سماح علام
في خضم التطورات العالمية المتسارعة، أثبتت مملكة البحرين أنها ليست السباقة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل جعلت من السعادة هدفاً استراتيجياً يُجسد رؤية حضرة صاحب الـجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه وبدعم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله. هذا التوجه الطموح يعكس إدراك القيادة بأن السعادة ليست مجرد مفهوم عاطفي، بل ركيزة أساسية للتنمية المستدامة والارتقاء بجودة الحياة.
المبادرات الوطنية لتحقيق السعادة كثيرة وتنطلق من رؤية البحرين الاقتصادية 2030 ومن بعدها 2050، حيث تم تبني حزمة من المشاريع والمبادرات التي تهدف إلى تعزيز الرفاه الاجتماعي والنفسي للمواطنين والمقيمين. تتضمن تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وتعزيز التوازن بين الحياة المهنية والشخصية من خلال سياسات عمل مرنة، وإطلاق مبادرات للرفاه النفسي مثل البرامج المجتمعية التي تدعم الصحة النفسية، فهذا التوجه يعكس الحرص على بناء بيئة تشجع على الرفاه أولا ثم الابتكار والإبداع، حيث يجد الأفراد المساحة اللازمة لتحقيق إمكانياتهم.
تشير الدراسات العلمية إلى أن السعادة تعتمد على مجموعة من الركائز الأساسية، منها العلاقات الاجتماعية الإيجابية، ومستويات الثقة بين الأفراد، والإحساس بالهدف والمعنى في الحياة. دراسة أجراها مركز أبحاث «هارفارد للسعادة» أثبتت أن الأفراد الأكثر سعادة يميلون إلى التمتع بصحة أفضل، وعيش حياة أطول، وتقديم أداء أعلى في العمل، كما أظهرت دراسة أخرى أن السعادة تحفز الإبداع، حيث يكون الأفراد أكثر قدرة على التفكير خارج الصندوق عندما يكونون في حالة مزاجية إيجابية، فتعزيز السعادة في المجتمع ينعكس بشكل ملموس على مختلف جوانب الحياة كما ويقلل من مستويات الإجهاد والاحتراق الوظيفي.
ويتزامن الحديث عن السعادة في مملكة البحرين مع مناسبة اليوم العالمي للسعادة، الذي أقرته الأمم المتحدة في 20 مارس من كل عام، ليكون دعوة عالمية للتأمل في أهمية السعادة كحق إنساني وأساس للحياة الكريمة. هذا اليوم يحمل دلالات عميقة، خاصة في ظل وجود شعوب ومجتمعات تعاني من غياب أبسط مقومات الحياة، حيث تصبح السعادة حلمًا بعيد المنال.في الوقت الذي تحتفل فيه دول العالم بهذا اليوم من خلال مبادرات تعزز الرفاهية وتنشر الفرح، نجد أن هناك أوطاناً وشعوباً مثل غزة الصامدة تعيش واقعاً مختلفاً تماماً. تحت القصف وفي شهر رمضان المبارك، حيث يواجه أهل غزة تحديات يومية للبقاء على قيد الحياة، مما يجعل الحديث عن السعادة في هذا السياق يحمل بُعداً إنسانياً مغايراً وأكثر إيلاماً.
رغم هذه الظروف القاسية، يظل أهل غزة مثالاً للصمود والإصرار على الحياة، حيث يظهرون قدرة مذهلة على التمسك بالأمل والإبداع حتى في أحلك الظروف. هذا التناقض بين الاحتفاء بالسعادة عالمياً ومعاناة الشعوب يسلط الضوء على أهمية تعزيز العدالة الاجتماعية العالمية، والعمل على تحقيق السلام كشرط أساسي للسعادة الحقيقية.
0 تعليق