loading ad...
ليلاخ سيغان
11/4/2025
نصل إلى عيد آخر من مكان غير سهل، وليس فقط لأنه بعد سنة ونصف من 7 تشرين أول (أكتوبر) ما يزال 59 مخطوفا ليسوا هنا. هذا الأسبوع مرة أخرى رأينا أعضاء حكومة يهددون بأنهم لن يطيعوا قرار المحكمة العليا. عندما سُئل المفتش العام للشرطة إذا كان سيطيع محكمة العدل العليا في مؤتمر صحفي، حاول الوزير المسؤول عنه منعه من الإجابة بأنه سيطيع بالتأكيد، بادعاء "أنهم يجرون له استفزازا". ونكاد كل يوم نجتاز فيه خطا أحمر آخر، أحد لم يحلم منذ زمن بعيد في أن يجتازه. وما يعرف اليوم كـ "استفزاز"، ما كنا قبل خمس سنوات نتصور أننا نحتاج على الإطلاق أن نسأله.اضافة اعلان
حين نجتاز خطا أحمر، وبعدها خطا واحدا آخر، بعد فترة ما سيخيل لنا أنه لم تعد هناك خطوطا حمراء. فهل يوجد حد ما لن يتم اجتيازه في الطريق لتحقيق "الهدف"؟ وما هذا الهدف المقدس على الإطلاق؟ ظاهرا، الحكومة "تقاتل" كي توقف الصلاحيات الزائدة لجهاز القضاء. لكن ما الذي يحصل هنا حقا؟
من لحظة ترسيمها، حددت الحكومة الحالية جهاز القضاء كعدو. يمكن أن نفهم من يستاء من كدية المستشارة القانونية أو رئيس المحكمة العليا، لأن جهاز القضاء بعيد عن أن يكون كامل الأوصاف. لكن عندما تهاجم الحكومة الجهاز بانفلات منذ سنتين ونصف لا حاجة للعجب في أن يكون رد فعل الجهاز دفاعيا أكثر مما ينبغي.
ظاهرا، الحكومة "تقاتل"، وبدونها كنا سنستسلم لحماس ونعود على الفور إلى "المفهوم المغلوط". لكن عمليا المفهوم المغلوط مات قبل سنة ونصف، ولم تعد أي شخصية جدية تتبنى الاحتواء. السؤال الحقيقي هو هل نقضي على حماس قبل أم بعد أن نعيد إلى هنا كل المخطوفين في دفعة واحدة. لا يوجد حقا اضطرار للاختيار بين "الاستسلام لحماس" أو إطالة الحرب. يوجد خيار التفكير بعيد المدى، الذي يسمح بصفقة مخطوفين شاملة وأيضا بخطط مفاجئة، قتال اقتصادي واستخدام الحيلة. كما أنه لا يوجد حقا اضطرار للاختيار بين "حكم الموظفين" وبين حكم حكومة بلا قيود. يمكن أن نحل المشاكل مع جهاز القضاء ويمكن أن نرتب الفصل بين السلطات. هذا يتطلب خطة منطقية، مفاوضات، استقامة، سلوك مهني واستعداد لحلول وسط. هذا هدف ممكن التحقيق تماما، لكن ليس بالنسبة لهذه الحكومة.
لم يعد للاتهامات منطق، فعندما يتم اجتياز هذا القدر الكبير من الخطوط الحمراء، فإننا نصل إلى آماكن لا يعود فيها أي شيء منطقي. فلماذا كل شيء يجري بمثل هذا التطرف، ما المنطق؟ لماذا لم ينهوا ولاية رئيس الشاباك في إجراء سليم مع موعد اعتزال متفق عليه. السؤال الذي بحث في محكمة العدل العليا هذا الأسبوع لم يكن إذا كان مسموحا للحكومة أن تقيل رئيس الشباك بل هل كان ينبغي للأمور أن تجري بمثل هذه العجلة دون محاججات ودون استماع. وهذا حتى قبل أن نتحدث عن الإساءة العلنية لرجال أمن في زمن الحرب. نحن نشهد تخليا تاما عن خطوط حمراء لأن الهدف الأعلى ظاهرا يبرر كل الوسائل. باستثناء أننا لا نعرف ما الهدف؟
بالشكل ذاته لا يوجد منطق لسلوك في مواضيع أخرى أيضا. فلماذا لا يوجد تعاط موضوعي مع قطر غيت؟ لماذا يكون كل تعاط استخفافي فظ ومتهم لكل العالم بـ "انباء ملفقة"؟ لماذا يعين بديل لرئيس الشاباك على عجل وبلا بحث كاف، وبعدها يتقرر إلغاء التعيين بعد ساعات قليلة من الإعلان؟ على هذه الأسئلة لا توجد أجوبة جيدة، وأساسا لا يوجد جواب جيد حين نتساءل كم من الطاقة بذلتها الحكومة هذا الأسبوع في تفكيك أعدائنا وكم من الطاقة تبذلها في تفكيك الشاباك.
توجد لنا حكومة تريد أن تتخذ أعمالا أكثر فأكثر تطرفا، دون أن تكون ردود الفعل على أعمالها متطرفة. هذا ليس توقعا واقعيا جدا. فضلا عن هذا لأجل إبادة العدو هناك حاجة للتركيز على المهمة، حاجة لهدوء في الجبهة الداخلية وحاجة للتصميم. لكن في الحكومة يجلس أناس لا يفهمون بالقتال لانهم لم يشاركوا فيه أبدا، وبالتالي أيضا لا يعرفون ما هو المطلوب لأجل النصر. في كل مرة يفشلون فيها ينثرون الاتهامات في كل صوب. لكن لا يوجد أي تبرير لإطلاق الصواريخ على عسقلان بعد سنة ونصف من بداية الحرب، التي في أثنائها قصفنا غزة من كل صوب. بنفس الشكل.
بغياب لجنة تحقيق، من السهل الادعاء بان "الآخرين هم دوما المذنبون في كل شيء. لكن لنثر الاتهامات أيضا لم يعد أي منطق. فليست فقط المستشارة القانونية الحالية بهرب ميارا هي إشكالية، بل والمستشار القانوني السابق أيضا افيحاي مندلبليت. ليس فقط رئيس الشباك الحالي لا ثقة به بل والسابق أيضا نداف ارغمان وسلفه أيضا يورام كوهن. البحث عن مذنبين من الداخل كطريقة حياة واختصاص في اتهام منفلت العقال للآخرين هو نهج سياسي للحصول على المقاعد. لكن كنهج إداري هو نهج فاسد لأنه لا يؤدي إلى هزيمة العدو. وهذا ما نراه في الميدان.
عندما يتم اجتياز هذا القدر الكبير من الخطوط الحمراء ولا يعود لأي فكرة أين يوجد الخط على الإطلاق، فإن الحياة تكون عمليا في حقل الغام. هذه أرض سائبة جد إشكالية، ولأجل التصدي فيها على مدى الزمن – مطلوب استراتيجيات مختلفة. البعض يحتج ويصرخ. بعض آخر ينقطع أو يدخل في عدم اكتراث. وبعض يحاول أن يتظاهر بان كل شيء على ما يرام بل وحتى خير، فما الذي حصل؟ بعض يصر على أن يبرر ويقول إنه لا حاجة للانتخابات لاجل تحريك إسرائيل من جديد. لكن معظم الإسرائيليين باتوا منذ الآن يفهمون جيدا بأن ليس لهم حقا طريق لوقف هذه الحكومة. فقد قادتنا إلى الأرض السائبة التي خلف الخطوط الحمراء. عندما نواصل السلوك بانفلات في داخل هذه الأرض السائبة سنرى في النهاية حتى أعضاء الحكومة سيدوسون على اللغم الذي دفنوه هم أنفسهم.
ان السلوك منفلت العقال لاعضاء الحكومة هو لعب بالنار بامن إسرائيل. بعضهم يعدون أنفسهم مسبقا ويتهمون المحكمة بانها اذا لم تسمح بإقالة رئيس الشباك دون اجراء سليم فإن النتائج الأمنية ستكون على مسؤوليتها. فهل حقا من الصعب جدا الاتفاق على موعد انتهاء في ظل إجراءات إقالة سليمة؟ لماذا لا يكون هذا خيارا من ناحيتهم؟
يبدو أنهم لا يحتاجون إلى "اليسار" ليلحق بهم الضرر، إذ بسلوكهم الذي يتطرف فقط يلحقون الضرر بأنفسهم. لقد اثبتت المعارضة الحالية نفسها بالفعل كخيار لا يوجد حقا، لكن في اللحظة التي تكون فيها انتخابات سنرى حراكات الخريطة السياسية. اليمين الليبرالي مفزوع من السلوك إذ لديه توجد خطوط حمراء وتوجد أخلاقيات.
والهدف لا يبرر كل الوسائل. حبذا لو كان يمكننا أن ننظف هذا التطرف مع كل تنظيفات الفصح. حتى لو لم تكن توجد عصا سحرية، فانه اذا كان واضحا لمعظم الإسرائيليين بأن هذا ما ينبغي له ان يحصل، فستوجد الطريق للتنفيذ. إذ لا حاجة حقا للاختيار: يوجد خيار لبديل سلطوي مسؤول، يميني ومستقيم. نحتاج ببساطة لأن نطالب به.
0 تعليق