في الذكرى 57 لمعركة الكرامة الخالدة: انتصار أردني أعاد للأمة هيبتها

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان - كان يوما أغر في تاريخ الأمة، حين سطر جنود ومغاوير القوات المسلحة الاردنية - الجيش العربي في الـ21 آذار (مارس) 1968 ملحمة بطولية، بعد أقل من 9 أشهر من حرب حزيران (يونيو)، إذ كان الثأر الذي أعاد للجندي الأردني هيبته ومهابته بين الجيوش الأقوى، وأعاد للأمة اعتبارها بين الأمم.اضافة اعلان
أثبت الجندي الأردني في غمار معركة الكرامة الخالدة، قدرته على تحقيق النصر ضد العدو الإسرائيلي الذي أخذته العزة بانتصاراته على الجيوش العربية. حينها أحدثت الكرامة فتحا جديدا، وسطرت تاريخا مشرفا في حياة الأمة العربية، وكانت بمنزلة نقطة تحول نقلت الأمة من الحزن والهزيمة إلى الثقة والقدرة على تحقيق النصر الذي بدا من قبل أنه مستحيل، لكن الأردن والأردنيين قيادة وجيشا، أثبتوا العكس وسنعوا المعجزة.
وبحسب الموسوعة التاريخية للقوات المسلحة، فإن 23 وحدة من وحدات الجيش، قوام كل منها 300 مقاتل، صنعت النصر في الكرامة، وقاتلت في 7 معارك و7 مواضع في الويم نفسه على جبهة امتد طولها أكثر من 100 كلم، من المثلث المصري شمالا وحتى غور فيفا جنوبا، وبلغت مساحة ميدان المعركة 1200 كلم2، أما محاورها فكانت في المثلث المصري: معركة بلدة الكرامة، معركة الشونة الجنوبية، معركة الرامة والكفرين، معركة سويمة، معركة غور فيفا، ومعركة غور الصافي.
استمر القتال مع العدو لـ15 ساعة متواصلة في ظروف صعبة جدا وميدان واسع وبمواجهة جيش مزهو بنصر حزيران، وبفضل التخطيط السليم والاستفادة من أخطاء حزيران، والتنسيق بين الوحدات المقاتلة والإصرار، سجل الجيش العربي على صفحات التاريخ الحديث معركة تستحق تدريسها في المعاهد العسكرية، هي معركة الكرامة الخالدة، قدم فيها الأردن 30 شهيدا من أسلحة: الدروع و20 من المدفعية و29 من المشاة، و4 من اللاسلكي واثنان من التموين.
شاركت في المعركة 23 وحدة من الجيش، رفرفرت راياتها فوق الهضاب وكل بيارة وحديقة وواد ومسيل ماء، وهناك انطلق اسود القادسية وحطين ولواء الأميرة عالية واللواء المدرع / 60 وكتائب الجيش المصطفوي، يتقدمهم أبطال المعركة مشهور حديثة وكاسب صفوق الجازي وبهجت المحيسن وقاسم المعايطة، متسلحين بإصرار قائدهم الأعلى الحسين بن طلال، فقدمت الشهيد تلو الشهيد لتحقيق النصر.
توزع الشهداء على المحافظات كافة، فقدمت إربد 16 شهيدا ومادبا 11، وعجلون 8، والعاصمة 6، وجرش 5، والمفرق 6، والكرك 3، والزرقاء 2، ومعان 4، والبلقاء والطفيلة اثنان، وقدم الأردنيون ممن يخدمون في الجيش من محافظات القدس ونابلس والخليل 21 شهيدا.
في هذه الذكرى الخالدة يقول مدير عام المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدماء اللواء الركن المتقاعد عدنان الرقاد، لـ(بترا): في يوم الكرامة وقف جنود الجيش العربي الأردني، متسلحين بالإيمان والعزيمة ليدافعوا عن الأرض والكرامة، ويردوا العدوان ببطولة سيظل التاريخ يذكرها بكل فخر واعتزاز، وهنا نستذكر بإجلال شهداءنا الأبرار، الذين حملوا أرواحهم على أكفهم، وأثبتوا أن التضحية في سبيل الوطن، أسمى درجات الفداء، فامتزجت دماؤهم بتراب الوطن، فأصبحوا خالدين في ذاكرة الأردن.
اللواء الركن المتقاعد شبيب مضفي أبو وندي، استذكر حين كان برتبة ملازم أول، ضابط ملاحظة أمامي للمدفعية مع قوة الحجاب الأمامية، وهي قوات صغيرة نسبيا، تتمركز أمام المواقع الدفاعية الرئيسة على نهر الأردن عند جسر الأمير عبدالله (سويمة) العائد لكتيبة عبدالله بن رواحة / 37 من لواء حطين.
"في صبيحة يوم المعركة عند الـ5.30، "بدأ الهجوم بأن سمعنا رمايات من أسلحة ثقيلة وخفيفة قرب الجسر، فهرعت قوات الحجاب لأخذ مواقعها للقتال، وعندما أخذ كل منا موقعه، شاهدنا حشود العدو حول الجسر، كانت عدة شاحنات تقف قرب المخاضة الواقعة تحت الجسر محملة بقطع جسور عسكرية ظاهرة بوضوح، وجنود ينزلون للنهر ويقومون بقياسات وأعمال فنية. عندهافتحت أسلحة المشاة والدبابات النار على العدو، فاشتعلت النيران بآلياتهم ودمر بعضها وتفرقوا ثم اختفوا، وبدأت القلابات والشاحنات التي تحمل الحجارة والرمل بالتقهقر والهروب غربا، وإثر ذلك رد العدو علينا بنيران ضعيفة من الدبابات والرشاشات، أما الرماية الكثيفة فكانت من مدافع 105 و 155 هاوز ، لكنها لم تكن مؤثرة، وزاد التدمير والحرائق وتفرقت تجمعاتهم، فحاولوا الانتقام بالطائرات ومدافع الهاوز، وبسيارات عسكرية كبيرة من جنود المشاة، لكن جيشنا فاجأهم برماية المدفعية الكثيفة فارتبكوا وبدأوا بالهروب مبعثرين ركضا على الأقدام في كل الاتجاهات، ولاحقتهم نيران مدفعيتنا فهزموا شر هزيمة.
اللواء المتقاعد د. هشام احمد خريسات قال، "الكرامة نقطة تحول وانعطافة مهمة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وستبقى خالدة في سجل المجد والفخار والخلود، سجل ابطالها من جيشنا ملحمة عز بدمائهم الزكية وواجهوا صلف العدو وغروره، ليحفروا أنصع البطولات على ثرى وطننا الغالي".
وأشار خريسات إلى أن إسرائيل هدفت من هجومها وعبورها الجائر للأرض الأردنية الى زعزعة الثقة وتحطيم قدراتنا العسكرية، معتقدة بأن حرب حزيران ونتائجها كافية بأن تبث الرعب في النفوس، لذا خططت لاحتلال مرتفعات البلقاء لأهميتها الاستراتيجية للوصول الى مركز الثقل في العاصمة، ولزيادة العمق الإستراتيجي الإسرائيلي ومحاولة وفرض اراداتها بالقوة، لكن قواتنا كانت في أعلى درجات اليقظة والتصميم على القتال من أجل إزالة آثار عدوان حزيران.
وأوضح أن معنويات الجيش العربي كانت مرتفعة وتترقب يوم الثأر من عدوهم، وانتظروا ساعة الصفر بفارغ الصبر للرد على الظلم والصلف والغرور، ففشل العدو فشلا ذريعا في عدوانه، ولم يحقق أي من أهدافه على جميع المقتربات والمحاور أمام ثبات وبطولة وصمود جنودنا، وعاد يجر أذيال الخيبة والفشل بعد أن ذاق الذل والهوان من جنود الجيش العربي المصطفوي بروحهم القتالية العالية والتصميم على خوض بطولة الشرف والإقدام والتضحية.
وقال: ما تزال كلمات الحسين الباني رحمه الله في وصف المعركة وما آلت اليه محفورة في تاريخ الوطن بقوله (في فجر ذلك اليوم من آذار مشى الصلف والغرور في ألوية من الحديد ومواكب من النار، كانت الأسود تربط في الجنبات على أكتاف السفوح، وفوق القمم، في يدها القليل من السلاح والكثير من العزم، في قلوبها العميق من الإيمان، وتفجر زئير الأسود في وجه المد الأسود، الله أكبر). هذه الكلمات التاريخية وصفت الواقع والأجواء والنتائج التي آلت اليها المعركة.-(بترا)
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق