لتوصيل المياه إلى المواطنين.
**حرب تجويع وتعطيش
من جانبه، قال المتحدث باسم "حماس" حازم قاسم، إن القرارات الإسرائيلية الأخيرة بإغلاق المعابر وقطع الكهرباء عن غزة تأتي استمرارا لـ"حرب التجويع والتعطيش" التي يتعرض لها فلسطينيو القطاع.
وأضاف قاسم للأناضول، أن "الكهرباء أصلًا معدومة في قطاع غزة منذ بداية الحرب، لكن الاحتلال يصر على إنهاء كل مظاهر الحياة في القطاع، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية والإنسانية".
وأشار إلى وجود "اتصالات مع الوسطاء لا سيما مصر وقطر ومبعوث الإدارة الأمريكية من أجل ضمان الدخول بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بكل استحقاقاته متمثلاً بالانسحاب الكامل من قطاع غزة والتعهد بعدم العودة للحرب وعملية تبادل للجنود الأسرى".
**أزمة الكهرباء
قبل اندلاع الإبادة، كانت قدرة الكهرباء المتوفرة بقطاع غزة تقدر بنحو 212 ميغاوات من أصل احتياج يبلغ حوالي 500 ميغاوات لتوفير إمدادات الطاقة على مدار 24 ساعة يوميا.
مقدار العجز وصل آنذاك إلى نحو 288 ميغاوات، فأطلقت شركة فلسطين للتنمية والاستثمار (باديكو) في 21 سبتمبر/ أيلول 2023 مشروع "طاقة أمل" لتزويد القطاع بنحو 50 ميغاوات من الكهرباء من الطاقة الشمسية إلا أن الإبادة الجماعية حالت دون تنفيذه.
ومن إجمالي الكهرباء المتوفرة بغزة قبل 7 أكتوبر 2023، كان يتم شراء نحو 120 ميغاوات منها من إسرائيل وتصل القطاع عبر 10 خطوط تغذية.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، قطعت إسرائيل إمدادات الكهرباء عن قطاع غزة إلا ما وصل محطة تحلية المياه، كما منعت دخول الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الطاقة الوحيدة في القطاع.
ومطلع مارس/ آذار الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة التي استمرت 42 يوما، فيما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.
ومع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار، أغلقت إسرائيل مجددا جميع المعابر المؤدية إلى غزة، لمنع دخول المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف إلى استخدام التجويع كأداة ضغط على حماس لإجبارها على القبول بإملاءاتها.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود. -(الأناضول)
0 تعليق