في واحدة من القضايا التي أثارت الرأي العام وأشعلت منصات التواصل الاجتماعي، عاشت محافظة الفيوم خلال الأيام الماضية حالة من الترقب والجدل بعد اختفاء الطالبة ميار عادل، ذات الـ 14 عامًا، طالبة الصف الثاني الإعدادي، في ظروف غامضة، وسط مخاوف أهلها وانتشار شائعات حول تعرضها للاختطاف
اختطاف فتاة الفيوم
بدأت القصة بمنشورات متكررة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحمل استغاثات من أسرة الطالبة المختفية، تزامنًا مع تحذيرات متصاعدة من الأهالي حول تزايد وقائع اختفاء الفتيات، والتي غالبًا ما ترتبط بشائعات عن عمليات خطف مجهولة المصدر. ومع تزايد الضغط، دخلت الأجهزة الأمنية على خط التحقيق، لتكشف تفاصيل صادمة عن ملابسات الاختفاء، التي لم تكن كما ظنّ البعض.
بلاغ بالاختفاء.. وبداية رحلة البحث
تلقى اللواء أحمد عزت، مساعد وزير الداخلية مدير أمن الفيوم، بلاغًا من العميد حسن أبو عقرب، مأمور قسم أول الفيوم، يُفيد بتغيب الطالبة "ميار عادل" عن منزلها منذ يوم 15 مارس الجاري، عقب خروجها مدعية أنها ذاهبة لتصوير أوراق دراسية، لكنها لم تعد.
مع تصاعد القلق بين أسرتها، تبين من التحريات الأولية أنها غادرت المنزل بعد صلاة العشاء، مستغلة انشغال والديها بصلاة التراويح، وهو ما دفع الأجهزة الأمنية لتكثيف جهود البحث والتقصي، خاصة بعد أن أكد والداها عدم وجود أي عداوات أو مشكلات أسرية قد تؤدي إلى اختفائها.
كشف اللغز.. صديق من "بابجي" وشقة في حلوان
بدأ فريق البحث، بقيادة الرائد أحمد السوهاجي، رئيس مباحث قسم أول الفيوم، في فحص جميع ملابسات الواقعة، حيث تم تحليل سجل المكالمات الخاصة بالطالبة، ليتضح أنها أجرت آخر مكالمة من هاتف شقيقتها الكبرى أثناء الإفطار، بعد أن قامت والدتها بسحب هاتفها المحمول كعقاب لها على تقصيرها في المذاكرة.
وبتتبع الرقم الذي تواصلت معه، تبين وجودها داخل شقة بمنطقة حلوان بمحافظة القاهرة، برفقة شاب يُدعى "محمد ي. و"، يبلغ من العمر 19 عامًا. كانت المفاجأة أن الطالبة تعرفت عليه من خلال لعبة "بابجي"، ونشأت بينهما علاقة صداقة تطورت إلى تواصل مستمر، حتى قررت الهروب إليه بعد خلافها مع والدتها.
القبض على الفتاة والشاب.. والتحقيقات تكشف التفاصيل
على الفور، تحركت قوة من مباحث الفيوم، بالتنسيق مع مديرية أمن القاهرة، وتم ضبط الفتاة داخل الشقة، حيث اعترفت بأنها غادرت منزل أسرتها بإرادتها، بعد أن شعرت بالضغط النفسي من أهلها، خاصة بسبب التشديد عليها في المذاكرة ومنعها من استخدام الهاتف.
وأوضحت التحقيقات أن الفتاة لم تتعرض لأي أذى خلال فترة غيابها، وأنها لجأت إلى الشاب كنوع من التحدي لأسرتها، دون إدراك العواقب القانونية أو الأسرية لهذا التصرف.
تحرر محضر بالواقعة.. وعرض المتهمين على النيابة
تم تحرير محضر بالواقعة يحمل رقم 1787 إداري لسنة 2025 عن غياب الفتاة، بالإضافة إلى محضر ضبط يحمل رقم 46 أحوال لسنة 2025، وأحيلت القضية إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيقات، في انتظار ما ستسفر عنه الإجراءات القانونية تجاه الشاب الذي آواها داخل شقته.
رسالة تحذير.. وخطر التواصل غير الآمن عبر الإنترنت
أثارت الواقعة تساؤلات واسعة حول خطورة العلاقات غير المراقبة التي تنشأ عبر الإنترنت، وضرورة توعية الأبناء بمخاطر التواصل مع الغرباء من خلال الألعاب والتطبيقات المختلفة. كما دعت الجهات الأمنية والأسر إلى متابعة سلوكيات الأبناء عن قرب، دون أن يتحول الأمر إلى قمع قد يدفعهم إلى اتخاذ قرارات غير محسوبة العواقب، مثلما حدث مع "ميار".
في النهاية، تبقى الواقعة درسًا جديدًا حول أهمية التوازن بين الرقابة الأبوية والاحتواء النفسي للأبناء، لتجنب مثل هذه الحوادث التي تهدد سلامة الأسر واستقرار المجتمع.
0 تعليق