"التطلع إلى المستقبل بثقة في يوم القديس باتريك"

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في عيد القديس باتريك، يومنا الوطني، أود أن أتأمل في السنوات الست التي أمضتها سفارة أيرلندا المقيمة هنا في الأردن، والتي قدمت منصة للتفاعل الإيجابي المتزايد والعلاقات الثنائية بين الأردن وأيرلندا. بالإضافة إلى مستوى عالٍ من الانخراط السياسي، شهدت هذه السنوات الست نموًا في العلاقات التجارية والاقتصادية، وروابط تعليمية أكبر، وشراكات إنسانية وتنموية متزايدة، وتبادل ثقافي.اضافة اعلان
عيد القديس باتريك هو فرصة لعشرات الملايين من الأشخاص ذوي الأصول الأيرلندية حول العالم – وكذلك أصدقاء أيرلندا الكثيرون – للانضمام إلى الاحتفال بـ أيرلندا والأدب والموسيقى والثقافة والتاريخ والنظرة إلى الحياة التي شكلت جزيرتنا. نحن نعلم في أيرلندا أننا محظوظون للغاية لأن لدينا يوما وطنيا يحظى بالاستمتاع به الكثير من الناس.
نحن نعلم أيضا أن الصراعات تستمر في تدمير حياة الناس على مستوى العالم، وخصوصا في هذه المنطقة، مما يزيد الجوع والنزوح والمستويات غير المحتملة من المعاناة. كما أدى ارتفاع تكاليف المعيشة والقلق حول التغييرات التكنولوجية والاجتماعية إلى تقويض الثقة في الطرق التقليدية للعمل.
نحن في أيرلندا لسنا محصنين من هذه رياح التغيير الدولية، ولكننا نحاول تقييد آثارها. بالتأكيد عندما يتعلق الأمر بالمستثمرين والسياح إلى جزيرتنا، نحاول تقديم نهج متسق ثابت. في عالم مضطرب ال1ي نعيشه اليوم، نعتقد أن هذا التوازن يستحق الجهد المبذول للحفاظ عليه.
تعد أيرلندا بانتظام من أفضل الأماكن في العالم لإدارة الأعمال، حيث صنفت تقرير التنافسية العالمية 2024 أيرلندا في المركز الأول عالميا في جذب وإبقاء المواهب، وفي المرتبة الأولى لمرونة وقابلية تكيف القوى العاملة، وفي المرتبة الأولى لإنتاجية القوى العاملة.
بالنسبة لجزيرة مرت بأصعب مجاعة في أوروبا في القرن التاسع عشر وشعب هاجر بالملايين حتى وقت قريب، كان هذا الصعود ليصبح من بين العشرة الأوائل في مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة مدعوما بالتفكير الجديد والطموح الإستراتيجي. نحن نعلم أيضا أن نتيجة السباق تكون أفضل عندما يُركض بسرعة ثابتة في اتجاه متفق عليه، بدلاً من الركض ذهابًا وإيابًا.
وكذلك نحاول اتخاذ نهج واضح ومتسق في سياستنا الخارجية، وفقا لمبادئ التراحم والشراكة التي شكلت فترة عضويتنا الأخيرة في مجلس الأمن الدولي.
في الشهر الماضي، مرت علينا الذكرى الثالثة للغزو الوحشي الروسي لأوكرانيا. يجب أن ينتهي العدوان غير القانوني لروسيا. ولكن كيفية تحقيق السلام مهمة أيضاً. رسالتنا واضحة – لا يمكن أن يكون هناك حل في أوكرانيا بدون أوكرانيا. الصفقة السيئة لأوكرانيا هي صفقة سيئة لنا جميعًا. هذا هو سبب وقوفنا في صف أوكرانيا الآن وفي المستقبل.
كما أننا نعتقد أننا اتخذنا موقفا مبدئيا في الشرق الأوسط أيضا. في غزة، حجم الدمار والمعاناة البشرية مروع حقا، مع أكثر من 47.000 قتيل، معظمهم من النساء والأطفال. أتى اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن بالأمل للإسرائيليين والفلسطينيين، ويتطلب الأمر ضمان عدم استئناف الأعمال العدائية. من المهم أن يتم التركيز على تنفيذ هذا الاتفاق. كما أن استئناف وزيادة المساعدات الإنسانية المطلوبة بشدة واستعادة الكهرباء ضروريان أيضا لإنهاء معاناة المدنيين الأبرياء.
ندين أيضًا الهجوم الإرهابي المروع الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. إن أخذ الرهائن غير مقبول. ندعو إلى عودة جميع الرهائن إلى عائلاتهم.
منذ أكتوبر 2023، ساهمت أيرلندا بأكثر من 72 مليون يورو لدعم شعب فلسطين، بما في ذلك 58 مليون يورو لدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). إن عمل الأونروا ضروري وغير قابل للتعويض لملايين اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة، بما في ذلك في الأردن، وخاصة في الوضع الحالي في غزة والضفة الغربية.
ترحب أيرلندا بالاتفاق بين الدول العربية على خطة مشتركة لإعادة بناء غزة. لقد كانت أيرلندا والاتحاد الأوروبي والشركاء الدوليون واضحين في أنه لا يمكن أن يكون هناك تهجير قسري للمدنيين في غزة، ولا احتلال لقطاع غزة.
كبلد صغير، نحن مقتنعون بأن العمل معا عبر الحدود، في الأمم المتحدة وفي المنظمات الدولية الأخرى، هو أفضل طريقة لمواجهة التحديات العالمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. نرى حماية وتعزيز حقوق الإنسان كجزء أساسي من تأمين وصون السلام والاستقرار عالميا. هذا جزء من الأسباب التي دفعت أيرلندا للترشح لانتخابات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للفترة 2027-2029. وهو ما سنذكره أيضًا في مجموعة العشرين، حيث تمت دعوة أيرلندا للمشاركة للمرة الأولى عام 2025، وسنكون نشطين في تقديم البراهين لضرورة استخدام الابتكار لتحقيق النمو الاقتصادي الشامل. يحدث ذلك كله بينما نكثف تجهيز أنفسنا لرئاسة أيرلندا لمجلس الاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من عام 2026. لإن أيرلندا محظوظة بأنها في قلب الاتحاد الأوروبي، وهو مشروع سلام غير مسبوق، وسوق حيوية تضم أكثر من 450 مليون شخص، ومحفز للتغيير الاجتماعي الإيجابي والشمولية.
هنا في الأردن، شهدت سفارة أيرلندا خطوات كبيرة في جميع جوانب العلاقات الثنائية. نما التبادل التجاري بين البلدين بشكل مستقر وارتفع بنسبة تزيد عن 60 % منذ عام 2019. كما شهد عام 2023 زيادة بنسبة 67 % في عدد الطلاب الأردنيين الذين اختاروا أيرلندا للدراسة، مما يتجاوز الروابط التقليدية في القطاع الطبي. نتطلع إلى استقبال المزيد من الطلاب في أيرلندا في السنوات القادمة ودعم الشراكات الأكاديمية المتزايدة بين البلدين. نركز دعمنا على المشاريع المتعلقة بالشباب، معترفين بأهمية دور الشباب في مستقبل الأردن.
برنامجنا الرئيسي، برنامج "العلماء الشباب الأردنيين" (JoYS)، تأسس بواسطة السفارة بدعم كبير من العديد من الشركاء، ويركز على تعزيز العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بين طلاب المرحلة الثانوية في الأردن. بدأ JoYS بـ 21 مدرسة في عام 2022 ونما ليشمل مشاركين من 537 مدرسة في عام 2025. يشمل البرنامج كل المحافظات، مع مشاركة الطلاب من المدارس الحكومية والخاصة ومدارس الأونروا والمدارس العسكرية. تعمل السفارة أيضًا مع شركاء محليين على إنتاج الأفلام واتخاذ إجراءات تتعلق بالمناخ وتمكين الشباب والنساء اقتصاديًا والنساء في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وكذلك في تسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة بالتعاون مع شركاء مثل جمعية الهلال الأحمر الأردني.
تواصل أيرلندا أيضًا دعم وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تقديم الدعم للاجئين من سوريا وغيرها، الذين تستضيفهم الأردن بسخاء.
في ضوء النمو الإيجابي المتزايد في العلاقات الثنائية، هناك بالتأكيد تحديات عميقة ومعقدة في المنطقة وعالميًا يجب مواجهتها معًا خلال الأشهر والسنوات القادمة. ولكن هناك فرص أيضًا إذا كان تعاملنا مع هذه التحديات قائماً على التشاركية والتعاون. هناك مقولة أيرلندية مشهورة تقول "Ní neart go cur le chéile – لا قوة دون وحدة." بينما نحتفل في عيد القديس باتريك، يجب أن نحث الخطى نحو العمل المشترك. وهو ما تستحقه شعوبنا بالتأكيد.
سفيرة ايرلندا في الأردن
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق