تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بشكل غير مسبوق. الرئيس الأمريكي يضع الأمور بوضوح: إما اتفاق نووي، أو الخيار العسكري، بينما يرد خامنئي بتحدٍ واضح: لا تفاوض تحت التهديد، وهو الموقف نفسه الذي تبناه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، رافضاً أي مفاوضات تحت الضغوط. هذه المواقف ليست مجرد استعراض سياسي، بل تعكس أزمة متصاعدة تهدد مستقبل النظام الإيراني. في ظل هذا التصعيد، يزداد الضغط على طهران من المجتمع الدولي، حيث تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى منع إيران من امتلاك القدرة النووية، خوفاً من أن تستخدمها كأداة لابتزاز المنطقة وتعزيز نفوذها العدواني.إيران، التي لم تمتلك سلاحاً نووياً بعد، استخدمت منذ عام 1979 مواردها لتمويل أذرعتها الإرهابية، ودعمت ميليشيات في العراق وسوريا، وزعزعت أمن الدول المجاورة. فكيف سيكون الأمر إذا امتلكت سلاحاً نووياً؟ نظام خامنئي لم يثبت يوماً أنه يسعى للاستقرار، بل يستخدم القوة لفرض الهيمنة. لذا، فإن فكرة الوثوق بنظامه وهو يمتلك قدرات نووية تعد مخاطرة خطيرة. امتلاك إيران للسلاح النووي لن يكون وسيلة دفاعية، بل سيصبح تهديداً مباشراً للمنطقة، مما يجعل المواجهة العسكرية احتمالاً أكثر واقعية مما يظنه البعض.لكن التحدي الأكبر الذي يواجه النظام ليس في واشنطن، بل في طهران نفسها. الإيرانيون يرون اقتصاداً ينهار، عملة تتهاوى، بطالة متفشية، فساداً مستشرياً، وقمعاً لا يتوقف. الاحتجاجات الشعبية تتزايد، ولم تعد مرتبطة فقط بالأوضاع الاقتصادية، بل أصبحت رفضاً جذرياً لنهج ولاية الفقيه، الذي يقود البلاد نحو مزيد من العزلة والتراجع. النظام الذي كان يروج لنفسه كحامي المستضعفين، أصبح اليوم هو الذي يسحق شعبه بالقوة والاعتقالات والتنكيل، مما يجعل الثورة الداخلية أمراً وارداً أكثر من أي وقت مضى.وفي الآونة الأخيرة، شهدت إيران موجة استقالات غير مسبوقة بين المسؤولين الحكوميين، ما يشير إلى وجود شرخ داخل المنظومة الحاكمة. بعض هؤلاء، خاصة من يوصفون بالإصلاحيين، قد يكونون على قناعة بأن استمرارهم في السلطة سيضر بمستقبلهم، خصوصاً مع تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية. الانسحاب المتزايد قد يكون محاولة للتموضع في مرحلة ما بعد ولاية الفقيه، تحسباً لأي تغيير سياسي كبير قادم. هذه الاستقالات تعكس إدراكاً متزايداً داخل النظام بأن زمن المناورة انتهى، وأن القمع لم يعد كافياً لإبقاء النظام قائماً وسط أزمات متفاقمة.إيران اليوم عند مفترق طرق خطير. استمرار نظام ولاية الفقيه في سياساته لن يؤدي فقط إلى تصعيد عسكري مع الولايات المتحدة، بل إلى انهيار اقتصادي واجتماعي داخلي. الاستقالات، الاحتجاجات، والأزمات الاقتصادية ليست مجرد ظواهر عابرة، بل مؤشرات على تصدع حقيقي في أركان النظام. كل هذه التطورات تدل على أن إيران لم تعد قادرة على الموازنة بين قمع الداخل والتصعيد الخارجي، وهو ما يضع النظام أمام مرحلة مصيرية لا مجال فيها للمراوغة.إذا كانت إيران، وهي بلا سلاح نووي، قد أشعلت المنطقة بحروب بالوكالة، فماذا ستفعل إذا حصلت عليه؟ استمرار النظام في هذا النهج التصادمي سيقوده إلى عزلة أكبر وانهيار حتمي، سواء بفعل الضغوط الخارجية، أو من خلال انهياره الداخلي المتسارع.
تصعيد خارجي واضطراب داخلي: هل اقتربت لحظة الحقيقة لإيران؟

تصعيد خارجي واضطراب داخلي: هل اقتربت لحظة الحقيقة لإيران؟
0 تعليق