loading ad...
عمان - في الوقت الذي تتزايد فيه التحديات المرتبطة بسوق العمل الأردني، يبرز مطلب ملح بضرورة إنشاء نظام وطني شامل لبيانات سوق العمل، يجمع كافة المؤشرات الكمية والنوعية في قاعدة بيانات موحدة، غير أن هذا التوجه ما يزال يصطدم بـ"الانغلاق المؤسسي"، إذ إن معظم المؤسسات الرسمية تحتفظ ببياناتها بشكل مستقل وترفض مشاركتها بحجة الخصوصية، بحسب خبراء.اضافة اعلان
وأكد هؤلاء الخبراء لـ"الغد" أنه ينظر لهذا النظام كأداة أساسية لتحسين كفاءة السياسات الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما في مجالات التشغيل، وتنظيم سوق العمل، وتخطيط التعليم والتدريب المهني.
وشددوا على أن القرارات والسياسات الفاعلة لا يمكن أن تُبنى على تقديرات غير دقيقة أو بيانات مشتتة، وهو ما يعاني منه السوق حاليا، خاصة فيما يتعلق بالعمالة غير الأردنية، التي تختلف بياناتها من مؤسسة إلى أخرى، ما يعكس حالة من الفوضى ويقوض فاعلية التخطيط.
ورغم أن الحديث عن هذا النظام ليس جديدا، وتكرر طرحه عبر السنوات، إلا أنه لم ير النور حتى الآن، ما يطرح تساؤلات حول أسباب التأخير.
البيانات قيد الإعداد
وفي هذا الصدد، أكد الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل، محمد الزيود، أن "العمل ما يزال جارياً على إعداد نظام بيانات سوق العمل الذي يتضمن تجميع كافة مؤشرات سوق العمل ضمن قاعدة بيانات موحدة، بهدف دراستها وتحليلها، واعتمادا عليها تتخذ كافة القرارات والإجراءات وتصمم البرامج المتعلقة بسوق العمل."
وأضاف الزيود أن "هذا النظام يهدف أيضا إلى أن تكون كافة القرارات والإجراءات التي تخص تنظيم سوق العمل مبنية على أسس علمية وواضحة".
وأوضح أن "من المؤشرات التي سيتضمنها هذا النظام: حجم القوى العاملة، والبطالة، والعمالة غير الأردنية، ومؤشرات التعليم العالي، وغيرها."
ضمان الديمومة والتحديث
بدوره، أكد مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، أن "تطوير نظام شامل وقاعدة بيانات كمية ونوعية لسوق العمل يُعد خطوة أساسية وضرورية لتحسين إدارة هذا السوق الحيوي، وزيادة فعالية وكفاءة السياسات والبرامج المرتبطة به".
وأضاف عوض إن "هذه المبادرة، من حيث المبدأ، تمثل توجها إستراتيجيا محمودا ينبغي دعمه بكل الوسائل الممكنة، مع ضمان استمراريتها وتحديثها المستمر، نظرا لأن البيانات، بطبيعتها، متغيرة ومتجددة، وتتطلب متابعة دائمة لضمان دقتها وصلاحيتها للاستخدام في صناعة القرار."
وأكد عوض أن "وجود نظام معلوماتي متكامل لسوق العمل من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في آلية صياغة السياسات العامة المتعلقة بالتشغيل، والتعليم والتدريب المهني"، موضحا أن "تطوير السياسات بناء على بيانات موثوقة، يندرج ضمن ما يُعرف بـ "السياسات المبنية على الأدلة" (Evidence-based Policy)، وهو ما نفتقر إليه في الأردن".
وشدد على أنه "ولضمان تعظيم الفائدة من إنشاء هذا النظام، من الضروري العمل على أكثر من مسار في الوقت ذاته"، مبينا أن "أول هذه المسارات يتمثل في تحديث البيانات الكمية المتعلقة بسوق العمل على المستوى القطاعي وبشكل دوري، إذ لا تكفي البيانات الكلية على المستوى الوطني لاتخاذ قرارات دقيقة".
وقال عوض: "من المهم، على سبيل المثال، معرفة أعداد العاملين في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، ومتابعة التغيرات التي تطرأ على هذه الأعداد، إلى جانب تحديد الاحتياجات المستقبلية من اليد العاملة والمهارات المطلوبة في كل قطاع".
وأضاف: "إلى جانب جمع البيانات، لا بد من إجراء تحليلات معمقة لها، من أجل استكشاف التوجهات، والتحديات، والفرص الكامنة في سوق العمل، وهذا يتطلب بناء قدرات متخصصة لدى وزارة العمل والمؤسسات الرسمية المعنية، ليس فقط في مجال إدارة البيانات، بل أيضا في استخدامها لتحسين جودة السياسات، وتوجيه البرامج نحو الفئات والمناطق والقطاعات ذات الأولوية."
وختم بالقول إن "بناء هذا النظام يشكل فرصة مهمة لتطوير حوكمة سوق العمل، وتعزيز الربط بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات السوق، وتقليص فجوات العرض والطلب، بما يسهم في خفض معدلات البطالة، التي هي في جانب كبير منها بطالة هيكلية، وتحسين كفاءة توزيع الموارد البشرية على القطاعات الاقتصادية المختلفة."
ضرورة قصوى
من جهته، بين رئيس بيت العمال، حمادة أبو نجمة، أن "الحديث عن إنشاء نظام شامل لبيانات سوق العمل ليس جديدا، فقد تكرر على لسان العديد من الوزراء والمسؤولين عبر السنوات الماضية دون أن يرى هذا النظام النور حتى اليوم."
وأضاف أبو نجمة إن "وجود نظام وطني متكامل لبيانات سوق العمل يعد ضرورة قصوى لتطوير السياسات الاقتصادية والاجتماعية، إذ لا يمكن لأي جهة أن تضع سياسات تشغيل فاعلة أو تخطط للتعليم والتدريب المهني أو تنظم استخدام العمالة الوافدة دون أن تستند إلى قاعدة بيانات دقيقة وموحدة وشاملة."
وأشار إلى أن "غياب هذا النظام أدى إلى فوضى في البيانات فيما يتعلق بالعمالة الوافدة، حيث تتضارب الأرقام بين مؤسسة وأخرى، وهناك تفاوت كبير في التقديرات والتصريحات الرسمية، وهذا وضع لا يجوز أن يستمر لأن نتائجه تؤثر مباشرة على فعالية السياسات العامة وعلى فرص العمل للمواطنين".
وأكد أنه "من الناحية التقنية، فإن بناء نظام بيانات لسوق العمل ليس بالأمر المعقد، وقد نجحت به دول أخرى بموارد وخبرات أقل، ومن الممكن تأمين كلفته مهما بلغت لأهمية ذلك مقارنة بالأثر الكبير الذي سيحدثه على مستوى التخطيط والحوكمة".
وأوضح أن "التحدي الحقيقي يكمن في غياب التعاون المؤسسي، إذ إن معظم المؤسسات الرسمية تحتفظ ببياناتها بشكل مستقل وترفض مشاركتها بحجة الخصوصية، وهو ما أفشل محاولات عديدة سابقة لتوحيد البيانات بسبب هذا الانغلاق."
وشدد على أن "المطلوب اليوم هو أن ترتقي المؤسسات الرسمية إلى مستوى المسؤولية، وأن تضع مصلحة الوطن والمواطن فوق أي اعتبارات ضيقة، من خلال الالتزام بتغذية نظام وطني موحد بالبيانات الدقيقة والمحدثة، ليكون هذا النظام أداة فعالة للتخطيط وتطوير سوق العمل."
وأكد هؤلاء الخبراء لـ"الغد" أنه ينظر لهذا النظام كأداة أساسية لتحسين كفاءة السياسات الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما في مجالات التشغيل، وتنظيم سوق العمل، وتخطيط التعليم والتدريب المهني.
وشددوا على أن القرارات والسياسات الفاعلة لا يمكن أن تُبنى على تقديرات غير دقيقة أو بيانات مشتتة، وهو ما يعاني منه السوق حاليا، خاصة فيما يتعلق بالعمالة غير الأردنية، التي تختلف بياناتها من مؤسسة إلى أخرى، ما يعكس حالة من الفوضى ويقوض فاعلية التخطيط.
ورغم أن الحديث عن هذا النظام ليس جديدا، وتكرر طرحه عبر السنوات، إلا أنه لم ير النور حتى الآن، ما يطرح تساؤلات حول أسباب التأخير.
البيانات قيد الإعداد
وفي هذا الصدد، أكد الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل، محمد الزيود، أن "العمل ما يزال جارياً على إعداد نظام بيانات سوق العمل الذي يتضمن تجميع كافة مؤشرات سوق العمل ضمن قاعدة بيانات موحدة، بهدف دراستها وتحليلها، واعتمادا عليها تتخذ كافة القرارات والإجراءات وتصمم البرامج المتعلقة بسوق العمل."
وأضاف الزيود أن "هذا النظام يهدف أيضا إلى أن تكون كافة القرارات والإجراءات التي تخص تنظيم سوق العمل مبنية على أسس علمية وواضحة".
وأوضح أن "من المؤشرات التي سيتضمنها هذا النظام: حجم القوى العاملة، والبطالة، والعمالة غير الأردنية، ومؤشرات التعليم العالي، وغيرها."
ضمان الديمومة والتحديث
بدوره، أكد مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، أن "تطوير نظام شامل وقاعدة بيانات كمية ونوعية لسوق العمل يُعد خطوة أساسية وضرورية لتحسين إدارة هذا السوق الحيوي، وزيادة فعالية وكفاءة السياسات والبرامج المرتبطة به".
وأضاف عوض إن "هذه المبادرة، من حيث المبدأ، تمثل توجها إستراتيجيا محمودا ينبغي دعمه بكل الوسائل الممكنة، مع ضمان استمراريتها وتحديثها المستمر، نظرا لأن البيانات، بطبيعتها، متغيرة ومتجددة، وتتطلب متابعة دائمة لضمان دقتها وصلاحيتها للاستخدام في صناعة القرار."
وأكد عوض أن "وجود نظام معلوماتي متكامل لسوق العمل من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في آلية صياغة السياسات العامة المتعلقة بالتشغيل، والتعليم والتدريب المهني"، موضحا أن "تطوير السياسات بناء على بيانات موثوقة، يندرج ضمن ما يُعرف بـ "السياسات المبنية على الأدلة" (Evidence-based Policy)، وهو ما نفتقر إليه في الأردن".
وشدد على أنه "ولضمان تعظيم الفائدة من إنشاء هذا النظام، من الضروري العمل على أكثر من مسار في الوقت ذاته"، مبينا أن "أول هذه المسارات يتمثل في تحديث البيانات الكمية المتعلقة بسوق العمل على المستوى القطاعي وبشكل دوري، إذ لا تكفي البيانات الكلية على المستوى الوطني لاتخاذ قرارات دقيقة".
وقال عوض: "من المهم، على سبيل المثال، معرفة أعداد العاملين في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، ومتابعة التغيرات التي تطرأ على هذه الأعداد، إلى جانب تحديد الاحتياجات المستقبلية من اليد العاملة والمهارات المطلوبة في كل قطاع".
وأضاف: "إلى جانب جمع البيانات، لا بد من إجراء تحليلات معمقة لها، من أجل استكشاف التوجهات، والتحديات، والفرص الكامنة في سوق العمل، وهذا يتطلب بناء قدرات متخصصة لدى وزارة العمل والمؤسسات الرسمية المعنية، ليس فقط في مجال إدارة البيانات، بل أيضا في استخدامها لتحسين جودة السياسات، وتوجيه البرامج نحو الفئات والمناطق والقطاعات ذات الأولوية."
وختم بالقول إن "بناء هذا النظام يشكل فرصة مهمة لتطوير حوكمة سوق العمل، وتعزيز الربط بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات السوق، وتقليص فجوات العرض والطلب، بما يسهم في خفض معدلات البطالة، التي هي في جانب كبير منها بطالة هيكلية، وتحسين كفاءة توزيع الموارد البشرية على القطاعات الاقتصادية المختلفة."
ضرورة قصوى
من جهته، بين رئيس بيت العمال، حمادة أبو نجمة، أن "الحديث عن إنشاء نظام شامل لبيانات سوق العمل ليس جديدا، فقد تكرر على لسان العديد من الوزراء والمسؤولين عبر السنوات الماضية دون أن يرى هذا النظام النور حتى اليوم."
وأضاف أبو نجمة إن "وجود نظام وطني متكامل لبيانات سوق العمل يعد ضرورة قصوى لتطوير السياسات الاقتصادية والاجتماعية، إذ لا يمكن لأي جهة أن تضع سياسات تشغيل فاعلة أو تخطط للتعليم والتدريب المهني أو تنظم استخدام العمالة الوافدة دون أن تستند إلى قاعدة بيانات دقيقة وموحدة وشاملة."
وأشار إلى أن "غياب هذا النظام أدى إلى فوضى في البيانات فيما يتعلق بالعمالة الوافدة، حيث تتضارب الأرقام بين مؤسسة وأخرى، وهناك تفاوت كبير في التقديرات والتصريحات الرسمية، وهذا وضع لا يجوز أن يستمر لأن نتائجه تؤثر مباشرة على فعالية السياسات العامة وعلى فرص العمل للمواطنين".
وأكد أنه "من الناحية التقنية، فإن بناء نظام بيانات لسوق العمل ليس بالأمر المعقد، وقد نجحت به دول أخرى بموارد وخبرات أقل، ومن الممكن تأمين كلفته مهما بلغت لأهمية ذلك مقارنة بالأثر الكبير الذي سيحدثه على مستوى التخطيط والحوكمة".
وأوضح أن "التحدي الحقيقي يكمن في غياب التعاون المؤسسي، إذ إن معظم المؤسسات الرسمية تحتفظ ببياناتها بشكل مستقل وترفض مشاركتها بحجة الخصوصية، وهو ما أفشل محاولات عديدة سابقة لتوحيد البيانات بسبب هذا الانغلاق."
وشدد على أن "المطلوب اليوم هو أن ترتقي المؤسسات الرسمية إلى مستوى المسؤولية، وأن تضع مصلحة الوطن والمواطن فوق أي اعتبارات ضيقة، من خلال الالتزام بتغذية نظام وطني موحد بالبيانات الدقيقة والمحدثة، ليكون هذا النظام أداة فعالة للتخطيط وتطوير سوق العمل."
0 تعليق