رحلة العمر تبدأ من المدرسة.. حينما تتحول النزهة لمحطة تبهج الروح

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان- متى يأت فصل الربيع بأجوائه الجميلة وطقوسه المرتبطة بالطبيعة، تعد إلى الأذهان ذكريات الرحلات المدرسية التي كانت تنظم في هذه الفترة من العام بالعديد من المدارس، والتي تشكل محطة مهمة من مرحلة الطفولة.اضافة اعلان
ورغم تفضيل بعض المدارس الامتناع عن تنظيم هذه الرحلات حرصا على سلامة الطلبة، إلا أن كثيرا من الطلبة وذويهم ما يزالون يفضلون تنظيم الرحلات بشكل منتظم، وفي أوقات مدروسة، مع اختيار أماكن تناسب الفئة العمرية، ليحظى الأبناء بتجربة تشبه ما عاشه الآباء من ذكريات جميلة، يستذكرونها حتى اليوم.
تقول سمية المحاسنة، التي تتحدث عن الرحلات المدرسية بكل شوق وحنين، إنها كانت الفترة التي تخرج فيها مع صديقاتها من أسوار المدرسة دون دروس أو واجبات، فقط للمرح والغناء وزيارة أماكن لم تكن الظروف العائلية تسمح لها بزيارتها بمفردها، على حد تعبيرها. وتعتقد سمية أن الأجيال السابقة كانت ترى في الرحلة المدرسية أقصى طموحها في الترفيه برفقة صديقات المدرسة، والتي قد تكون سببا في تقوية أواصر المحبة والصداقة بين الفتيات اللواتي كن يتشاركن الطعام، ويوثقن اللحظات الجميلة، ويحتفظن بها حتى اليوم. ولهذا، تأمل أن يحظى أبناؤها بذات التجربة المميزة لتتشكل ذاكرتهم بكل ما هو مبهج.
 تعزيز القدرة على تحمل المسؤولية
ووفقا لدراسات تربوية عديدة تناولت أهمية الرحلات المدرسية للطلبة في مختلف المراحل الدراسية، فإنها تعد تجربة ذات انطباع فريد للطلبة، ولا تقتصر على كونها رحلة ترفيهية فقط، إنما تسهم في تعزيز قدرتهم على تحمل المسؤولية، ما يزيد من ثقتهم بأنفسهم، ولها تأثيرات متعددة على مختلف نواحي الحياة لاحقا، من حيث قدرتهم على التخطيط واتخاذ القرار واكتشاف العالم المحيط بهم.
قبل سنوات قليلة، شاركت جنات الفاعور (16 عاما) في رحلة مدرسية إلى محافظات الشمال، وتقول إنها من أجمل الرحلات التي قضتها مع صديقاتها في المدرسة، لما تميزت به من أجواء مختلفة تماما عن رحلات وزيارات العائلة، إذ كانت تتميز بالتواجد الجماعي في حافلة المدرسة، مما أتاح لهن قضاء وقت ممتع ومميز معاً، في ظل أجواء مرحة تتعمد المعلمات خلالها أن يكن أكثر مرونة وتفاعلا مع الطالبات، على حد تعبيرها.
تلك العلاقة التي تنشأ خلال ساعات معدودة كفيلة بأن تخلق سنوات من المودة بين جنات وصديقاتها، ومع معلماتها أيضا، لما تحمله من لحظات بعيدة عن أجواء الدراسة، تسهم في تجديد الطاقة والعودة بنفسية مختلفة، خاصة إذا جاءت الرحلة في منتصف فترة الامتحانات التي ترهق الطلبة وتستنزف وقتهم وجهدهم. ولهذا، تتمنى جنات أن تعود مدرستها لتنظيم الرحلات كما في السابق، لما تحمله من بهجة ومتعة.
وعبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، كتبت إحدى المشرفات في مدرسة ثانوية منشورا تحفيزيا لتنشيط الرحلات المدرسية، جاء فيه: "الرحلات المدرسية والتنزه مع الأصدقاء من أهم وسائل الترفيه لدى الطفل، وهي تعزز قدراته التواصلية ومهاراته الاجتماعية. فالسماح للطفل بالمشاركة في مثل هذه الفعاليات يسهم في تنمية مهاراته الاتصالية وتطوير شخصيته بشكل ملحوظ".
 اكتساب خبرات جديدة
كما تحدثت المشرفة عن أن الرحلات المدرسية تعد من المواضيع التي تثير الحنين والذكريات، ولها فوائد عديدة تنعكس بشكل كبير على الطالب، إذ تسهم في تقوية الفهم والاستيعاب لديهم. فالانتقال من بيئة المدرسة التقليدية إلى بيئة جديدة ومثيرة يساعدهم على اكتساب خبرات، وتطوير ذكائهم بشكل أعمق، إلى جانب توسيع مداركهم وزيادة قدرتهم على المشاركة والإنجاز داخل المدرسة.
فالرحلة المدرسية ليست مجرد نزهة أو نشاط عابر، بل يمكن أن تشكل محطة تربوية مهمة تسهم في نمو الطفل وتنمية قدراته الاجتماعية والعاطفية، باعتبارها فرصة يتعلم من خلالها مهارات متعددة مثل التعاون والتواصل والتخطيط والانضباط، إضافة إلى احترام العمل الجماعي، من خلال مراعاة الآخرين والالتزام بالوقت والتعليمات الموجهة.
وترى غيث أن فصل الربيع هو الأنسب لتنظيم هذه الرحلات المدرسية، لما يحمله من طقس جميل يساعد على كسر روتين الدراسة، والتخفيف من ضغوط الامتحانات التي مر بها الطلبة في الفترة الماضية. وهو أمر مهم لتجديد الدافعية لديهم، وإنعاش حالتهم النفسية، وزيادة ارتباطهم بالمدرسة والمعلمين.
ولأن هناك مدارس تتردد في تنظيم الرحلات المدرسية، كما تقول غيث، بحجة الخوف على الأطفال وحرصا على سلامتهم، تؤكد أن التخطيط المدروس لتعليمات السلامة العامة من شأنه أن يضمن سلامة الطلبة أثناء الرحلات. وذلك من خلال اختيار أماكن موثوقة وآمنة، وبعيدة عن المغامرات الصعبة عليهم، إلى جانب وجود مشرفين أكفاء بعدد كاف، ووضع قواعد واضحة يلتزم بها الطلبة قبل وأثناء الرحلة.
مصادر لذكريات يحتفظ بها الطلبة
وتوجه غيث رسالتها للمدارس والمعلمين بشأن أهمية الرحلات المدرسية، وتقول إن الرحلة تعد من أهم مصادر الذكريات التي يحتفظ بها الطلبة في المستقبل، وتمنحهم مشاعر فرح وتجارب جميلة تبقى معهم لسنوات طويلة، يروونها للآخرين. وعندما تقوم المدرسة بتنظيم رحلة مناسبة، فإنها بذلك تصمم لهم تجربة مليئة بالترفيه والتعلم والانتماء للمكان، إضافة إلى تعزيز قيم عليا مثل المحافظة على النظافة العامة، وصون الثروة الزراعية في المكان، فضلا عن تعزيز روح التعاون.
ومن فوائد تلك الرحلات، بحسب غيث، تزويد الطلبة بالمعارف من خلال تنظيم مسابقات وفعاليات تحمل قيمة وفائدة كبيرة، وتخلق جوا من التنافس المعرفي الجميل بينهم. كما تمنح الطالب فرصة لاكتشاف نفسه والآخرين وطباعهم. وتنوه على أهمية ألا تكون تفاصيل الرحلة تقليدية، بل يجب أن تحمل أهدافا واضحة، ومحطات معرفية مثرية إلى جانب الترفيه، لتكون وسيلة تعليمية غير منهجية خارج إطار الصف، كما تسهم في تعريف المعلم على شخصية الطالب وصفاته خارج البيئة الصفية.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق