عهدية أحمد السيد
يُعدّ الشباب أمل الأمم في بناء عالم يسوده السلام والتفاهم. وقد جاء إقرار الأمم المتحدة لليوم الدولي للتعايش السلمي، بمبادرة من مملكة البحرين، تأكيداً لأهمية هذا المبدأ في تحقيق الاستقرار والتنمية. وأكد معالي الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، وزير المواصلات والاتصالات ورئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، أن هذه المبادرة تجسّد رؤية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، بدعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، لنشر قيم التسامح وتعزيز التضامن العالمي.
إقرار هذا اليوم الدولي يعكس الرؤية المستنيرة لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، التي تسعى إلى نشر قيم التعايش السلمي بين الشعوب. هذا ما أكده معالي الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة خلال الغبقة الرمضانية السنوية التي نظّمها مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، بحضور عدد من أصحاب السعادة السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية وممثلي وكالات الأمم المتحدة وشخصيات دينية ومجتمعية وإعلامية، حيث كان الحدث بمثابة احتفاء بإقرار الأمم المتحدة لمبادرة البحرين في تعزيز التسامح العالمي.الاحتفال بهذا اليوم يرسّخ قيم الانفتاح والاحترام المتبادل، ويعكس التزام البحرين بالتعددية الثقافية والدينية. فقد شكلت المملكة عبر تاريخها نموذجاً يُحتذى به في التعايش السلمي، حيث تعايشت الثقافات والديانات بانسجام، ما يعزّز من بيئتها الحاضنة للتنوع. تجربتي الشخصية خلال دراستي في مدرسة القلب المقدس الكاثوليكية، التي ضمّت طلاباً من خلفيات دينية وثقافية مختلفة، تجسّد هذه الروح البحرينية الأصيلة، حيث لم يكن هناك تمييز على أساس الدين أو العرق، بل كان الاحترام المتبادل والتفاهم هو الأساس.
لضمان استدامة هذه القيم، تلعب المؤسسات التعليمية والمجتمعية دوراً محورياً في غرس مبادئ التسامح والحوار البنّاء، إذ يُعدّ التعليم الأداة الأهم في مواجهة الفكر المتطرّف، خاصة في ظل استغلال التكنولوجيا لنشر الكراهية. لذا، يجب أن تركز المناهج الدراسية على التفكير النقدي وتعزيز مهارات التواصل، لإعداد أجيال قادرة على تقبّل الآخر والتفاعل الإيجابي مع مختلف الثقافات.
من وجهة نظري، الشباب هم القوة الحقيقية القادرة على نشر ثقافة التعايش، فهم الأكثر انفتاحاً على العالم وتأثراً بما يجري من حولهم. حينما تحدّث معالي الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة عن دورهم كسفراء للسلام، شعرت أن هذه الفكرة ليست مجرد رؤية رسمية، بل حقيقة يمكن تحقيقها. عندما يحصل الشباب على الأدوات والمعرفة اللازمة، يمكنهم التأثير بعمق في مجتمعاتهم ونقل رسالة التسامح بطرق إبداعية وفعّالة. أرى أن البرامج التي أطلقها مركز الملك حمد، تمنح الشباب منصة للتعلم والتفاعل، مما يجعل التعايش السلمي أكثر من مجرّد مفهوم نظري، بل أسلوب حياة حقيقياً.
إن تحويل التعايش السلمي من مجرد فكرة إلى مشروع عملي يقوده الشباب هو الإنجاز الحقيقي، وهو ما يجعل البحرين نموذجاً يُحتذى به عالمياً. فعندما يكون الشباب في طليعة هذا التغيير، يصبح التعايش نهج حياة يحقق الاستقرار والازدهار القائم على الحوار والاحترام المتبادل. ومثل هذه الفعاليات والمبادرات لا تقتصر على الاحتفال، بل تفتح المجال أمام تطوير سياسات أكثر شمولية تعزّز التفاهم بين الأديان والثقافات، ليكون التعايش السلمي ركيزة أساسية لمستقبل أكثر إشراقاً.
0 تعليق