رمضان واليوم العالمي للسعادة.. ما أهمية التوازن النفسي في حياتنا؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان- في شهر رمضان المبارك، تمتزج الأجواء الروحانية بالسعادة وتتجلى فرحة الإفطار ولمّة العائلة، حيث يعم الشعور بالطمأنينة والتكافل وسط مساحات الخير والأجر المضاعف.اضافة اعلان
 وتأتي أيام العيد لتتوج هذه المشاعر، ناشرة البهجة في المجتمع، ومساهمة في تحسين الواقع وتعزيز الألفة.
اليوم، الخميس، يصادف اليوم العالمي للسعادة، وهو ما يتزامن هذا العام مع أجواء شهر رمضان المبارك، وبداية العشر الأواخر التي تزدحم فيها المساجد والبيوت بالعبادة والدعاء، وتمتلئ بالتجمعات العائلية الدافئة. وفي هذا السياق، يشدد مختصون على أهمية البحث عن مصادر السعادة، باعتبارها ركيزة أساسية لازدهار المجتمعات، خاصة في ظل عالم يشهد صراعات تؤثر على مؤشر السعادة في بعض الدول.
السعادة كهدف إنساني
وبحسب بيان الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن اليوم العالمي للسعادة يأتي للتأكيد على أهمية السعادة كهدف إنساني أساسي، والدعوة إلى "اتباع نهج أكثر شمولية وإنصافا وتوازنا في النمو الاقتصادي، بما يحقق التنمية المستدامة، ويقضي على الفقر، ويعزز السعادة والرفاه لجميع الشعوب".
كما تشدد الجمعية العامة على ضرورة أن تعمل الدول والمنظمات الدولية على الاستثمار في الظروف التي تدعم السعادة، من خلال تعزيز حقوق الإنسان، التي ترتبط ارتباطا وثيقا بمتوسط الرضا عن الحياة. وتدعو الجميع، من مختلف الفئات العمرية، بما في ذلك المدارس والشركات والمؤسسات الحكومية، إلى المشاركة في الاحتفال بهذا اليوم.
وفي هذا السياق، يرى أيمن مسعود أن لشهر رمضان "هالة وطاقة تبعث على السعادة في كل تفاصيله وذكرياته المتوارثة عبر الأجيال". ويضيف أن الحديث عن السعادة والحاجة إليها يقودنا إلى قيم حياتنا اليومية المبنية على الأخلاق والالتزام بها، إضافة إلى التعاون والتكافل والمحبة وصلة الرحم، التي تسهم في تعزيز الشعور بالسعادة، وهو ما نستشعره بوضوح في شهر رمضان.
مسؤولية الإنسان بحماية
النفس وتحصينها
في كل عام، تحتفل العديد من الدول باليوم العالمي للسعادة بطرق متنوعة، أملا في تسليط الضوء على أهمية أن يسعى الإنسان لايجاد حالة من السعادة من خلال أبسط تفاصيل الحياة اليومية. كما تقول مها عمران، في تعليقها على الاحتفاء بهذا اليوم، إن الأقدار مقضية وكل ما يحدث لنا في الحياة هو خير لنا، ونحن نسلم أمورنا كلها لله. وبالتالي، فإن البحث عن السعادة هو جزء من مسؤوليتنا لحماية أنفسنا من الكآبة وتوقع الأسوأ في المستقبل.
وتضيف مها، إننا كأولياء أمور، يقع على عاتقنا رسم معالم السعادة في تربية أبنائنا، ومساعدتهم على أن يكونوا متفائلين، وأن يؤمنوا بأن السعادة موجودة في كل ما يحدث لهم.
 وفي رمضان، من المهم تعزيز هذا الشعور لديهم، لأن رمضان هو شهر الفرح والسعادة، والأجر والثواب والتكافل، وصلة الرحم مع الأقارب والجيران، وكل هذه الأمور تعد من "مواطن السعادة".
وفقا لدراسات عالمية، يختلف معيار السعادة من شخص لآخر، ومن دولة لأخرى، وحتى داخل المجتمعات نفسها. ويؤكد المختصون أنه لا يوجد تعريف مطلق للسعادة، وغالبا ما لا تعتمد على مؤشرات معينة مثل العمر، الجنس، مستوى الدخل، الأمان، وغيرها من التصنيفات. بل تعتمد هذه الدراسات على تقييم الأشخاص لظروف حياتهم اليومية ومدى شعورهم بالرضا والسعادة عن حياتهم.
 التغيير نحو الأفضل
الاختصاصي الاجتماعي الأسري، مفيد سرحان، يوضح أن الجميع منا يبحث عن السعادة ويحرص عليها، وهي مطلب للجميع. وفي ظل الأجواء الرمضانية التي ترتبط أيضا بالسعادة، يمكن القول إن السعادة مرتبطة بالشعور برضا الله عنا في عباداتنا، وإصلاح نفوسنا.
في هذه الأيام المباركة، نعيش في بيئة تربوية إسلامية مليئة بالقيم النبيلة والدروس التي تفيد الفرد والمجتمع. الصيام يجمع بين التعليم والتربية، وهو يلبي احتياجات الإنسان الفطرية والنفسية والروحية، ويعزز التغيير نحو الأفضل من خلال تهذيب النفوس، نقائها، وارتقائها. كما أنه يعكس توازنا لا إفراط فيه ولا تفريط، ولا غلو أو تطرف.
هذا التوازن، وفقا لسرحان، يعزز السعادة والراحة النفسية لأنه يتماشى مع فطرة الإنسان. ويعد الصيام أحد مصادر السعادة الروحية، ويحقق الطمأنينة وصفاء النفس. وإذا كانت الحاجات المادية ذات أهمية وقيمة نظرا لطبيعة تكوين الإنسان، فإن الحاجات النفسية والروحية لا تقل أهمية في تعزيز رفعة النفس فوق الماديات. كما أن الارتقاء الروحي يعزز خصائص شخصية الإنسان وصفاته السلوكية.
 ديننا الحنيف يهتم بتهذيب الروح كما يهتم بصحة الجسد وحمايته من الأمراض والأوبئة.
الصيام، وفقا لسرحان، يقود الإنسان إلى تقوى الله، مما يحقق له السعادة في الدنيا والآخرة. فالصيام ليس فقط وسيلة لتهذيب الروح، بل يساهم في اكتساب القيم والأخلاق الفاضلة التي تقرب المسلم من الناس. وهذا بدوره يمنحه شعورا بالسعادة، مصحوبا بالقبول والمحبة في أعين الآخرين.
 الصوم هو مدرسة تربوية
الصيام يحرر الإنسان من قيود المادة، ويرتقي به إلى آفاق روحية واسعة، حيث يجد الأمن والرضا والاطمئنان والسعادة. وهنا يؤكد سرحان أن الصوم هو مدرسة تربوية عظيمة تعلم الصائم تحمل المشقات والابتعاد عن الشهوات، كما أن الإرادة تعطيه شعورا بالسعادة، لأنه كفارة للخطايا والذنوب، وهو ما يعزز السعادة، إذ إن الذنوب تسبب القلق للإنسان.
ويستشهد سرحان بحديث النبي عليه السلام عن السعادة والفرح، حيث يقول: "للصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه". فهذا الحديث يملأ القلب بالطمأنينة، ويهذب النفس، ويقرب العبد من خالقه، مما يحقق له السعادة في الدنيا والآخرة. وهذا يجعل الإنسان حريصا على اغتنام هذا الشهر ليكون سببا في الراحة والطمأنينة والسعادة، التي يعد المؤمن أن أعظم أنواع السعادة هي السعادة الروحية.
ويعتقد سرحان أن السعادة في رمضان متجددة وعظيمة، إضافة إلى أن الأطباء قد أثبتوا أن صيام رمضان يضبط المزاج، ويخلص الصائم من العديد من المشاكل النفسية، كما يطهر الجسم من السموم، ليصبح بعده أكثر هدوءا وسعادة، ويشعر باستقرار نفسي. كما أن عمل الخير ومساعدة الآخرين والصدقة تساهم في تحقيق السعادة للإنسان، لأنه يسعد بسعادة غيره. ويعد رمضان فرصة للقاء الأسرة أكثر من أي وقت آخر، مما يعزز السعادة، فالغني يفرح برمضان كما يفرح الفقير، بتبادل العطاء والتكافل.
ومن مؤشرات السعادة في رمضان، كما يبين سرحان، أن الأطفال يفرحون بقدومه ويشعرون بهذا الفرح من خلال استعدادات الأهل لاستقباله، ويفرحون بزينته، مما يضفي عليهم بهجة حتى وإن كانوا لا يدركون حقيقة الصيام. وهم أيضا يرافقون عائلاتهم للصلاة، ويشاركون في تفاصيل رمضان الأخرى مثل "المسحراتي".
ويختتم سرحان بالقول إن المتأمل في هذه المشاهد يدرك حقيقة ديننا وكيف يصنع السعادة والفرح في النفوس من خلال قيمه وعباداته، وأن الالتزام بمنظومة الأخلاق لا بد أن يرفع من مستوى السعادة في الإنسان.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق