أوصى بإطلاق أكاديمية لبناء القدرات المؤسسية وقيادات القطاع
أوصى مؤتمر عُمان الوقفي بمراجعة التشريعات الوقفية بما يواكب متغيرات العصر والارتقاء بالقطاع وذلك في الجلسة الختامية التي أسدلت الستار اليوم نسخته الأولى بشعار «الابتكار والاستدامة» ونظمته مؤسسة بوشر الوقفية ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، على مدى يومين.
كما دعا في الإطار الاستراتيجي إلى الاستفادة من الموروث الفقهي المعزز للقطاع الوقفي وتوظيفه بما يتفق مع حاجات العصر وتطوير أصول الوقف وتشغيله واستدامته، وتعزيز دور الوقف في تنمية المجتمع وإرثه الحضاري خاصة للأجيال القادمة من خلال مؤسسات التوجيه كالتعليم والإعلام وغيرها.
وأوصى المؤتمر باستخدام التقنيات الرقمية الحديثة، مثل تطبيق سلاسل الكتل ومنصات التمويل الجماعي (وقف تشين)، وتنويع وعاء الأصول الوقفية وعدم الاكتفاء بالأوقاف العقارية لتشمل المنقولات والمنافع والوقف النقدي والأصول الرقمية،داعيا إلى تعزيز الشراكات الوقفية وتوسيع نطاق الاستثمار الوقفي بين مؤسسات القطاع الوقفي والصناديق الاستثمارية الوقفية والصكوك الوقفية والتمويل باستخدام عقد التشييد والتشغيل ونقل الملكية.
كما أوصى في الإطار التشغيلي إلى إقامة مختبر للقطاع الوقفي من قبل وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040، وهو يضم المؤسسات الحكومية ذات العلاقة والمؤسسات الوقفية والمؤسسات المالية الإسلامية، وإقامة ورش عمل مع فريق الاستدامة التابع لوزارة المالية لمعالجة التحديات المالية والاستثمارية للقطاع الوقفي، ومراجعة الإجراءات الحكومية في تسجيل وتوثيق حقوق الملكية للأصول العقارية بما يمنحها مرونة تشغيلية واستثمارية أكبر، وتبني صناعة جامعي التبرعات ومستقطبي الأوقاف، وإطلاق أكاديمية لبناء القدرات المؤسسية وقيادات القطاع الوقفي، وتعميم مبادرة "سفراء الوقف" التي أطلقتها مؤسسة بوشر الوقفية لتوعية القطاع الشبابي في المدارس والجامعات، وإنشاء وحدة جديدة للقطاع الوقفي مهمتها تحقيق الاستدامة التشغيلية للمؤسسات الوقفية من خلال تقديم وقوفات له وتثمير أصوله، وخصوصًا المؤسسات المصرفية.
وقد اشتمل المؤتمر في يومه الختامي على مجموعة من الأوراق الرئيسة بالإضافة إلى الجلسات الحوارية فقد ألقى ﻓﻀﻴﻠﺔ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻛﻬﻼن ﺑﻦ ﻧﺒﻬﺎن اﻟﺨﺮوﺻﻲ ورقة حملت عنوان "اﻟﻮﻗﻒ وﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﺨﻴﺮﻳﺔ اﻷﺧﺮى" أوضح فيها أن الأوقاف في سلطنة عمان تتميز بخصوصية فريدة تنبع من فقهها وتقاليدها المتأصلة، من أبرزها أنهم يضعون لكل نوع من أنواع الأوقاف حريمًا يحميه من التعديات أو الأذى، سواء كانت تلك الأوقاف أحداثًا تاريخية أو مصادر مياه أو غيرها، فلا يُسمح بأي نوع من العمران أو الأنشطة القريبة منها إذا كانت تسبب الضرر، كمحلات الحدادة المجاورة للأوقاف القابلة للاشتعال.
ومن السمات الأخرى التي تميز فقه الأوقاف في سلطنة عمان خلوه من التعقيدات التي توجد في بعض الدول الإسلامية، فلا نظام "الحكر" موجود مما يولد العديد من الإشكاليات الفكرية والعملية، ولا توجد مدد إيجارات طويلة الأمد التي تشبه الملكية كما هو الحال في بعض البلدان وهذه البساطة في التعامل مع الأوقاف ساهمت في استقرارها وتجنيبها كثيرًا من المشكلات. كما أن من مزايا الأوقاف في عمان أنها ظلت محافظة على أصولها بفضل حماية الدولة لها من المصادرة أو التأميم، إلا في حالات نادرة تمت معالجتها بالقضاء العادل،هذا الأمر أسهم في بقاء الأصول الوقفية على مر القرون دون أن تمتد إليها يد الفساد أو الطمع.
كما تحظى الأوقاف العمانية تحظى بتسهيلات جمة مثل الإعفاء الضريبي، ورسوم التسجيل العقاري المخفضة، بالإضافة إلى مراعاة إجراءات التوثيق بما يضمن حقوق الوقف عبر الصكوك الشرعية والشهادات العادلة، إضافة إلى أن البيئة المستقرة سياسياً وأمنياً واجتماعياً كانت ولا تزال عاملاً أساسياً في ازدهار منظومة الأوقاف.
وألقى ﺳﻌﺎدة اﻟﺴﻴﺪ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﻨﺬر ﺑﻦ ﻫﻼل اﻟﺒﻮﺳﻌﻴﺪي اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ التي حملت عنوان "رﺑﻂ اﻻﺑﺘﻜﺎر واﻻﺳﺘﺪاﻣﺔ اﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﻣﻊ ﻣﺴﺘﻬﺪﻓﺎت "رؤﻳﺔ ﻋﻤﺎن2040" تناول فيها العلاقة بين الابتكار والاستدامة في القطاع الوقفي و"رؤية عمان 2040" مؤكداً أهمية القطاع الوقفي في تحقيق الأهداف الوطنية، خاصة في مجالات التعليم والصحة، مشيرا إلى أهمية أن يتبنى الوقف حلولًا مبتكرة تواكب التغيرات المستمرة في هذه القطاعات، وتحقيق الاستدامة المالية عبر مصادر متعددة.
وركز البوسعيدي على ثلاث مسارات أساسية لتنفيذ "رؤية عمان 2040": المتابعة، والدعم، والخدمات، وأوضح دور الوحدة المعنية بالمتابعة في مراقبة الحراك الوطني والتأكد من تنفيذ الأولويات الوطنية من خلال مؤشرات الأداء ورفع التحديات عبر مختبرات متخصصة.
أما عن القطاع الوقفي، فقد أكد على تشابه أهدافه مع الأهداف الوطنية، مثل تعزيز الاستدامة والتمويل المستدام، كما أشار إلى أهمية التوسع في الاستفادة من الأوقاف في تطوير مؤسسات تعليمية وصحية مستدامة. وأوضح أن الأوقاف يمكن أن تساهم في معالجة تحديات الأولويات الوطنية من خلال تمويل مشاريع مهمة.
وقدم ﻋﻼء ﻧﻌﻴﻢ ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﻮﻳﻀﺔ ورقة عمل بعنوان "ﺻﻨﺪوق ﺗﺜﻤﻴﺮ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎت اﻷوﻗﺎف (اﻟﺒﻨﻚ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ)" مبينا فيها أن البنك الإسلامي للتنمية أنشأ صندوقًا فريدًا في مجاله، يهدف إلى تطوير الأوقاف في الدول الإسلامية والعالمية، بدأ في عام 2001 كمبادرة من الدكتور أحمد محمد علي، وكان الهدف منه إنشاء صندوق استثماري ذي أثر اجتماعي وتنموي باستخدام التمويل الإسلامي، مثل الإجارة والاستصناع والمرابحة، ويقوم الصندوق بتمويل تطوير الأراضي والعقارات الوقفية المهملة، ويشرف عليه البنك الإسلامي للتنمية، الذي يعمل كمضارب.
وقدم منعم بن ليلهم ورقة حملت عنوان "اﻻﺳﺘﺪاﻣﺔ واﻟﻌﺎﺋﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر" تحدث فيها عن أهمية استدامة الوقف في العالم الإسلامي وضرورة تغيير المنظور التقليدي عن العطاء الخيري إلى مفهوم استثمار المجتمع وقياس العائد الاجتماعي. أكد على أن الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، التي تم تحديدها في 2015، لم تحقق نجاحاً كبيراً بسبب تقليدية التفكير في العطاء الخيري بدلاً من التركيز على الاستثمار في العنصر البشري. كما أشار إلى ضرورة تحويل الأفكار من العطاء الفردي إلى استثمار طويل الأمد يُحسن حياة الناس بشكل مستدام.
بعدها بدأت الجلسة الأولى التي أدارها اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻴﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﷲ اﻟﺠﺎﺑﺮي وحملت عنوان "اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ واﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻻﺑﺘﻜﺎر واﻻﺳﺘﺪاﻣﺔ اﻟﻮﻗﻔﻴﺔ" وشارك فيها اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪاﻟﻤﺤﺴﻦ ﻋﺒﺪﷲ اﻟﺨﺮاﻓﻲ من دوﻟﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ وتناولت أبرز ملامح التجربة الكويتية، بدءًا من دعم الدولة الكامل للأمانة العامة للأوقاف، مما ساعد على تخصيص كامل ريع الوقف لمصارفه الشرعية. كما أشار إلى دور الكويت كمنسق للأوقاف في العالم الإسلامي منذ 1997، حيث أطلقت مشاريع متنوعة كدعم الأبحاث الوقفية، المجلات المحكمة، وجوائز الإبداع في الوقف.
بعدها تحدث ﺳﻴﻒ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺒﻮﺳﻌﻴﺪي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية تم تأسيسها بناءً على رؤية سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان، الذي آمن بأهمية العمل الجماعي والتعاون في تقديم العطاء وتأسست بهدف خدمة العلوم الإسلامية والدعوة، بالإضافة إلى رعاية الطلبة والمجتمع بشكل عام وإيجاد أصول وقفية، ثم تثميرها لتوفير العطاء المستدام.
وأنجزت المؤسسة عدة برامج تدريبية تهدف إلى تعزيز الوعي الوقفي وتعليم المهارات الشرعية. كما قامت برعاية عدد من البرامج مثل "عوالم" الصيفي الذي استهدف 800 مشارك، وملتقيات ونشرات توعوية في مجالات مختلفة.
واستعرض الدكتور حسين بن يونس فكرة مشروعه في نيوزيلندا عام 2010 الذي هدف من خلاله إلى تحويل الهدر في الموارد الخيرية إلى مصادر تمويل وقفي، مرتكزا على الاستفادة من الهدر في أضاحي المسلمين في عيد الأضحى، حيث يتم تحويل المخلفات مثل الصوف والجلد إلى موارد قابلة للاستخدام، وهو ما يمكن أن يساعد في تقليص الهدر الذي يصل إلى مليارات الدولارات سنويًا.
بعدها بدأت الجلسة الثانية التي حملت عنوان "رؤﻳﺔ ﻣﺒﺘﻜﺮة وﻣﺴﺘﺪاﻣﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻮﻗﻒ واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺨﻴﺮي" وأدارها اﻟﺸﻴﺦ ﻓﻬﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ شارك فيها اﻟﺪﻛﺘﻮر أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻌﺒﻲ بورقة تناولت العلاقة بين الوقف والعمل الخيري مع التركيز على فلسفة الأوقاف في سلطنة عمان، موضحا أن الوقف يتميز بطبيعته الاستثمارية الآجلة، حيث قد لا يظهر أثره المباشر في الفترة القصيرة، على عكس الزكاة التي تهدف إلى إغاثة عاجلة. وأشار إلى أن الأوقاف في عُمان تتسم بالتوازن بين الربحية المادية والفائدة المعنوية، مما يحقق نظرة شمولية للأثر الاجتماعي والاقتصادي.
أكد الكعبي أن الدولة في سلطنة عمان تشرف على الأوقاف من خلال دورها التنظيمي والرقابي، بينما يتولى المجتمع إدارة الأوقاف عبر مؤسسات وقفية عامة وخاصة، وتطرق إلى التشريعات المتقدمة التي تحكم قطاع الأوقاف في سلطنة عمان، مثل قانون الجزاء العماني وقانون حماية المال العام وقانون المعاملات المدنية، بالإضافة إلى اللوائح التنظيمية التي تنظم عملية إدارة واستثمار الأوقاف، وأشاد بتأسيس المؤسسة العمانية الوقفية، التي تُعنى بإدارة الأوقاف غير المخصصة لضمان الاستدامة وتعظيم الفائدة منها.
كما شارك في الجلسة الثانية ﺣﻤﻮد ﺑﻦ ﻣﺮداد اﻟﺸﺒﻴﺒﻲ وتحدث عن أهمية الشراكة بين مؤسسات العمل الخيري والمؤسسات الوقفية، مشيرًا إلى ضرورة تنسيق الجهود بين مختلف الدوائر في الوزارة. أشار إلى أن الوزارة تضم جمعيات خيرية، مؤسسات خيرية، وفرق تطوعية، وأن هذه المؤسسات تعمل في مجالات مختلفة مثل الإعاقة، والسرطان، والبيئة.
كما شارك في هذه الجلسة اﻟﻤﻬﻨﺪس ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺒﻮﺳﻌﻴﺪي تحدث فيها عن مؤسسة بوشر الوقفية التي تم تأسيسها رسميًا في نوفمبر 2023، وتسعى إلى العمل في مجال الأوقاف والخير. منذ بداية تأسيسها، عملت المؤسسة على وضع رؤية استراتيجية مدتها خمس سنوات، تشمل ثلاثة مجالات استراتيجية وأهداف محددة، مع وجود مؤشرات أداء لكل مرحلة من مراحل العمل.
وشارك الدكتور محمد صويلح بورقة تحدث فيها عن العلاقة بين العمل الخيري والعمل الوقفي، مشيرًا إلى أن كل عمل وقفي هو من الضروري عمل خيري، ولكن العكس ليس صحيحًا، مؤكدا على ضرورة ضبط العلاقة بين القطاعين من خلال معايير مؤسسية واضحة، والاشتباك الإيجابي بينهما، حيث يمكن لكل منهما أن يعمل في المساحات المشتركة مع الحفاظ على هويته. كما دعا إلى بناء هياكل تنظيمية تدمج بين العاملين في القطاعين.
0 تعليق