عمان- "لا أعلم كيف أتصرف بكل بواقي هذا الطعام"، بهذه الجملة تبدأ أم خالد "ربة منزل وأم لثلاثة أبناء"، حديثها عن مشكلة تواجهها كل عام خلال أيام الشهر الفضيل. مبينة أنها مع كل وجبة إفطار، تجد نفسها أمام كميات كبيرة من الطعام المتبقي، بعضه ينتهي في الثلاجة لأيام عدة قبل أن يلقى في القمامة.اضافة اعلان
تقول بأسف "نحب الكرم ونريد أن تكون موائدنا عامرة، لكن في النهاية ينتهي جزء كبير من الطعام في النفايات، وأشعر بالذنب لهذا الهدر، خاصة عندما أفكر في العائلات التي لا تجد ما تأكله".
وتؤكد أن هذه المشكلة تتفاقم عندما تحضر لعزيمة ما، سواء لعائلتها أو الأقارب أو الأصدقاء، إذ إنها لا تستطيع أن تعد مائدة معتدلة الطعام أو الأصناف، فترى من الواجب، وفق العادات والتقاليد، أن تكرم الضيف، إلا أنها بعد الانتهاء من العزيمة تجد كميات كبيرة من الطعام وتبدأ الحيرة لديها.
على النقيض من ذلك، تجد عائلة أبو عمر "مكونة من خمسة أفراد" حلا عمليا لهذه المشكلة، إذ تعتمد هذه الأسرة، على التخطيط المسبق لوجبات رمضان، مع إعداد كميات مناسبة من الطعام، والاستفادة من الفائض بطرق مبتكرة. يقول أبو عمر "اعتدنا في السابق أن نتخلص من بقايا الطعام من دون تفكير، لكن مع الوقت تعلمنا كيفية إعادة تدويره في وجبات جديدة أو التبرع به لجيراننا أو حراس العمارات والمحتاجين".
من جهة أخرى، تشير الدراسات إلى أن هدر الطعام يزداد بشكل كبير خلال شهر رمضان، إذ تقدر بعض التقارير أن الدول العربية وحدها تهدر ملايين الأطنان من الطعام خلال هذا الشهر الفضيل. ويرجع ذلك إلى عوامل عدة، أبرزها الإفراط في الطهي، والعروض التجارية المغرية، والعادات الاجتماعية التي ترى في الموائد العامرة أحد مظاهر الكرم.
بدوره، يقول الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين خزاعي "إن المشكلة ليست فقط في هدر الطعام، بل أيضا في التأثير الذي ينتجه هذا الإسراف وضرره الاجتماعي والبيئي والاقتصادي، فالتخلص من الطعام المهدر يؤدي إلى زيادة النفايات، واستهلاك كميات هائلة من المياه والطاقة في إنتاج طعام لا يتم استهلاكه فعليا، كما أن تحلل الطعام في مكبات النفايات يؤدي إلى انبعاث غازات ضارة مثل الميثان، مما يزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري".
لكن هذه ليست فقط مشكلة بيئية، بل هي أيضا أزمة اجتماعية وثقافية تتطلب تدخلا ووعيا من الجميع، فالمشكلة الأساسية تكمن في العادات الاجتماعية الراسخة التي تربط الكرم بالإسراف، بدلا من التوازن والاستهلاك الرشيد. يقول خزاعي: "في مجتمعاتنا يعتقد البعض أن الكرم يعني إعداد كميات كبيرة من الطعام، حتى لو لم يكن هناك من يأكله، وهذا المفهوم بحاجة إلى تصحيح، فالكرم الحقيقي هو مشاركة الطعام مع الآخرين وليس رميه في القمامة، فلا بد من إعادة النظر في ثقافة الولائم والإفراط في الشراء خلال الشهر الكريم".
ويضيف أن التغيير يبدأ من الأسرة، إذ يجب على الأهل تعليم أطفالهم قيمة الطعام، وتعويدهم على تقدير النعمة وعدم التبذير، فعندما يرى الأطفال أن الطعام يرمى بسهولة، فإنهم يكبرون وهم يعتقدون أن الهدر أمر طبيعي. لكن إذا تم تعليمهم منذ الصغر كيف يمكن استغلال الطعام الفائض، فإن ذلك سيؤثر على سلوكهم في المستقبل.
التربوية والمرشدة النفسية رائدة الكيلاني، تؤكد أن دور المدرسة والأسرة أساسي في ترسيخ ثقافة الاستهلاك الواعي عند الأطفال، إذ يجب أن يكون هناك توعية للأطفال حول أهمية تقليل هدر الطعام، سواء في المنزل أو في المدرسة، إذ يمكن للمعلمين إدخال أنشطة توعوية، مثل تشجيع الطلاب على إحضار كميات مناسبة من الطعام في وجباتهم المدرسية، أو حتى تنظيم مسابقات حول طرق الاستفادة من بقايا الطعام بطرق مبتكرة.
وتشير إلى أن التكنولوجيا الحديثة يمكن أن تلعب دورا كبيرا في الحد من هذه المشكلة، إذ ظهرت العديد من التطبيقات التي تساعد في توجيه الطعام الزائد إلى المحتاجين، أو تطبيقات تساعد في تحضير الوجبات حسب عدد الأفراد وكيف يمكن تدوير الطعام، ويمكن أن تكون وسيلة فعالة لمساعدة الأسر على التخلص من الفائض بطرق نافعة.
وتؤكد وجود حلول تساعد على الحد من الهدر الغذائي، كالتخطيط المسبق للوجبات وإعداد قوائم طعام محددة بالكميات المناسبة لتجنب الطهي المفرط، وإعادة تدوير الطعام، مثل تحويل بقايا الأرز إلى كرات الأرز المحشوة، أو استخدام الخضار المتبقية في تحضير الشوربات.
وتشدد على أن على العائلات ألا تنسى أن هناك من لا طعام لهم، وأن هناك عائلات بحاجة إلى هذا التكافل، مؤكدة وجود العديد من الجمعيات الخيرية والمبادرات المجتمعية التي تستقبل الطعام الزائد وتعيد توزيعه على المحتاجين.
وتضيف أن هناك مبادرات مجتمعية يمكن أن تلعب دورا رئيسيا، مثل "موائد الرحمن" التي تستفيد من التبرعات الغذائية، أو برامج إعادة التدوير التي تحول بقايا الطعام إلى سماد طبيعي أو أعلاف للحيوانات.
وأخيرا، تتحدث كيلاني بأن شهر رمضان فيه البركة والتكافل، لكن المفارقة أنه أيضا الشهر الذي يصل فيه الهدر إلى مستويات غير مسبوقة، رغم تردي الوضع الاقتصادي، لكن العادات والتقاليد تحكم أحيانا.
وتتفق مع خزاعي، على أن الحل يبدأ من تغيير العادات، ونشر الوعي، وتعزيز ثقافة الاستهلاك الرشيد، سواء داخل الأسرة أو عبر المبادرات المجتمعية.
تقول بأسف "نحب الكرم ونريد أن تكون موائدنا عامرة، لكن في النهاية ينتهي جزء كبير من الطعام في النفايات، وأشعر بالذنب لهذا الهدر، خاصة عندما أفكر في العائلات التي لا تجد ما تأكله".
وتؤكد أن هذه المشكلة تتفاقم عندما تحضر لعزيمة ما، سواء لعائلتها أو الأقارب أو الأصدقاء، إذ إنها لا تستطيع أن تعد مائدة معتدلة الطعام أو الأصناف، فترى من الواجب، وفق العادات والتقاليد، أن تكرم الضيف، إلا أنها بعد الانتهاء من العزيمة تجد كميات كبيرة من الطعام وتبدأ الحيرة لديها.
على النقيض من ذلك، تجد عائلة أبو عمر "مكونة من خمسة أفراد" حلا عمليا لهذه المشكلة، إذ تعتمد هذه الأسرة، على التخطيط المسبق لوجبات رمضان، مع إعداد كميات مناسبة من الطعام، والاستفادة من الفائض بطرق مبتكرة. يقول أبو عمر "اعتدنا في السابق أن نتخلص من بقايا الطعام من دون تفكير، لكن مع الوقت تعلمنا كيفية إعادة تدويره في وجبات جديدة أو التبرع به لجيراننا أو حراس العمارات والمحتاجين".
من جهة أخرى، تشير الدراسات إلى أن هدر الطعام يزداد بشكل كبير خلال شهر رمضان، إذ تقدر بعض التقارير أن الدول العربية وحدها تهدر ملايين الأطنان من الطعام خلال هذا الشهر الفضيل. ويرجع ذلك إلى عوامل عدة، أبرزها الإفراط في الطهي، والعروض التجارية المغرية، والعادات الاجتماعية التي ترى في الموائد العامرة أحد مظاهر الكرم.
بدوره، يقول الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين خزاعي "إن المشكلة ليست فقط في هدر الطعام، بل أيضا في التأثير الذي ينتجه هذا الإسراف وضرره الاجتماعي والبيئي والاقتصادي، فالتخلص من الطعام المهدر يؤدي إلى زيادة النفايات، واستهلاك كميات هائلة من المياه والطاقة في إنتاج طعام لا يتم استهلاكه فعليا، كما أن تحلل الطعام في مكبات النفايات يؤدي إلى انبعاث غازات ضارة مثل الميثان، مما يزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري".
لكن هذه ليست فقط مشكلة بيئية، بل هي أيضا أزمة اجتماعية وثقافية تتطلب تدخلا ووعيا من الجميع، فالمشكلة الأساسية تكمن في العادات الاجتماعية الراسخة التي تربط الكرم بالإسراف، بدلا من التوازن والاستهلاك الرشيد. يقول خزاعي: "في مجتمعاتنا يعتقد البعض أن الكرم يعني إعداد كميات كبيرة من الطعام، حتى لو لم يكن هناك من يأكله، وهذا المفهوم بحاجة إلى تصحيح، فالكرم الحقيقي هو مشاركة الطعام مع الآخرين وليس رميه في القمامة، فلا بد من إعادة النظر في ثقافة الولائم والإفراط في الشراء خلال الشهر الكريم".
ويضيف أن التغيير يبدأ من الأسرة، إذ يجب على الأهل تعليم أطفالهم قيمة الطعام، وتعويدهم على تقدير النعمة وعدم التبذير، فعندما يرى الأطفال أن الطعام يرمى بسهولة، فإنهم يكبرون وهم يعتقدون أن الهدر أمر طبيعي. لكن إذا تم تعليمهم منذ الصغر كيف يمكن استغلال الطعام الفائض، فإن ذلك سيؤثر على سلوكهم في المستقبل.
التربوية والمرشدة النفسية رائدة الكيلاني، تؤكد أن دور المدرسة والأسرة أساسي في ترسيخ ثقافة الاستهلاك الواعي عند الأطفال، إذ يجب أن يكون هناك توعية للأطفال حول أهمية تقليل هدر الطعام، سواء في المنزل أو في المدرسة، إذ يمكن للمعلمين إدخال أنشطة توعوية، مثل تشجيع الطلاب على إحضار كميات مناسبة من الطعام في وجباتهم المدرسية، أو حتى تنظيم مسابقات حول طرق الاستفادة من بقايا الطعام بطرق مبتكرة.
وتشير إلى أن التكنولوجيا الحديثة يمكن أن تلعب دورا كبيرا في الحد من هذه المشكلة، إذ ظهرت العديد من التطبيقات التي تساعد في توجيه الطعام الزائد إلى المحتاجين، أو تطبيقات تساعد في تحضير الوجبات حسب عدد الأفراد وكيف يمكن تدوير الطعام، ويمكن أن تكون وسيلة فعالة لمساعدة الأسر على التخلص من الفائض بطرق نافعة.
وتؤكد وجود حلول تساعد على الحد من الهدر الغذائي، كالتخطيط المسبق للوجبات وإعداد قوائم طعام محددة بالكميات المناسبة لتجنب الطهي المفرط، وإعادة تدوير الطعام، مثل تحويل بقايا الأرز إلى كرات الأرز المحشوة، أو استخدام الخضار المتبقية في تحضير الشوربات.
وتشدد على أن على العائلات ألا تنسى أن هناك من لا طعام لهم، وأن هناك عائلات بحاجة إلى هذا التكافل، مؤكدة وجود العديد من الجمعيات الخيرية والمبادرات المجتمعية التي تستقبل الطعام الزائد وتعيد توزيعه على المحتاجين.
وتضيف أن هناك مبادرات مجتمعية يمكن أن تلعب دورا رئيسيا، مثل "موائد الرحمن" التي تستفيد من التبرعات الغذائية، أو برامج إعادة التدوير التي تحول بقايا الطعام إلى سماد طبيعي أو أعلاف للحيوانات.
وأخيرا، تتحدث كيلاني بأن شهر رمضان فيه البركة والتكافل، لكن المفارقة أنه أيضا الشهر الذي يصل فيه الهدر إلى مستويات غير مسبوقة، رغم تردي الوضع الاقتصادي، لكن العادات والتقاليد تحكم أحيانا.
وتتفق مع خزاعي، على أن الحل يبدأ من تغيير العادات، ونشر الوعي، وتعزيز ثقافة الاستهلاك الرشيد، سواء داخل الأسرة أو عبر المبادرات المجتمعية.
0 تعليق