ما مدى دقة بيانات "البيئة" السنوية حول قياس جودة الهواء؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان ـ فتح تزايد ملوثات الهواء في مدينة سحاب، باب التساؤلات حول مدى دقة البيانات السنوية التي تُصدرها وزارة البيئة بشأن قياس جودة الهواء المحيط في بعض مناطق المملكة، وعبر محطات متخصصة لتلك الغاية.اضافة اعلان
رصد 10 عناصر تلوث فقط
وبرغم أن أنظمة الرصد في الشبكة الوطنية لمراقبة نوعية الهواء المحيط التي تتكون من 27 محطة، تركز على الملوثات الأكثر تأثيراً على البيئة والصحة العامة، لكنها لا ترصد سوى نحو 10 عناصر لملوثات الهواء من بين أكثر من 180 عنصراً ملوثاً للهواء، وفق خبراء في البيئة.
وما تزال، وفق الخبراء، التغطية برصد نوعية الهواء المحيط في المناطق الصناعية "محدودة نسبياً"، إذ يجعل التنبؤ معها بالأوبئة والأمراض التي قد تصيب قاطني تلك المدن "غير ممكن بشكله الشمولي".
ولا بد في رأيهم، من توسيع محطات الرصد في تلك المناطق، التي تكثُر فيها الأنشطة الصناعية المتعددة، مع زيادة عدد عناصر الملوثات التي يجب أن تُقاس فيها وبحسب نوع الصناعة، ليكون ما يصدر عن الوزارة من بيانات دقيقاً.  
ومن وجهة نظر رئيس اتحاد الجمعيات البيئية (الاتحاد النوعي) عمر الشوشان، فإن "التقارير تشير لوجود محطات رصد في العاصمة وبعض المدن الكبرى، لكن التغطية ما تزال محدودة نسبياً في المناطق الصناعية". 
عدم كفاية محطات الرصد 
وهذه المحطات تقيس ملوثات رئيسة كالجسيمات الدقيقة العالقة التي يقل قطرها، أو يساوي 10 ميكرون، والتي يقل قطرها عن/ أو يساوي 2.5 ميكرون، وثاني أكسيد النيتروجين، وأول أكسيد الكربون، ومع ذلك، فإن التحديات تكمن بـ"عدم كفاية عدد المحطات، وضعف الصيانة الدورية، ونقص البيانات الشاملة التي تُحدث باستمرار وتُنشر للجمهور"، بحسبه.
وفي المناطق الصناعية والبؤر البيئية الحرجة كسحاب والرصيفة والهاشمية، إذ تتركز المصانع والأنشطة الصناعية كصناعة الإسمنت والكيماويات والمعادن، تفاقم مشكلة التلوث بسبب الانبعاثات الصناعية غير المنظمة بشكل كافٍ، كما ذكر.
وأضاف، أن "هذه المناطق تشهد مستويات مرتفعة من الجسيمات الدقيقة والغبار، ما يؤثر سلباً على صحة السكان، بخاصة الأطفال وكبار السن"، ما يزيد الوضع تعقيداً، وقد منحت شركة مصفاة البترول استثناءً من الالتزام بالمواصفات والمقاييس في إنتاج مادة الديزل، ما يؤدي لزيادة انبعاثات الكبريت وملوثات أخرى مرتبطة باحتراق الديزل منخفض الجودة، وهو ما يفاقم التلوث في المناطق القريبة من خطوط النقل والتوزيع.
تقنيات حديثة لقياس الملوثات بدقة 
ولمعالجة هذه التحديات وطنيا، بخاصة في البؤر الساخنة كسحاب والرصيفة والهاشمية، اقترح الشوشان "تركيب محطات رصد متطورة في المناطق الصناعية المذكورة، مع التركيز على تقنيات حديثة قادرة على قياس الملوثات بدقة عالية وبشكل لحظي". 
وهذه المحطات، يمكن أن تكون محمولة أو ثابتة، مع ضمان تغطية شاملة للمناطق ذات الكثافة الصناعية العالية، بما في ذلك المناطق المتأثرة باستخدام الديزل منخفض الجودة، تبعا له، كما يتوجب "إنشاء قاعدة بيانات مركزية تُحدث يومياً، وتتيح للجمهور الوصول إلى مؤشرات جودة الهواء في الوقت الحقيقي"، وفقه.
ومن بين المقترحات الأخرى "فرض تشريعات صارمة على المصانع في سحاب والرصيفة، والهاشمية لتقليل الانبعاثات، كتركيب مرشحات للغبار وأنظمة تنقية الهواء". ويمكن للأردن الاستلهام من تجارب دول أخرى ذكرها التقرير، كاستخدام تقنيات التحكم بالانبعاثات في المناطق الصناعية، كما أفاد.
وشدد على أهمية "إلغاء الاستثناء الممنوح لشركة مصفاة البترول تدريجياً، مع وضع جدول زمني للالتزام بمعايير إنتاج ديزل منخفض الكبريت (كمعيار Euro 4 أو 5)، لتقليل الانبعاثات الضارة الناتجة عن الوقود".
تفتيش دوري على  المنشآت الصناعية
ودعا الشوشان لـ"إجراء تفتيش دوري على المنشآت الصناعية، وفرض غرامات على المخالفين، والاستفادة من شراكات مع مؤسسات كالبنك الدولي لتوفير التمويل والخبرات الفنية، لتطوير البنية التحتية لرصد الهواء وتحسين جودة الوقود". 
وحث على "ضرورة تفعيل دور السكان في المناطق المتضررة عبر توعيتهم بمخاطر التلوث، بما في ذلك تأثير الديزل منخفض الجودة، وتشجيعهم على الإبلاغ عن المخالفات البيئية"، مؤكدا على "إمكانية استخدام تطبيقات ذكية لتسهيل جمع البيانات من المواطنين، كجزء من نظام رصد مجتمعي، وتنظيم حملات تشجير في محيط المناطق الصناعية لتقليل الغبار وتحسين جودة الهواء".
كما يتوجب "وضع خطة وطنية للتعامل مع أيام التلوث الشديد عند حدوث عواصف ترابية أو ارتفاع انبعاثات صناعية، أو احتراق ديزل غير مطابق للمواصفات، وتشمل إغلاقا مؤقتا للمصانع، وتقليل حركة المرور"، وفقه.
هيئة وطنية لإدارة جودة الهواء
وللتغلب على التحديات، أوصى الشوشان بـ"إنشاء هيئة وطنية مستقلة لإدارة جودة الهواء، مهمتها التنسيق بين الوزارات، ووضع خطة زمنية لتطبيق هذه الآليات بحلول العام 2030، والتركيز على المناطق الصناعية، ومراجعة سياسة الاستثناءات الممنوحة للمصفاة كأولوية".
وبرأي أستاذ تلوث الهواء بالجامعة الهاشمية د. محمود أبو اللبن، فـ"هنالك حاجة لوجود تسجيلات طويلة الأمد لمستويات ملوثات الهواء، تمتد بين 10 و15 عاماً، وأخرى بعيدة المدى للسكان ممن يقطنون قرب مدن صناعية في الأردن، للاستدلال على انعكاساتها على صحة الأفراد".
ولفت إلى أن "عناصر ملوثات الهواء في العالم تبلغ 180 عنصرا، وما يقاس فقط بمحطات الرصد في الأردن 10 عناصر من بينها، في حين أن هنالك 6 رئيسة تدخل في حساب معيار جودة الهواء، من بينها الأوزون، وأول أكسيد الكربون والجسيمات الدقيقة العالقة، وأكسيد النيتروجين".
ودعا لـ"توسيع شبكات محطات رصد الهواء في مدينة سحاب وغيرها، والتركيز على عناصر ملوثات هواء خاصة، كالهيدروكربونات وغيرها".
في حين أن الوزارة، تؤكد أن البيانات الصادرة عن محطات الرصد ذات دقة عالية، إذ تُستخدم أجهزة معتمدة دولياً تضمن جودة القياسات وموثوقيتها، وتخضع هذه المحطات لصيانة دورية ومعايرة منتظمة، ما يقلل احتمالات الخطأ ويعزز دقة البيانات، وفق مدير الاتصال والإعلام والتوعية فيها بالوكالة شروق أبو طالب.
ولفتت، في تصريحات لـ"الغد"، إلى أن "محطات الرصد تُشغل وفقاً لتعليمات الشركات الصانعة؛ وترصد تراكيز ملوثات الهواء الغازية باستخدام أجهزة تحليل أوتوماتيكية"، وتأخذ الأجهزة عينات من الهواء المحيط باستمرار، تحللها وتخزن نتائج تحليلها.
ضمان استمرارية رصد  نوعية الهواء
وأما رصد الجسيمات فيتم، وفقها، باستخدام أجهزة أوتوماتيكية تعمل وفق مبدأ (Beta Attenuation)، وهي معتمدة من وكالة حماية البيئة الأميركية (US EPA)، ومزودة بمداخل خاصة تفصل الجسيمات التي يزيد قطرها على 10 ميكرون أو 2.5 ميكرون. ومن بعد تلك الخطوة، تعاير الأجهزة العاملة على رصد الغازات والجسيمات دورياً باستخدام غازات معايرة بتراكيز محددة، أو شرائح معايرة للتأكد من دقة عملها وتعديل استجابتها، وصيانتها عند الضرورة.
كما تدقق البيانات قبل إصدار التقارير اليومية والشهرية والسنوية، وقد اتُخذت إجراءات متعددة لضمان دقة وأمن البيانات وتحريك فرق الصيانة إلى محطات الرصد، فور وصول أي إشارة تحذير، أو خلل في الأجهزة لضمان استمرارية رصد نوعية الهواء المحيط، وفقها.
وشددت أبو طالب، على أن "الأجهزة المستخدمة برصد الغازات والجسيمات في محطات الرصد الخاصة بالوزارة، والعاملة لصالحها، هي أجهزة قياس مرجعية لقياس ملوثات الهواء المحيط، ومعتمدة لدى وكالة البيئة الأميركية، والهيئات البيئية الأوروبية والدولية الأخرى".
وبينت أن طرق القياس المستخدمة متوافقة مع طرق القياس المعتمدة في القاعدة الفنية الأردنية رقم 1140/2024 JS الخاصة بنوعية الهواء المحيط، لافتة إلى أن أنظمة الرصد في الشبكة الوطنية لمراقبة نوعية الهواء المحيط تركز على الملوثات الأكثر تأثيراً على البيئة والصحة العامة.
وتُقاس تراكيز الملوثات المعيارية وفقاً للقاعدة الفنية الأردنية رقم 1140/2024، مع مراعاة خصوصية الموقع الجغرافي وتصنيفه، بالاستناد على توصيات منظمة الصحة العالمية، كما أن هناك ملوثات يكون قياسها الميداني تحدياً بسبب تركيزاتها الضئيلة، أو خصائصها الكيميائية غير المستقرة، ولهذا تُصمّم شبكات الرصد بناءً على أولويات محلية، بحيث تُركّز على الملوثات المرتبطة بالعوامل الطبيعية كالعواصف الترابية، والنشاطات البشرية الأكثر شيوعاً في كل منطقة مثل الصناعة أو حركة المرور، وفق أبو طالب. 
وتسعى الوزارة لتنفيذ خطة توسعة للشبكة الوطنية لمراقبة نوعية الهواء بإضافة 24 محطة رصد جديدة في المحافظات في السنوات المقبلة، وذلك في إطار حرص الوزارة على تحسين دقة البيانات البيئية عبر تعزيز التغطية الجغرافية، ورفع نسبة تغطية الشبكة الوطنية للسكان لتصل لـ100 %، ويُسهم هذا التوسع بتمكين تتبع مستويات تلوث الهواء بدقة أكبر، بخاصة في المناطق الصناعية والمكتظة بالسكان.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق