أميرة صليبيخ
يقال إن توماس إديسون أجرى أكثر من عشرة آلاف تجربة قبل أن يخترع المصباح الكهربائي، وبفضل إصراره، تمكن من إنارة العالم الذي كان غارقاً في الظلام. أما ألكسندر غراهام بيل، مخترع الهاتف فقد قضى سنوات طويلة في محاولات لإثبات صحة نظريته في إمكانية انتقال الصوت عن بعد إلى جهاز آخر، ولم يتوقف حتى سمعه مساعده وهو يتكلم معه عبر جهاز الهاتف معلناً اكتشاف أحد أهم اختراعات القرن.
أما مكتشف الجراثيم لويس باستير فلم يكن أفضل حالاً منهم، حيث كانت الأوساط الطبية تهاجمه وترفض فكرته في أن الجراثيم تنقل الأمراض، وقد عمل لسنوات طويلة على تطوير عدد من التطعيمات، منها التطعيم ضد داء الكلب والتطعيم ضد مرض الجدري، وبذلك أحدث اكتشافه للجراثيم ثورة كبرى في عالم الطب حيث عرف الناس السر وراء الأمراض والأوبئة التي تتسبب في قتل الملايين سنوياً.
أحاول أن أتخيل شكل الشغف الذي كان يسكن هؤلاء المخترعين وغيرهم من العظماء، وكيف كانوا ملتزمين يومياً على مدى سنوات في عملية التجربة والخطأ بدون توقف أو كلل، كانت لهم إرادة قوية لا تُقهر، وأتخيل العكس أيضاً، لو كانت إرادتهم هشة سريعة الكسر، أو لو شعروا باليأس وتوقفوا عن المحاولة في منتصف الطريق، لما كانت البشرية اليوم على هذه الدرجة من التطور في كافة المجالات.
سر النجاح والتميز يكمن في الاستمرارية فيما تقوم به رغم العثرات، قد يفقد الإنسان الشغف في مرحلة ما، ولكن المهم هو أن تكون المحاولة المستمرة هي روتين حياتك، وهذا ما يقوله الأدباء العظماء أيضاً، ففي بعض الأوقات لا يجدون الرغبة ولا الفكرة المناسبة للكتابة ومع ذلك يستمرون في عملهم لأنهم يدركون أن الاستمرارية هي وقود النجاح.
يقول توماس أديسون عن استمرارية المحاولات والسعي الدؤوب «أنا لم أفشل، بل اكتشفت عشرة آلاف طريقة لا يمكن للمصباح أن يعمل بها». وأيضاً قال» الفشل مجرد فرصة للبدء من جديد، لكن هذه المرة بطريقة أكثر ذكاء». فقد كانت له فلسفته الخاصة عن الفشل. أما غراهام بيل فقد كان يقول «يجب أن يكون تحقيق هدف ما هو نقطة البداية لهدف آخر». فهو لم يكن يؤمن بالاكتفاء بالنجاح، بل يطمح لما هو أبعد من ذلك.
وكان لويس باستير يقول: «دعني أخبرك سراً أوصلني لهدفي، إن قوتي تكمن في إصراري وحسب». فبهذه العقلية التي يتمتع بها استطاع أن يحقق العديد من التغييرات الجذرية في العلاجات واللقاحات.
النفس البشرية بطبيعتها متقلبة وسرعان ما تصاب بالملل والإحباط بعد الفشل، ولكن الناجحين فقط هم من يستطيعون ترويض نفسهم وإجبارها على الاستمرار في طريق المجد.
0 تعليق