أعلنت المملكة عن مشارَكتها الأولى في ترينالي ميلانو من خلال جناح ينطلق موضوعه من واحة الأحساء، التي كانت مهداً لحضارات متنوِّعة ومتعاقبة على مرّ العصور. يحمل معرض الجناح السعودي عنوان "مغرس: مزرعة تجريبية"، حيث يُسلِّط الضوء على التحولات العميقة التي يشهدها المشهد الزراعي الريفي في الأحساء، هذه الواحة ذات التاريخ الغني، التي تمر اليوم بمرحلة من التغيرات السريعة والتحديات العالمية العمرانية والبيئية. ويتناول الجناح ارتباط وتقاطع الإرث الثقافي الزراعي، والممارسات المتوارثة، وقصص الذاكرة المجتمعية بهذه التحولات.
يتضمن المعرض مقاطع فيديو وأعمالاً صوتية وأبحاثاً مختلفة
في إطار التحضير للمعرض، اعتمدت "مغرس" - المزرعة والمساحة المجتمعية التي تلتقي فيها الأنشطة والحوارات - نهجاً مبتكراً يعتمد على بحث معمق، وبرامج متنوعة، ومبادرات وتجارب فنية تهدف إلى إشراك مختلف فئات المجتمع بفاعلية في تشكيل المعرفة والمساهمة في التساؤلات والتأملات التي يدور حولها الجناح. ساهمت في هذا المشروع كوكبة من الفنانين والمعماريين والباحثين، بالإضافة إلى أهالي المنطقة ومجتمع المزارعين والحرفيين المحليين. ومن خلال عروض فنية، وحوارات ميدانية، وورش عمل، استكشف البحث الروابط العميقة بين الثقافة والزراعة. أما المعرض ذاته، فيتجسّد في شكل "مغرس"، وهي وحدة قياس محلية تقليدية تشير إلى مساحة الأرض التي تحيط بها أربع نخلات.
سيأخذ الجناح الزوار إلى قلب الأحساء النابض، حيث تلتقي المجتمعات المعاصرة بالحضارات القديمة. يتضمن المعرض مقاطع فيديو وأعمالاً صوتية وأبحاثاً مختلفة، إلى جانب برامج تفاعلية تطرح أسئلة جوهرية حول حفظ الإرث الريفي، والتكيف مع التحولات، وإحياء الذاكرة والخيال لتعزيز الروابط بين الإنسان والبيئة.
تتصدر التحولات الحضرية السريعة والتقدم التكنولوجي التغيرات التي تحدث في المملكة، وغالباً ما يؤدي ذلك إلى دفع الانتباه بعيداً عن التحولات الهادئة التي تحدث في المناطق الريفية. فالأحساء، التي لطالما كانت جزءً لا يتجزأ من الإرث الزراعي للمملكة، تواجه اليوم تحديات و ضغوط بيئية تؤثر على المناطق الريفية والمجتمعات الزراعية عالمياً، مثل التوسع العمراني، والتغيّر المناخي والتصحّر، وقلة المياه والتنوع البيولوجي.
يستعرض الجناح السعودي في ميلانو هذه التحوّلات من خلال خلق حوار بين الفنون والأبحاث والذاكرة المحلية، مع التركيز على الحوار والتأمل الجماعي لرسم مستقبل المجتمعات الريفية.
0 تعليق