حسن الستري
ضرورة دعم التحول المجتمعي نحو التدوير
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا في دورتها الـ77 لإعلان يوم 30 مارس «اليوم الدولي للقضاء على الهدر» لتسليط الضوء على أهمية تعزيز إدارة وتدوير النفايات، وتبني ممارسات الإنتاج والاستهلاك المستدامة للحد من الهدر للموارد الطبيعية.ويُراد من اليوم الدولي للقضاء على الهدر إلى تعزيز أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة، ودعم التحول المجتمعي نحو التدوير، وإذكاء الوعي بشأن مساهمة المبادرات المعنية بالقضاء على الهدر في النهوض بخطة التنمية المستدامة لعام 2030.
- غازي: تدوير النفايات مسألة حضارية تتجه إليها جميع الدول المتقدمة
- خنجي: أساليب الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة تهدد بدمار الأرض
توعية الجاليات
وقال المحامي فريد غازي إن تدوير النفايات مسألة حضارية تتجه إليها جميع الدول المتقدمة، فاليابان مثلاً تعيد تدوير الملابس، والشركات الكبرى تعيد التدوير، ومعظم القوانين الدولية موجودة في البحرين بهدف إعادة التدوير وحماية البيئة وأنماط الاستهلاك وأضاف: «شعب البحرين شعب مثقف، نرى مواد إعلامية كثيرة عن استهلاك المياه والوقود، بالنسبة للمأكولات وأنواعها هناك ثقافة بحرينية كبيرة في هذا المجال، ولكن لا ينبغي أن نغفل وجود جوانب سلبية، فالبحرين بها جاليات من كل دول العالم، وبعضهم لا يتقنون العربية ولا الإنجليزية، وبالتالي لابد من حملات توعية لهم».
النفايات الصلبة
من جانبه، قال الأخصائي والاستشاري البيئي د. زكريا خنجي: «تشير تقديرات الأمم المتحدة أن الكرة الأرضية تواجه خطر الدمار، وذلك بسبب استمرار البشرية في اعتماد أساليب إنتاج واستهلاك غير مستدامة. إذ تشير الإحصائيات أنه في كل عام، تُنتج الأسر والشركات الصغيرة ومقدمو الخدمات العامة ما يقارب 2.1 إلى 2.3 مليار طن من النفايات الصلبة، بدءاً من مواد التغليف والأجهزة الإلكترونية إلى البلاستيك والمواد الغذائية، وفي المقابل، فإن أن أنظمة إدارة النفايات في العالم عاجزة عن استيعاب هذا الكم، إذ لا توجد خدمة جمع النفايات لـ2.7 مليار شخص، ويتم معالجة حوالي 61 – 62% منها فقط في منشآت منظمة، كل هذا يستدعي إعادة التفكير في موضوع إدارة النفايات؛ وبالتالي التحكم في الهدر العالمي الذي يعاني منه العالم».
استدامة الأنظمة الغذائية
وأضاف أن بعض الإحصائيات تشير إلى أن خسائر الفاقد والـمُهدَر من الأغذية تتسبب في توليد ما بين 8 إلى 10% من غازات الدفيئة، وتعد مصدراً رئيسياً لانبعاثات الميثان، في حين أن حوالي 735 مليون شخص يعانون الجوع على مستوى العالم، وتهدر الأسر ما يزيد عن مليار وجبة من الأغذية الصالحة للأكل يومياً، أي ما يعادل 1.3 وجبة يومياً لكل شخص متضرر من الجوع في العالم، لا تزال فرص تمويل الحد من خسائر الفاقد والـمُهدَر من الأغذية والأنظمة الغذائية منخفضة الكربون غير مستغلة، حيث تم استثمار 0.1 مليار دولار أمريكي فقط سنويًا في 2019/20. ويمثل هذا جزءًا بسيطًا من الاحتياجات السنوية المقدرة بين 48 إلى 50 مليار دولار أمريكي».
وتابع: «فقد الأغذية وهدرها يؤديان إلى تقويض استدامة الأنظمة الغذائية، فعند فقد الطعام أو إهداره، فإن جميع الموارد التي تُستخدم لإنتاج هذا الغذاء – بما في ذلك المياه والتربة والطاقة والعمالة ورأس المال - تذهب هباءً. فضلاً عن ذلك يتسبب التخلص من المواد الغذائية وفقدان الغذاء وهدره في مدافن النفايات إلى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مما يسهم في تغير المناخ. كما يمكن أن يؤثر فقد الأغذية وهدرها سلباً على الأمن الغذائي وإتاحة الغذاء، وزيادة كلفته.
إدخال التقنيات والحلول المبتكرة
وأكد أن الأنظمة الغذائية لا يمكن أن تكون مرنة إذا لم تكن مستدامة، ومن هنا تأتي الحاجة إلى التركيز على اعتماد نهج متكاملة مصممة لتقليل فقد الأغذية وهدرها، مما يستدعي اتخاذ إجراءات على الصعيدين العالمي والمحلي لتعظيم استخدام الأغذية التي ننتجها. وتجمع الدراسات على أن إدخال التقنيات والحلول المبتكرة، بما في ذلك منصات التجارة الإلكترونية للتسويق وأنظمة معالجة الأغذية المتنقلة القابلة للسحب، وطرق العمل الجديدة والممارسات الجيدة لإدارة جودة الأغذية وتقليل فقد الأغذية وهدرها، هي المفتاح لتنفيذ هذا التغيير التحويلي.ولقد أضحى الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية أمراً لا غنى عنه في عالم يشهد تزايد عدد الأشخاص المتضررين من الجوع بوتيرة بطيئة منذ عام 2014، وتفقد فيه أطنان من الأغذية الصالحة للأكل و/أو تتعرض فيه للهدر كل يوم.
أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة
وأوضح أنه مع بقاء 6 سنوات للوصول إلى الغاية من تحقيق الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة وهو «ضمان أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة»، هناك حاجة ملحة لتسريع العمل للحد من فقد الأغذية وهدرها؛ لذلك يجب أن تسلط الأضواء كافة في هذا اليوم على هذا الأمر العاجل الملح.وختم خنجي حديثه ببعض الإرشادات، وهي: يجب عدم خلط الفائض من الطعام مع أغذية مختلفة أو فائض من أيام مختلفة، وإذا حصل ذلك فإنه يجب التخلص من جميع المتبقي، والاحتفاظ بباقي الطعام في علب محكمة الإغلاق وضعها في الثلاجة كوجبة خفيفة لاحقًا، وتقطيع الخضراوات ووضعها في أكياس بلاستيكية وتجميدها لمدة ستة أشهر، والتبرع بفائض الأطعمة للمحتاجين وجمعيات حفظ النعمة، ويمكن تجفيف شرائح الفواكه أو تجميدها لإعادة صناعتها كمربى أو عصير أو ما شابه ذلك، ويمكن تحضير عصائر مشكلة من الفواكه التي قاربت على النضح أو ظل في المنزل لفترة طويلة نوعاً ما، يمكن تجميد الأغذية المتبقية مباشرة بعد خفض درجة حرارتها.
تصدير النفايات
ويقوم قسم التحكم في النفايات بالمجلس الأعلى للبيئة بدراسة معمقة لطلبات التخلص من النفايات، بهدف تحديد أفضل السبل لمعالجتها أو إعادة تدويرها أو استغلالها. ومن بين الحلول التي يعتمدها المجلس، إصدار التراخيص اللازمة لتصدير النفايات إلى خارج مملكة البحرين، وذلك وفقاً لالتزامات المملكة بموجب اتفاقية بازل الخاصة بنقل النفايات الخطرة عبر الحدود، والتي كانت البحرين من بين أولى الدول الموقعة والمصدقة عليها منذ العام 1992.وتضع مملكة البحرين حماية البيئة والمحافظة على التنوع البيولوجي على رأس أولوياتها التنموية. وقد أولت حكومة المملكة اهتماماً بالغاً بالاستدامة البيئية من خلال تضمينها في برنامج الحكومة، الذي يركز على تحسين كفاءة استخدام الموارد وترشيد استهلاك الطاقة، إلى جانب تعزيز آليات تقييم الأثر البيئي للمشاريع الاقتصادية وتشجيع الاستثمار في إنتاج واستخدام الطاقة المتجددة.
تقليل استخدام البلاستيك
وتماشياً مع توجهات الأمم المتحدة الرامية لمكافحة تلوث البيئة بالبلاستيك، وضعت حكومة البحرين سياسات مستدامة تستهدف تقليل استخدام البلاستيك. وتشمل هذه السياسات تشجيع استخدام الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل وحظر استخدام الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد وغير القابلة للتحلل في عموم المملكة. كما اتُّخذت إجراءات للحد من إنتاج النفايات البلاستيكية، منها منع تصنيع أو استيراد أو تداول عبوات وأكواب المياه البلاستيكية ذات الأحجام الصغيرة التي تقل عن 200 ملليلتر. وفي مراحل لاحقة، يُخطط لحظر استخدام الأكياس البلاستيكية كلياً في بعض الأسواق والمجمعات التجارية. تفخر الحكومة أيضاً بنجاح جهودها في بناء شراكات مع القطاع الخاص لحماية البيئة والموارد الطبيعية، خاصة في القطاع الصناعي.
دور القطاع الخاص
ويعمل المجلس الأعلى للبيئة بالتنسيق مع مؤسسات القطاع الخاص لوضع خطط تهدف إلى تعزيز التوعية بأهمية حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة من خلال تحسين الممارسات والمسؤولية الاجتماعية. فيما يتعلق بتدوير النفايات، تسعى البحرين لتعزيز دور القطاع الخاص في إعادة تدوير المخلفات البلاستيكية عبر توفير حاويات فرز في الأماكن العامة والخاصة لرفع معدلات تدوير هذه المخلفات. كما تحرص المملكة على التخلص من جميع أنواع النفايات بطريقة آمنة بيئياً، بما يتماشى مع القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية، تأكيداً لالتزاماتها الدولية في مجال حماية البيئة.
دور الشراكة المجتمعية
وفي ديسمبر الماضي، أبرمت وزارة شؤون البلديات والزراعة عقوداً مع شركات نظافة لتوفير خدمة إعادة تدوير ومعالجة النفايات، حيث أكد وكيل الوزارة لشؤون البلديات في وزارة شؤون البلديات والزراعة الشيخ محمد بن أحمد آل خليفة دور الشراكة المجتمعية في تعزيز عملية إعادة التدوير ومعالجة النفايات والمواد المستخدمة التي لا تعد صالحة لأي استخدام آخر، وذلك بما يسهم في جعلها مواد قابلة للاستخدام مرة أخرى، ويضمن تحقيق العوائد البيئية والاقتصادية الواعدة.ولفت الوكيل إلى أن وزارة شؤون البلديات والزراعة تسعى بدورها لتوفير ما يلزم في سبيل تعزيز هذه الشراكة مع أطراف المجتمع كافة، وذلك بهدف جمع وإعادة تدوير المخلفات بأنواعها المختلفة، حيث أبرمت الوزارة عقود نظافة جديدة مع شركتي الخليج وأوربايسر، وذلك لتوفير 300 من مراكز التجميع المجتمعية في كافة محافظات مملكة البحرين بواقع مركز تجميع لكل 5000 آلاف نسمة، إلى جانب توفير خدمة الاستلام من الباب المجدولة للأسر الملتزمة بشروط هذه الخدمات.
تدوير النفايات المختلطة
وأضاف أن شركات التنظيف ستعمل بالتعاون مع شركات إعادة التدوير المحلية والمنظمات غير الحكومية، إلى جانب أطراف أخرى، لضمان استخراج أقصى قدر من المواد القابلة لإعادة التدوير من النفايات المختلطة، مؤكداً أن المرحلة الأولى من المشروع ستتم بالتنسيق مع المجالس البلدية، والتي سيتم خلالها وضع 300 مركز إعادة تدوير، يحتوي كل منهم على حاويات منفصلة للزجاج والبلاستيك والمعادن والورق والكرتون في مواقع يمكن للجمهور الوصول إليها بسهولة. كما سيتم توفير حاويات خاصة لجمع هذه المخلفات من مراكز إعادة التدوير بما يسهم في سهولة فرزها واستخدامها في عمليات المعالجة السريعة.
توزيع مراكز التجميع
كما أكد أن المرحلة الأولى من توزيع مراكز التجميع ستستكمل بتوزيع المراكز في محافظتي العاصمة والمحرق، وذلك وفق جدول العمل الموضوع وبما يضمن انتشارها في مختلف أنحاء مملكة البحرين، مشيراً إلى أن المرحلة الثانية من العمل ستشمل التجميع المباشر من المنزل، حيث سيتم تقديم هذه الخدمة لأصحاب المنازل الراغبين في المشاركة في مخطط التجميع لفرز وتنظيف نفاياتهم، مضيفاً بأن أصحاب المنازل سيتمكنون من التقدم عبر الإنترنت إلكترونياً للحصول على خدمة التجميع مباشرة من شركات التنظيف، طالما تم استيفاء شروط معينة بشأن جودة المواد القابلة لإعادة التدوير، إذ ستكون الخدمة متاحة بشكل محدد للتجميع.
تشجيع البحث والابتكار
وتشجع الجامعات الأساتذة والطلبة على البحث والابتكار في هذا المجال، إذ حصلت ثلاث طالبات على المركز الأول في جامعة البحرين من قسم الهندسة المدنية لنجاح مشروعهم المتعلق بدمج النمذجة الديناميكية للنظم مع النمذجة الهيدروليكية، بهدف حساب كمية المياه المهدرة، وتأثيراتها طويلة المدى على شبكات توزيع المياه في البحرين.ووفقاً لأوراق مشروع الطالبات زينب العريبي، ونور حسين، ومريم عبدالمجيد، فإن المقصود من النظام المطروح الحصول على البيانات المتعلقة بشبكة توزيع المياه، وتم دمج هذه البيانات مع النظام الديناميكي (System Dynamics) لحساب كمية المياه غير المحققة للإيرادات (NRW)، وتقييم تأثيراتها البيئية والاقتصادية والاجتماعية وتحليل وحساب تأثيراتها طويلة المدى على شبكات توزيع المياه في البحرين الناتجة عن فقد المياه، مما يتيح فهمًا أعمق للعلاقات المتشابكة بين هذه العوامل.100 سيناريو مختلف وتبدأ الدراسة المرافقة للمشروع، بمحاكاة لتسربات مائية واقعية باستخدام نموذج هيدروليكي لجمع بيانات دقيقة معتمدين على المعلومات من الأبحاث العلمية والدراسات السابقة، قبل بتحليل هذه البيانات واستخدامها في النظام. وتتضمن الدراسة طرح 100 سيناريو مختلف، وفي كل سيناريو يتغير عدد التسربات وحجمها وموقعها؛ وبناءً على ذلك جُمِعَت النتائج التي لم تكن تشمل قيمة واحدة، ومن ثم تم استخدام هذه النتائج في النظام الديناميكي الذي كان يعطي تقدير كميات التسربات المتوقعة سنوياً من خلال النطاق الذي أُدْخِل من النظام الهيدروليكي. وتشير الدراسة إلى اختبار استراتيجيات عدة للتدخل، منها استبدال عدادات المياه بشكل استباقي، وإدارة التسربات بطرق فعّالة، وتقليل فترات التأخير في الاستجابة للتسربات.
0 تعليق