تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وبحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، انطلقت فعاليات مؤتمر الوقف والمجتمع، الذي تنظمه الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة تحت شعار: «يداً بيدٍ نحو تنميةٍ وقفيةٍ مستدامة» لاستكشاف أبعادٍ علمية، وطرح حلولٍ عملية، لتحقيق أعلى المعايير التنموية والأهداف المستدامة في مجالات الوقف وفروعه.
حضر الافتتاح، الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس منتدى أبوظبي للسلم والدكتور عمر حبتور الدرعي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة والدكتور سلطان بن سيف النيادي، وزير دولة لشؤون الشباب وبمشاركة العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، والمسؤولون في مؤسسات الوقف بدول مجلس التعاون الخليجي، وأصحاب الاختصاص في شؤون الوقف بالدولة.
افتتح المؤتمر الشيخ نهيان بن مبارك بكلمةٍ قال فيها: «يسرني أن أكون معكم الليلة في هذا المؤتمر، الذي تنظمه الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، برعايةٍ كريمةٍ من سمو الأخ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، لمناقشة موضوعٍ هام، يمس جوانب الحياة، في المجتمعات المسلمة ويسهم في تنمية قدرات هذه المجتمعات، على التعامل الفعال، مع الوقف والعمل الخيري، باعتبارها أساليب مهمة، للوفاء بالاحتياجات والمتطلبات الإنسانية والمجتمعية.
وحدة الفكر
أضاف الشيخ نهيان بن مبارك: «أرحب -بصفةٍ خاصةٍ- بضيوف صاحب السمو رئيس الدولة، في مؤتمرهم هذا وبين إخوانهم وأشقائهم، في دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤكداً لهم أن وجودهم بيننا في هذا الشهر المبارك، شهر الرحمة والعطاء والتكافل، إنما هو إثراءٌ للحياة في هذه الدولة المباركة وانعكاسٌ أمينٌ وصادقٌ لكل ما يدعو إليه صاحب رئيس الدولة من تحقيق وحدة الفكر، والعمل المثمر، بين أفراد ومؤسسات الأمة، في إطارٍ من الاعتزاز بتعاليم الإسلام السمحة والتمكين لقيمه السامية والترسيخ لمبادئه العليا». وأكد أن موضوع المؤتمر، يتراسل تماماً مع احتفالاتنا هذا العام في الإمارات بعام المجتمع، الذي نسعى فيه إلى تعبئة كافة الجهود والوسائل وتفعيل العمل المشترك بين الأفراد وجميع مؤسسات المجتمع، للحفاظ على مناخٍ وطنيٍ عام، يحفز على التنمية المستدامة، وتحمل المسؤولية والإسهام في مسيرة الوطن.
وأضاف: إن موضوع المؤتمر كذلك يتزامن مع المبادرة الكريمة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بإطلاق «وقف الأب»، الذي يجسد تعاليم الإسلام الحنيف، في بر الوالدين، وترسيخ قيم البذل والعطاء والإسهام الإيجابي، في تحقيق الخير والرخاء، للبشر أجمعين.
كفاءة الوقف
أوضح الشيخ نهيان بن مبارك أن المؤتمر انطلق لعدة اعتبارات، أولها أن دولة الإمارات وبالفعل هي الآن نموذجٌ يحتذى في مجالات الوقف والعمل الخيري وتلتزم بمبادئ العطاء الإنساني والتكافل المجتمعي، تلك المبادئ التي أرسى دعائمها مؤسس الإمارات العظيم المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وثانياً، أن الوقف والعطاء الإنساني والمجتمعي هو صدقةٌ جاريةٌ وجزءٌ مهمٌ من تراثنا العربي والإسلامي، فالوقف في التاريخ الإسلامي هو العطاء المرموق والتعبير عن بلوغ الواقف غاية الكرم وسماحة النفس والحرص على التعاون والتعاطف، مع البشر في كل مكان.
وثالثاً أن مواجهة مشكلات المجتمع في هذا العصر إنما تحتاج إلى تعاونٍ وعملٍ مشتركٍ بين الحكومات والشركات والأفراد وكافة مؤسسات المجتمع.
أما رابع اعتبارات انطلاق المؤتمر، أننا في بلادنا العربية والإسلامية، حققنا بعون الله إنجازاتٍ مهمةً في تأكيد مبادئ العطاء والتكافل وإرساء دور الوقف في مسيرة المجتمع، إلا أنه مازال أمامنا الكثير مما يمكن استحضاره وعمله، مثل نشر المعرفة بدور الوقف في تحسين ظروف الحياة وإجراء البحوث والدراسات التي تفيد في تحديد مجالاته وأولوياته وتحليل نتائجه وقياس آثاره، والأطر التشريعية والقانونية المرتبطة به.
استدامة الوقف
قدَّم عبد الله بن بيه، كلمةً أكد فيها أن الوقف مؤسسةٌ عظيمةٌ تتجلى فيها حكمة هذه الشريعة الربانية الخالدة في ترسيخ أسس التعاون بين أفراد المجتمع ورعاية أهل الخصاصة والفاقة حتى قبل أن يوجدوا، فهي في الدنيا رصيدٌ للأجيال القادمة، وللواقفين صدقةً جاريةً يجرى عليهم أجرها وتلك هي استدامة النفع، حيث إن من خصائص الوقف ديمومة العين وصرف الريع في مصارف الخير التي حددها الواقف ولهذا الغرض أحيطت الأوقاف بأحكامٍ كثيرةٍ يمكن اعتبارها حمايةً وتفعيلاً للوقف وعنايةً بالموقوف عليهم.
وأشار إلى أن هذا المؤتمر وأمثاله من الجهود المباركة، ترمي إلى إتاحة الفرصة للأوقاف، لتلج أبوباً من الخير وتنمية المجتمعات، لا يمكن أن تلجها إلا عن طريق الدخول في غمرة الاستثمارات الحديثة من صناعاتٍ ومضارباتٍ وزراعة.
وأضاف: «في سياقاتنا المعاصرة، فإن وزارات وهيئات الأوقاف في كثيرٍ من الأقطار الإسلامية أصبحت هي الجهة التي تمثل ولي الأمر في رعاية شؤون الأوقاف ولهذا فإن التعاون بين هيئات الأوقاف والمؤسسات القضائية والجهات الخيرية الواقفة والجهات المنتفعة، يُمكّن من إعداد برامج الاستثمار المراعية للناحيتين الشرعية والمصلحية.
دور ريادي
في كلمته أكد الدكتور عمر الدرعي، أن الوقف لا ينبغي أنْ يقلَّ تأثيرُه اليومَ عن الدورِ الرياديِّ الذي يجب أن يكون عليه في رؤيته ونظمه ومنظومته، فالمراد من الوقف أن يكون دوماً شريانَ حياةٍ لقلبِ المجتمعِ النابضِ بالعطاءِ، يسدُّ احتياجاتِ أبناء المجتمع مسلمين كانوا أو غيرَ مسلمين، قائلاً: إننا نُصوِّبُ اهتمامَ هذا المؤتمرِ إلى صناعةِ عقليةٍ وقفيةٍ جديدةٍ، من خلالِ التوعيةِ بدورِ الوقفِ والتواصلِ والوصولِ إلى جميعِ أفرادِ المجتمعِ، فلا ينبغي أنْ نفهمَ من مصطلحِ الوقفِ أنهُ حركةٌ جامدةٌ ساكنةٌ ثابتةٌ، بل هو على العكسِ تماماً يحتاجُ إلى وتيرة عملٍ متسارعةٍ وحيويةٍ ونشاطٍ مستمرٍ ينبضُ بالابتكارِ والتطويرِ.
واختتم المؤتمر فعالياته، بإطلاق الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة «ميثاق الوقف..عهد المويجعي»، استلهاماً لهذا العهد المبارك والإرث الحضاري لدولة الإمارات، وتعزيزاً للتكافل الاجتماعي في عام المجتمع، وانطلاقاً من الدور المحوري الذي اضطلعت به الأوقاف عبر مختلف حقب التاريخ.
كما تخلل المؤتمر توقيع اتفاقية تعاونٍ بين الهيئة ومؤسسة الأوقاف وإدارة أموال القصر في دبي «أوقاف دبي»، لتحقيق الأهداف المشتركة وتنمية الوقف لخدمة المجتمع وفق رؤية الإمارات.
0 تعليق