المقطع يدعي أن أحد الطلاب مشترك في دورة خاصة على قناة (تيليجرام)، للاستعداد للاختبار التحصيلي، وأنه يطلب من والده دفع مبلغ مئة وخمسين ريالا، ثم يخبر والده بأن عدد الطلبة المشتركين في الدرس نفسه يصلون إلى خمسين ألف طالب، وهذا بحسبة بسيطة يكشف لنا أن المدرس ينال ملايين من خلف ذلك الدرس!
والكارثة إن ثبتت، فالمدرس يدير أعماله من دولة عربية، وهو متخصص في مناهجنا وكل ما يهم أبنائنا وبناتنا من اختبارات تقوية ودروس فصلية وتدعيمية وسنوية، وله دعايات بين الطلبة يصعب تتبعها ومراقبتها، واكتشاف غش أعماله وتكاليفها.
تفاؤلا أشكك في أن يحدث ذلك، خصوصا في بلد مثل بلدنا، التي تفوقت في الأمن السيبراني حتى على أكثر الدول تقدما في التقنية والمراقبة المالية، ومحاربة الفساد والتلاعب، والتحايل على الضريبة المضافة، والتي لا يتم احتسابها هنا!
أنا أيضا أشكك في أن يتم ذلك بين أنظمة البنوك السعودية التي تسابق التطور، وتتمكن من تكوين الصورة الكاملة من وجود التحويلات المتكررة المريبة، مهما صغرت طالما أنها ترسل للشخص نفسه، ولو كان في بلاد الواق واق.
أنا أيضا أشكك أن وزارة التعليم غافلة عما يحدث، وأنها لا تستطيع متابعة طلابها، من ابتلوا بمثل هذه الاختبارات العجيبة، والتي كان من الممكن جعلها أجزاء من المنهج السنوي، فلا يكون على الطالب البحث في فضاءات الانترنت عن عاصم له مما يحدث له من رهبة وغموض، وبدء عمليات جني مستجدة للمعلومات، التي يبدو أنها نماذج مخزنة عند هذا المدرس وغيره، ممن احترفوا صنعة التلاعب بكل هيكلية نظامية وأمنية وتعليمية، وأصبح يجني أكثر من دخل كثير من المدارس الخاصة، ودون أن يبني مقرا، ولا أن يوظف طاقما تدريسيا، ولا أن يصرف قرشا على تسيير عمله الرهيب.
أنا هنا أظل أشكك، ولكني في الوقت نفسه أتمنى أن تخرج علينا إحدى الجهات المعنية بالمراقبة المالية، والفساد، والبنوك، وأن تطمئن قلوبنا على أننا لسنا عرضة لمثل عمليات النصب الموجهة على وطننا وأموالنا، من محتالين لا يخافون الله حتى في عقول صغارنا.
وفي حال أن وزارة التعليم ترفض المطالبات العقلانية بتمويع مثل هذه الامتحانات، وجعلها أجزاء من المنهج، فعلى الأقل نرتجي منها أن تحدد في كل مدرسة مدرسا سعوديا من أهل الخبرة، وأن تهبه وقتا مستقطعا، ولو لساعة كل شهر، حتى يقوم بتدريس الطلبة، في نور المدرسة، وبمصاريف رمزية، حتى نقطع على المحتالين ممرات فساد، وضغطا على أعصاب الصغار، وسرقة لأموال الأهالي.
الأمر خطير جدا، ويحتاج لقرار سيادي ووعي ومنهجية حاسمة يتم من خلالها إيقاف النزيف، وسرعة إصلاح أنظمة التعليم لدينا، وبالتعاون مع كل الجهات الرقابية، والميدان أمامنا، ومن المعيب أن يستطيع محتال متذاكٍ صنع ثروته من دمائنا، ودون أن نتحرك عزما لمنعه، وصد غيره، ومعاقبته بتتبع البنوك لتلك الحوالات، التي ومهما صغرت، تظل مؤلمة بقهر نتائجها.
shaheralnahari@
0 تعليق