وسط مشاهد الدمار والخراب التي تملأ قطاع غزة، يواجه آلاف الأطفال الأيتام مستقبلا مجهولا بعد أن فقدوا ذويهم في واحدة من أعنف الحروب التي شهدتها المنطقة.اضافة اعلان
هؤلاء الأطفال، الذين كان من المفترض أن يحظوا بطفولة آمنة ومستقرة، باتوا يكبرون في بيئة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، حيث الخيام الهشة والنزوح القسري والمأساة اليومية المستمرة، جراء الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل على قطاع غزة.
في اليوم العالمي للأيتام، الذي يوافق 15 رمضان من كل عام، يسلط الضوء على هذه المأساة الإنسانية التي يعيشها أيتام غزة، في ظل الإبادة الإسرائيلي.
وبحسب إحصائيات رسمية، خلفت الإبادة الإسرائيلية في غزة نحو 36 ألفًا و569 طفلًا يتيما فقدوا أحد الوالدين، في أرقام تعكس ليس فقط حجم الخسائر البشرية، بل تداعيات إنسانية تهدد مستقبل جيل كامل، في بيئة تعاني من انهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية والبنى التحتية.
ـ حسرة في القلب
يحاول الطفل أحمد بنات (12 عامًا) التماسك وهو يروي تفاصيل فقدان والده خلال الحرب، لكنه لا يستطيع كبح دموعه عندما يتذكر أنه لم يتمكن من وداعه.
أحمد، الذي يسكن مع والدته في خيمة من النايلون جنوب غزة، قال للأناضول: "استشهد والدي ودفن دون أن نودعه، لأننا كنا قد نزحنا جنوبا بينما بقي هو صامدا في مدينة غزة".
وخلال الإبادة الإسرائيلية نزح قسرا نحو مليوني شخص، نصفهم من النساء والأطفال، هربا من القصف الإسرائيلي.
وأضاف أحمد: "كان بودي أحضنه وأودعه، لكن للأسف لم أستطع.. ستبقى حسرة في قلبي إلى آخر عمري".
وطالب العالم بالتحرك لوقف الحرب وحماية الأطفال الفلسطينيين، الذين أصبحت حياتهم ومستقبلهم في مهب الريح.
ورغم صغر سنه، يحاول أحمد، التخفيف عن والدته التي تعاني من فقدان زوجها وابنتها، ويساعدها في مواجهة تحديات الحياة اليومية.
ـ مرارة الفقد وصعوبة المسؤولية
وقالت أم أحمد، التي فقدت زوجها وابنتها خلال الحرب: "نزحنا إلى جنوب القطاع بحثا عن الأمان، لكن بمجرد وصولنا استُشهدت ابنتي في غارة إسرائيلية، وبعد ثلاثة أيام، استشهد زوجي في غزة بعيدا عني".
وتضيف: "بعد استشهاد زوجي، وجدت نفسي مضطرة لتحمل مسؤولية أبنائي وحدي، فأصبحت الأم والأب لهم، في ظل ظروف معيشية قاسية وارتفاع كبير في التكاليف".
وتعيش أم أحمد، مع أطفالها في خيمة متواضعة، حوّلت إحدى زواياها إلى مطبخ صغير بأدوات بسيطة، في مشهد يعكس المعاناة اليومية لسكان القطاع الذين فقدوا منازلهم وأحبتهم.
وفي ظل الحرب المستمرة، فقدت آلاف العائلات معيلها الأساسي، ما جعل النساء الفلسطينيات في غزة يواجهن واقعًا جديدًا، حيث أصبحن المعيلات الوحيدات لأسرهن، في ظل اقتصاد منهار، وشح المساعدات الإنسانية، ودمار واسع من البنى التحتية والمرافق الحيوية.
ـ مهمة صعبة
ولا يختلف حال أم مهند، التي فقدت زوجها واثنين من أبنائها خلال الحرب، كثيرا عن قصة أم أحمد وأطفالها الأيتام.
ففي حديث للأناضول، قالت أم مهند: "أتحمل مسؤولية كبيرة في تلبية احتياجات أطفالي، وأحاول جهد الإمكان ألا يشعروا بالنقص، سواء في الحنان أو في المتطلبات الأساسية، فهي مهمة صعبة للغاية".
وتتفاقم المعاناة مع اشتداد الأزمة الإنسانية، حيث يعاني سكان غزة من صعوبات غير مسبوقة في تأمين الطعام والماء، مع شح المساعدات الغذائية، وارتفاع أسعار السلع بسبب الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر.
وأثناء حديث الأناضول مع أم مهند، كانت ابنتها تالا، تجلس في زاوية الخيمة الصغيرة تتلو آيات من القرآن، قبل أن تروي بصوت خافت ما حل بأسرتها.
وقالت تالا السطري، للأناضول: "كنا في بيت جدي حين قصف المنزل. علقنا تحت الأنقاض لساعات، نجوت بعد إصابتي لكن والدي وأخي استشهدا".
ومطلع مارس/ آذار الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة التي استمرت 42 يوما، فيما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.
ومع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار، أغلقت إسرائيل مجددا جميع المعابر المؤدية إلى غزة، لمنع دخول المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف إلى استخدام التجويع أداة ضغط على حماس لإجبارها على القبول بإملاءاتها، فيما قطعت لاحقا الكهرباء المحدودة عن محطة تحلية المياه وسط القطاع.
في المقابل تؤكد حركة حماس، مرارا التزامها باتفاق وقف إطلاق النار وتطالب بإلزام إسرائيل به، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.-(الأناضول)
0 تعليق