وفي الواقع السعودي تُبذل جهود واسعة من قِبل مختلف الكيانات - الحكومية والخاصة على السواء - لإعداد استراتيجيات طموحة ومتكاملة. ورغم ذلك يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تحويل هذه الخطط من مجرد نصوص موثقة إلى نتائج واقعية قابلة للقياس، وهذه المعضلة ليست مقتصرة على الحالة المحلية، بل تؤكدها دراسات عالمية، من أبرزها دراسة كوربوي وأوكوربوي (1999-Corboy and O’Corrbui)، التي بيّنت أن حوالي 70% من الاستراتيجيات تفشل في مرحلة التطبيق، وأطلقت على الأسباب الأساسية لهذا الفشل «الخطايا السبع القاتلة»، وتتمثل هذه الأخطاء فيما يلي:
- صياغة استراتيجيات نظرية دون مراعاة قابلية التنفيذ الواقعية، ما يؤدي إلى هدر الجهود.
- الغموض في تحديد خطوات وآليات التطبيق العملي، الأمر الذي يحدث ارتباكا تنظيميا.
- القصور في إشراك الموظفين وأصحاب المصلحة في فهم الاستراتيجية، مما يقلل الدعم المؤسسي لها.
- عدم توزيع المسؤوليات والأدوار بشكل واضح، ما يسبب خللا في الأداء وفقدانا للمساءلة.
- ضعف المتابعة من القيادات العليا أثناء التطبيق، وهو ما يضعف الالتزام ويقلل فرص النجاح.
- التغافل عن العقبات الواقعية المحتملة وعدم الاستعداد لها بخطط طوارئ عملية.
- غياب التوازن بين العمليات التشغيلية اليومية والرؤية الاستراتيجية البعيدة، مما يؤدي إلى الانحراف عن المسار.
والكيانات السعودية في ظل طبيعتها الديناميكية والنمو المتسارع الذي تشهده، ليست بعيدة عن هذه المظاهر؛ إذ نلاحظ بوضوح أن العديد منها يعاني من تكرار هذه المشكلات، إما لضعف الوعي بآليات التطبيق الفعال، أو بسبب التباطؤ في اتخاذ القرارات الجريئة بحجة بعد النتائج أو عدم اكتمال الظروف المثالية.
ختاما، وفي ظل ما نعيشه اليوم من تحولات تنموية كبيرة تقودها رؤية المملكة 2030، وحرص القيادة الرشيدة على متابعة تنفيذ برامجها الطموحة، لم يعد تحقيق النجاح خيارا فرديا أو مؤسسيا، بل هو التزام وطني لا مندوحة عنه، ومن الحكمة أن تولي الجهات المسؤولة، وخاصة الحكومية، مرحلة التنفيذ القدر نفسه من العناية التي مُنحت للتخطيط، حيث إن التنفيذ المبكر والمتقن لا يضمن فقط تحقيق الأهداف، بل يجنب هدر الفرص، ويعزز الكفاءة وتقليل التكاليف، ويجعل الأثر أكثر رسوخا وواقعية.
AbdullahAlhadia@
0 تعليق