العطاء في نفوس الأطفال.. بذرة تنمو بالتنشئة والحب والرحمة

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان - يعكس سلوك العطاء عمق القيم الإنسانية في النفس، لذلك عند زراعة هذا الخلق في قلوب الأطفال منذ الصغر لا يتعلمون فقط مساعدة الآخرين، بل ينشأوا كأفراد يحملون روح المسؤولية والرحمة والكرم. اضافة اعلان
في شهر رمضان المبارك تتجلى روح العطاء بأبهى صورها حيث يصبح الإحسان ومساعدة الآخرين جزءا من الحياة اليومية، وهنا تبرز فرصة ذهبية لغرس هذه القيمة الجوهرية في مرحلة بناء الطفل وانطلاقه نحو الحياة، ويكون ذلك من خلال مشاهدتهم لأهلهم وهم يقدمون الصدقات أو يشاركون في موائد الإفطار أو يساعدون المحتاجين هذه التجارب لا تمر مرور الكرام بل تترك بصمة عميقة في وجدان الطفل ليصبح العطاء جزءا من شخصيته في المستقبل. 
العطاء أسلوب حياة يجسد المعنى الحقيقي للإنسانية وهذا بالضبط ما يربي عليه أبو مهند أطفاله. يقول "عندما نعطي فنحن لا نمنح الآخرين فقط بل أيضا نمنح أنفسنا فرصة لنكون أكثر إنسانية أكثر حبا وأكثر قربا من جوهر الحياة"، لافتا إلى أنه يحرص على تعويد أبنائه تلك القيمة وإقناعهم بأن العطاء لا يقتصر فقط على المال ولا يرتبط بموسم معين ساعيا لأن يكون جزءا من تكوينهم النفسي والوجداني".
- العطاء قد يكون بكلمة مواساة
ضروري أن يفهم الطفل أن العطاء لا يقاس بحجمه بل بصدقه، فأحيانا تكون كلمة تواسي قلبا مثقلا أو ابتسامة تعيد الروح لمن يعتقد أن الحياة أدارت له ظهرها أو إنصاتا عميقا يطمئن الروح القلقة، هو فرح حقيقي يكمن في رؤية ذلك الأثر في عيون من تمنحهم من وقتك ومشاعرك. 
ولينا سعيد، تهتم كثيرا بأن يكون العطاء جزءا من حياة الأطفال الذين يعيشون في محيطها لكونه طاقة متدفقة بالحب والرحمة تبني شخصيتهم المستقبلية وتجعلهم ناشرين للخير أينما كانوا.
 هي تؤمن أن العطاء لا يقف عند حدود الماديات بل يمتد إلى الوقت والحب والاهتمام، فأن تعطي ليس لأنك تملك بل لأنك إنسان، مبينة أن الأجمل من العطاء تربية الطفل على عدم انتظار المقابل وأن تكون السعادة هي المردود على كل ما يقدمه للآخر من إحسان.
 ولأن الحياة مليئة بالتحديات، ترى لينا أن تعليم الصغار العطاء لفتة صادقة تثبت لكل مهموم أو محتاج أن هناك من يشعر به بل ويقف إلى جانبه. فمن خلال العطاء يتعمق لدى الطفل الإحساس بالتعاطف والرحمة فهو يلمس مباشرة أثر ما يقدمه من خير على الوجوه المتعبة هذه التجربة العملية ترسخ فيه حتما القدرة على فهم مشاعر الآخرين كما تربي فيه الامتنان والرضا.
- تعزيز قيم الخير لدى الاطفال
ويبين الاختصاصي الاجتماعي الأسري مفيد سرحان أن الإسلام حث على عمل الخير ومساعدة الآخرين والعطف على الفقراء والمحتاجين في جميع أيام السنة، والمسلم بفطرته ميّال إلى عمل الخير وهو جزء من دينه وعقيدته وأخلاقه، قال تعالى: "وما تفعلوا من خير يعلمه الله" وقال تعالى: "وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا".
وفي شهر رمضان المبارك يتزايد الإقبال على عمل الخير بأشكال متعددة. كفرصة لتعزيز القيم عند الأطفال، وإكسابهم وتعزيز السلوكيات الإيجابية الموجودة عندهم عبر تعزيز أعمال الخير والتعاطف مع الآخرين كبارا وصغار.
وينوه سرحان بضرورة حرص الأهل على تربية الأبناء وتحفيزهم على عمل الخير في رمضان عبر اتباع القدوة الحسنة كأفضل وسائل التربية، وأفضل تعليم يكون بالقدوة والممارسة بمعنى الاقتداء بالآباء والأمهات والكبار، وذلك بإشراكهم معهم في ممارسة مساعدة الآخرين وعمل الخير.
ومما يسهل على الأهل مهمتهم أن عمل الخير يأخذ أشكالا وصوراً متعددة، بدءاً من إلقاء السلام على جارك وزميلك في العمل أو المدرسة والتبسم في وجهيهما، وتنظيف المسجد أو الحي أو المدرسة أو زيارة المرضى.
ويذهب سرحان إلى أهمية تفطير الصائم وتقديم الصدقة ومساعدة الفقراء والمحتاجين في الملبس والطعام والعلاج والزواج وإلقاء الدروس والمواعظ، والتعاون معهم في أعمال الخير في المساجد. ومن المهم أن يشارك الطفل في الأعمال التي تناسب عمره وقدرته كمساعدة الجمعيات في عملها، وتوزيع المياه والمساعدات وغيرها، وإشراكهم في تقديم الصدقات.
- الشعور بالمسؤولية تجاه الآخر
ويمكن للأسرة في رمضان اعتماد حصالة داخل المنزل يشارك في المساهمة فيها الأبناء من مصروفهم الشخصي مما يعزز لديهم الشعور بالمسؤولية والشعور مع الآخرين. أيضا رمضان فرصة عظيمة لغرس المعاني الإيمانية في نفوس الأطفال والأبناء عموما وتحقيق معاني التكافل الاجتماعي في المجتمع، لما يحمله من قيم الشعور والإحساس بالآخرين.
وممارسة الطفل العملية لهذه القيم تجعله جزءا أصيلا من تكوينه وسلوكه، كما أن رمضان فرصة حقيقية لتعليم الأبناء قيم ديننا الإسلامي الحنيف، الذي جاء بمكارم الأخلاق والمحبة والتسامح ومساعدة الآخرين وشعور المسلم بأخيه المسلم، ليكون شهر فرح للجميع الكبير والصغير، الغني والفقير. 
وعلى كل عائلة أن تستثمر هذا الشهر الفضيل لتعليم الأطفال فعل الخير من خلال الصدقة ومساعدة الآخرين وإشراكهم في الأعمال التطوعية مثل توزيع الماء والتمر، وللمدرسة دور في غرس هذه القيم من خلال تنظيم حملات جمع التبرعات للفقراء من الطلاب سواء النقدية منها أو العينية من ملابس وطعام وغيرها، كما يقول سرحان.
وكذلك للمسجد دور في تشجيع الأطفال على عمل الخير من خلال الدروس والمسابقات وتفقد أحوال أهالي الحي وحصر الفقراء منهم، وفق سرحان. ويستطيع الإنسان أن يقوم بعمل الخير بصورة فردية أو بالتعاون مع الآخرين، فالعمل الفردي له ميزاته كما أن للعمل الجماعي ميزات، فمن ميزات العمل الفردي أنه متاح في كل الأوقات والظروف، إلا أنه يتوقف على همة ونشاط الشخص ووعيه، فقد يمر الإنسان بظروف معينة تفتر فيها همته ويقل إقباله على عمل الخير، ولكنه عندما يكون مرتبطاً مع آخرين أو من خلال مؤسسة فإنهم يذكرونه ويؤازرونه.
- سلوك العطاء مكتسب 
من البيئة المحيطة
ويشير الاستشاري النفسي الأسري الدكتور أحمد سريوي إلى أن العطاء سلوك مكتسب من البيئة المحيطة بالطفل أكثر مما هو فطري لديه، حيث يتأثر سلوك الطفل بسلوك والديه في مسألة العطاء. فالطفل يتدرب على العطاء من قبل الوالدين كما يتم تدريبه على العديد من السلوكيات الأخرى، وهذا يتطلب الوعي من قبل الأهل وكذلك تواجد السلوك لديهم من الأساس.
والعطاء، بحسب سريوي، مقترن بالإحساس بالآخرين وبمشاعرهم وباحتياجهم للتعاطف، فالطفل الذي ينشأ في بيئة قاسية خالية من المشاعر والعاطفة سيكون أقل قدرة على التعاطف مع المحتاجين والآخرين بشكل عام، مقارنة بالطفل الذي ينشأ في بيئة آمنة ودافئة ومليئة بمشاعر الحب والحنان، ستجده قادر على العطاء والإحساس بمعاناة الآخرين بشكل كبير وصادق.
وهذا الطفل سيكون محبوبا ومقبولا اجتماعياً أكثر من الطفل القاسي وقليل المشاعر، لذلك نقول دائماً ان الطفل عجينة يتم تشكيل ملامحها من قبل الأهل في مرحلة الطفولة وتحديداً نهاية مرحلة الطفولة المبكرة من عمر 3-6 سنوات وخلال مرحلة الطفولة المتأخرة من 6-11 سنة.
وتعود أهمية غرس سلوك العطاء لدى الأطفال وتعاطفهم مع المحتاج على المجتمع بشكل كبير وخصوصا في شهر رمضان الفضيل، حيث يكون من المهم التركيز على مشاعر العطاء والإحساس بالآخرين وهي تجعل الصائم يستشعر ما يشعر به الفقراء من العطش والجوع، فحينما يعطيهم ويقدم لهم الخير فإن مشاعر السعادة ترتفع ويشعر بقيمة ذاته في المجتمع بشكل أكبر، بحسب سريوي.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق