ما الذي يبقى في الذاكرة؟

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أطباؤنا الأعزاء اسمعوا هذه القصة للدكتور حسام طبيب أورام أصله أردني يعمل في الإمارات الآن.يقول إنه حين كان منتدباً في كندا كان مشرفاً على علاج طفلة كندية عمرها عشر سنوات مصابة بسرطان في العظام وكان من النوع الشرس؛ مما اضطر الأطباء إلى بتر أجزاء عديدة من جسدها في محاولة لمنع الورم من الانتشار، حتى تقطعت أطرافها.ويتحدث الدكتور حسام عن أصعب المواقف التي مر بها مع تلك المريضة حيث اضطروا لقطع أجزاء من جسمها خلال السنوات الثلاث، وأصعب اللحظات التي مرت عليه حين كان يضطر في كل مرة أن ينقل لأمها وأبيها قرار بتر عضو جديد، حتى وصل الأمر إلى أنهم هم من يبادرون بالسؤال ماذا ستقطعون هذه المرة؟!!في كل مرة يطرق الدكتور حسام الباب كانوا يضعون يدهم على قلوبهم خوفاً ورعباً من الخبر الجديد، ونتوقع نحن وحتى الدكتور حسام كان يتوقع معنا أنهم لا يودون أن يروه أبداً، إنما خذ المفاجأة كان أهل المريضة وحتى المريضة يصرون على ألا يتعاملوا إلا مع الدكتور حسام فقط، هو المكلف بنقل القرارات الصعبة لهم، ورغم ذلك لم يريدوا أن يسمعوها من غيره، بل حين اضطر الدكتور لمغادرة كندا وكانت المريضة في المستشفى، وقد بلغ عمرها 14 سنة جاء ليودعهم فقالت له الطفلة احضني، وقد كانت بلا أذرع فحضنها، وبقيَتْ مدة طويلة لم يتدخل الدكتور حسام لوقفها، ثم قالت له «هو الوداع إذاً؟ اذهب دون أن تنظر لي» يقول خرجت بسرعة كما طلبت وأجهشت بالبكاء، وسافرت للعمل في دولة أخرى، وبعد تسعة شهور توفيت الفتاة، وحين عدت لكندا للزيارة فوجئت بأهلها يدخلون علي بعلبة هدايا كبيرة ورسالة من ابنتهم تركتها لي، فأجهشت بالبكاء حين رأيتهم مرة أخرى لأني لم أتوقع أن يدخلوا علي بعلبة هدايا فسألتهم متعجباً توقعت أنكم لا ترغبون برؤيتي ولو كنت مكانكم لكرهتني، فقالوا دكتور نحن لا نتذكر الأخبار التي كنت تنقلها بل نتذكر فقط كيف كنت تشعر وأنت تنقلها وأنت من علمنا كيف نتقبلها، لقد كنت تشعر بنا؛ مما خفف علينا شدة الموقف، ولولاك لما تحملنا وصبرنا، يكفي ما تكنه لك ابنتنا، وكتبته لك قبل أن تموت (انتهت القصة).يا الله إلى هذه الدرجة تبلغ أهمية أسلوب الدكتور وطريقة تعامله عند المريض وأهله؟ إلى هذه الدرجة تبلغ قدرة الأسلوب الطيب على تخفيف الألم وتخفيف وطأة الخبر السيئ على المريض وأهله؟ إلى درجة أن المريض وأهله يضعون أهمية لكيفية نقل الخبر أكثر من الخبر نفسه؟وهل من الضروري أن يمرض أحد أبناء الطبيب، ويكون مصير ابنه في يد طبيب آخر، حتى يعرف مشاعر الأهل ومشاعر المريض، وهم ينتظرون دخول الطبيب عليهم ليعرفوا ماذا سيحدث وما هي التطورات؟تلك المواقف التي تميز طبيباً عن طبيب وهناك من بيننا أطباء بحرينيون مثل الدكتور حسام صاحب القصة هم بلسم المرض ومهدئ القلق، وهناك من هو نقيضه تماماً، فاختر عزيزي الدكتور أياً منهما أنت؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق