منذ انطلاق سباق جائزة البحرين الكبرى لـ«الفورمولا1» عام 2004، شكّل هذا الحدث مناسبة وطنية لتأكيد مكانة ودور مملكة البحرين على خريطة الرياضة العالمية، إذ لم يعد هذا الحدث مجرد فعالية رياضية عالمية؛ بل نافذة مشرّعة تطل منها مملكة البحرين على العالم، لتبعث برسالتها الحضارية والثقافية والسياحية التي تعكس هويتها وتُبرز طموحاتها.
وعلى مدى أكثر من عقدين؛ تابعتُ كإعلامية ومهتمة بهذه الرياضة، هذا الحدث العالمي عن كثب، وما يتضمّنه من فعاليات ثقافية وفنية واجتماعية واقتصادية، حيث أثبت هذا السباق أنه ركيزة رئيسة في التنمية السياحية الرياضية، ومحفّز اقتصاديّ فاعل، ومنصة مثالية لإبراز الوجه المشرق للمملكة، بفضل ما يوليه من سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء من دعم واهتمام ومتابعة لأدق التفاصيل.
وليس من قبيل المصادفة أن تتحول البحرين إلى محطة دائمة ومفضّلة لعشاق «الفورمولا1» من مختلف أنحاء العالم، فقد عملت مختلف الجهات المعنية على تسويق السباق كجزء من تجربة سياحية متكاملة، حيث أطلقت هيئة البحرين للسياحة والمعارض حملات دولية ترويجية بالتعاون مع حلبة البحرين الدولية وطيران الخليج، أدت إلى بيع آلاف التذاكر، ولاسيما في دول الخليج وأوروبا، كما وفّرت باقات شاملة تجمع بين متعة السباق وسحر المواقع السياحية والثقافية، من آثار البحرين العريقة إلى جزيرة جرادة النقية.
لكن الأثر الأعمق لهذا الحدث يتجاوز الأرقام والإحصاءات، فكل مواطن ومقيم على أرض البحرين هو شريك في نجاح «الفورمولا 1»، من خلال الصورة الحضارية التي يعكسونها في ترحيبهم بالزوّار، وكرم الضيافة الذي يشعر به المشاركون في كل منطقة من المملكة.
هذه الروح البحرينية الأصيلة هي التي تترك الانطباع الأبقى في نفوس الضيوف، وتترجم جوهر الرسالة التي تبعثها البحرين إلى العالم؛ أننا بلد يفتح قلبه قبل أبوابه، ويستقبل العالم بثقافته وتاريخه وتقدمه.
ولاشك أن سباق جائزة البحرين الكبرى يُمثّل واجهة حضارية واستثماراً استراتيجياً في السياحة والاقتصاد، وعلامة على نضج البحرين في تنظيم الفعاليات العالمية، والنجاح المتواصل الذي تحققه المملكة في هذا المضمار إنما هو نتيجة تكاتف الجهات الرسمية والخاصة، وخلاصة تخطيط طويل الأمد ورؤية مستقبلية تترجمها استراتيجية السياحة (2022-2026) التي تضع الرياضة في قلب الجذب السياحي.
وفي ظل المشاركة الواسعة من الأسواق العالمية والدعوات الموجّهة إلى منظّمي السياحة في كبرى الدول، مثل ألمانيا وبريطانيا والصين، تستمر البحرين في توسيع حضورها الدولي، لتقول للعالم؛ هذه المملكة الصغيرة بمساحتها، كبيرة بطموحها، وغنية بتجاربها، وتنتظركم لتكتشفوا جمالها وكرمها وتنوعها الثقافي.
وبالتأكيد فإن سباق «الفورمولا 1» ليس مجرد حدث سنوي؛ بل هو رسالة البحرين للعالم، واحتفال مستمر بقدرة هذا الوطن على أن يجمع بين أصالة التاريخ وحداثة الحاضر، وأن يصنع من كل فعالية فرصة جديدة لتعزيز مكانته الدولية.
0 تعليق