تفعيل القوانين أفضل من فرض الرسوم

صدى العرب 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
شاهدتُ مؤخراً مقطع فيديو لشخص عربي مقيم في كوريا الجنوبية يستعرض فيه نظام التخلص من النفايات هناك، حيث يُطلب من كل فرد فرز القمامة قبل التخلص منها، مع التأكد من وضع كل نوع من النفايات في الحاوية المخصصة له. فعلى سبيل المثال، يتم فصل الورق العادي عن الورق المقوى (الكرتون)، كما يجب التخلص من أنواع البلاستيك المختلفة في أماكن محددة، فالأكياس البلاستيكية لها مكانها الخاص، والحاويات البلاستيكية، حسب حجمها، لها مكان آخر.

وأشار صاحب الفيديو إلى أن مناطق تخزين النفايات مراقبة بكاميرات على مدار الساعة. وإذا خالف أحدهم هذه التعليمات الصارمة، تتم مراجعة التسجيلات لتحديد المخالف، الذي يُواجه بالأدلة وتُفرض عليه غرامة قد تكون كبيرة. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي أكياس القمامة على رموز تُتيح التعرّف على صاحبها، مما يُعزّز من مبدأ المحاسبة.

لقد جعلني هذا الفيديو أفكر في شكاوى المواطنين من الرسوم التي أصبحت عبئاً مالياً على الجميع، سواء أكانوا ملتزمين بالقوانين أم لا. بدلاً من زيادة الرسوم بشكل عام، يمكن أن يكون فرض الغرامات على المخالفين مصدر دخل فعّالاً للحكومة. فمن يخالف القوانين عليه تحمُّل العواقب، بينما يبقى الملتزمون بمنأى عن ذلك.

كما أن الفوائد التي ستعود على الوطن كبيرة في حال تطبيق القانون، وهنا أؤكد وأشدّد على كلمة «تطبيق القانون» على المخالفين، فلدينا في البحرين قوانين وقرارات لم يتمّ تفعيلها، فعلى سبيل المثال غرامة إلقاء القمامة في الشوارع والطرقات والتي لم تُفعّل حتى الآن، ونرى في بعض شوارعنا الكثير من القمامة التي تُلقى دون رادع لمن يفعل ذلك، بل إن صناديق القمامة تبقى خالية بينما القمامة تُلقى حولها، وهي ظاهرة تنتشر في المناطق السكنية، فتبقى ملقاة على قارعة الطريق حتى يأتي عمال شركات النظافة ويرفعوها. كما شاهدنا بعض الشركات الخاصة المعنية بتنظيف إحدى المناطق السكنية غير المغلقة، يقومون برمي مخلفات البناء وغيرها خارج أسوار تلك المنطقة دون حسيب أو رقيب، وقد سبق الإبلاغ عن هذه الانتهاكات الجسيمة.

فلماذا لا يتمّ فرض الغرامات على المخالفين بدلاً من التفكير في رفع الرسوم؟ يمكننا الاستفادة من تجربة كوريا الجنوبية للحفاظ على شوارعنا ومناطقنا نظيفة وجميلة.

وينطبق الأمر ذاته على المخالفات المرورية. فانتشار المركبات المتهالكة في شوارع المملكة، لاسيما عدد سيارات التوصيل التي تسير بعضها من دون الأنوار وأخرى هيكلها مهترئ وإطاراتها منتهية، بالإضافة إلى استخدام سواقها الواسع للهواتف المحمولة أثناء القيادة، مما يشكّل مخاطر جسيمة على مرتادي الطريق.

ويستمر العديد من المخالفين في هذه التصرّفات، وهم على يقين بأنهم لن يتعرّضوا لأي عقوبة. لكن باستخدام وسائل تكنولوجية بسيطة، يمكننا فرض احترام القوانين المرورية، وفي الوقت ذاته، تعزيز الإيرادات الحكومية.

لقد بلغت إيرادات إدارة المرور خلال عام 2023 من المخالفات قرابة 11 مليون دينار، ولو تمّ تفعيل الرقابة التامة على الطرق سيتضاعف هذا الرقم، وسنشهد انخفاضاً في الحوادث المرورية، وراحة على الطرق وانتظاماً في حياتنا بشكل عام.

من خلال التركيز على تطبيق القوانين القائمة بدلاً من فرض رسوم إضافية، يمكننا خلق نظام أكثر عدلاً وكفاءة، يعود بالنفع على الحكومة والمجتمع على حدٍّ سواء.

* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق